[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ما هو سبب نزول سورة الروم من سور القرآن الكريم المكيّة، التي نزلتْ على رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، وعدد آياتها ستّون آية، وترتيبها في المصحف الشريف السورة الثلاثون، وقد نزلَتْ سورة الروم بعد سورة العنكبوت، وقبل سورة لقمان، وسُمّيت سورة الروم بهذا الاسم لأنّها تحدثت عن الروم في أول آياتها، ويدورُ محور سورة الروم بشكلٍ عامّ حول العقيدة الإسلاميّة والتوحيد، في هذا المقال سيتم ذكر مضامين سورة الروم، وذكر فضل سورة الروم.
مضامين سورة الروم
تتضمن سورة الروم الحديث عند عدّة قضايا في الإطار العام والخاص، وأهم هذه القضايا ما تُعنى به السور المكية بشكلٍ عام وهي: البعث والجزاء والرسالة ووحدانية الله تعالى، أما أهم مضامين سورة الروم فهي كما يأتي:
[١]
- التنبؤ بحدث من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وأخبر عنه بالقرآن الكريم قبل أن يحدث وهو: انتصار الروم على الفرس قريبًا في الحرب التي ستقع بينهم، وقد صدقت هذه النبوءة فعلًا.
- الحديث عن أحوال بني آدم يوم القيامة، وعند قدرة الله تعالى في إاعدة إحيائهم.
- ذكر الأدلة على وحدانية الله تعالى وقدرته على خلق البشر وإحيار الأرض بعد موتها بالمطر، وقدرته على خلق اختلافات الصور والألسنة، وإحياء الناس في منامهم ومقامهم.
- تضمّنت توبيخًا للمشركين على عبادتهم للأوثان وإشراكهم بالله تعالى وهو وحدة الرازق والخالف، وتضمنت أيضًا تشنيعًا بالمشركين، وذكرت الأسباب التي توجب البلاء والمحنة.
- ذِكر أمثال ةآيات من هلاك الأمم السابقة، وفيها تنبيه لقريش للاعتبار من مصير المكذبين والكافرين ممن سبقوهم، حيث أمرهم الله تعالى بالاستقامة وطاعة الله تعالى.
فضل سورة الروم
وردَ في فضل سورة الروم حديثان ثبتَ أنّهما من الأحاديث الموضوعة التي لا أساسَ لها من الصحّة، لذلك فإن فضل سورة الروم هو فضلٌ عامّ، مثل فضل جميع سور القرآن الكريم، وليس لها فضلٌ مخصص في قراءتها، أما فضل سورة الروم العام فلأنّها تحقّق العديد من المقاصد التي لا يفهمها إلا المؤمن، فهي تُعطي لقارئها جرعة إيمانية كبيرة، وأدلة على قدرة الله تعالى ووحدانيته وتفرده بعلم الغيب، كما تعطي أدلة على البعث والجزاء، وهذا يعني أن الله تعالى ينصر أولياءه في الدنيا والآخرة، ممّا يعطي شعورًا بالراحة والسكينة والاطمئنان للمؤمن الذي يتدبر في آيات سورة الروم ومعانيها. [٢]
سبب نزول سورة الروم
سببُ نزول سورة الروم هو أنّ كسرى بعث إلى الروم جيشًا كبيرًا، واستخدم عليهم رجلًا اسمه شهريراز، وقتل الكثير من الروم وقطع زيتونهم وعاث خرابًا في مدائنهم، وبلغ ذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام- والصحابة -رضوان الله عليهم-، فصعب عليهم هذا لأن الروم من أهل الكتاب، أمّا الفرس فهم من المجوس، وفرح كفار قريش بهذا وشمتوا بالروم وقالوا لأصحاب النبي -عليه السلام-: "إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم"، فأنزل الله تعالى: "غلبت الروم في أدنى الأرض" [٣]
سورة الروم
تعدُّ سورة الروم من السور المكية لأنها نزلتْ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة، وتُستثنى منها الآية 17 فهي مدنية، نزلت في المدينة المنورة، وترتيبها الثلاثون في المصحف، فهي تقع في الجزء الحادي والعشرين والحزب الحادي والأربعين، ويبلغ عدد آياتها 60 آية، ومن الجدير بالذكر أنّها نزلتْ بعد سورة الانشقاق، وقد تحدّثت عن العقيدة الإسلامية، وعالجتْ قضايا البعث والحساب والجزاء وغير ذلك، وهذا المقال سيتناول هذه السورة من محاورَ عدّة، كسبب التسمية والنزول وفضل هذه السورة.
سبب تسمية سورة الروم
إنّ كلمةَ الرومِ في لغة العرب مِن: رامَ الشَّيءَ، يرومُهُ إذا طلبه وقصده، وكلمة الروم هي اسمٌ لقومٍ من الأقوام وأمة من الأمم، يقال لهم الرُّوم والرومان وبنو الأصفر؛ لأنهم فعلًا من أولاد الأصفر بن روم بن عيصون بن إسحاق، وهم نسل سيّدنا إسحاق -عليه السَّلام-، وقد سُمّيتْ سورة الروم باسمهم لأنّها اشتملت -دون غيرها- على خبرٍ سياسيٍّ؛ وهو اقتتال الروم مع الفرس، وهما القوتان الأكبر في العالم في ذلك الوقت، وكانتا -كما هي عادة البشر في الدنيا- متقاتلتيْن، بينهما حروبٌ وسجال دائم، وكانَتْ الغلبةُ في تلك المرّة للفرس والفرس هم أهل فارس الذين يعبدون النار ويعتقدون أنّ النار آلهتهم، وخسرَ الرُّوم في تلك المعركة، والروم هم من أهل الكتاب، فهم نصارى على ملّة سيدنا المسيح -عليه السّلام- فذكر الله تعالى هذا الخبر المأساوي، وقدم للروم بشرى أنهم سيغلبون ولكن في مدّة لا تزيد عن تسع سنوات، وبعد سبع سنين من صدور هذه البشرى تحققت البشرى القرآنية والخبر القرآني بنصرة الروم، وانتصر الروم على الفرس، وسُمِّبت السورة تيمّنًا بهذه القصة التي رواها الله تعالى في حين قال: "الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" [١]. [٢].
سبب نزول سورة الروم
إنّ سورة الروم ليستْ من السور القصيرة في القرآن الكريم، لذلك يصعب حصر أسباب نزول آياتِها كلُّ آية على حدة، ولكن قد وردت قصص وروايات عديدة في سبب نزول آيات سورة الروم، ومن هذه الروايات:
- قال المفسّرون: بعث كسرى -عظيم الفرسِ- جيشًا إلى الرّوم، بقيادة رجلٍ يُسمَّى شهريراز، فسارَ بجيشِه لملاقاة الروم وظهر عليهم، فقتلهم، وخرَّبَ مدائنَهمْ وقطَّع زيتونَهم، وكانَ قيصر عظيم الرُّوم قد بعثَ رجلاً يُدعى يحنس، فالتقى مع جيش الفرس بقيادة شهريراز في بصرى، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب، فغلب جيش الفرس الرومَ وبلغ ذلك النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابَهُ في مكة المكرمة، فشقَّ ذلكَ عليهمْ، وكانَ النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلّم- يكرهُ أنْ يظهرَ الأمِّيُّون من الفرسِ على أهلِ الكتاب من الروم، وفِرحَ الكفَّارُ وشمتُوا، فلقُوا أصحاب النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقالوا: إنَّكم أهلُ كتابٍ والنصارى أهلُ كتاب، ونحنُ أمِّيُّون، وقدْ ظهرَ إخوانُنَا من أهلِ فارسَ على إخوانكم من الرّوم، وإنَّكم إنْ قاتلتمونَا لنظهرنَّ عليكُم، فأنزلَ الله تعالى قولَه: "غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" [١].
- ووردَ عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "لمَّا كانَ يوم بدرٍ ظهرتِ الرُّومُ على الفُرسِ، فأعجِبَ المؤمنونَ بذلكَ، فنزلتْ: "الم * غلبتِ الروم في أدنى الأرض" إلى قولهِ: "يفرح المؤمنون بنصر الله"، قالَ: يفرح المؤمنون بظهور الروم على الفرس"، والله تعالى أعلم. [٣].
فضل سورة الروم
يرجعُ فضل سورة الروم إلى أنّها كشفتِ الارتباطات الوثيقة بين أحوال الناس، وأحداث الحياة، وماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها، وسنن الكون ونواميس الوجود، وبيان أنّ كلَّ ما يدور في هذا العالم من حركات وسكنات وأفعال وأقوال مرتبطٌ ومحكوم بقانونٍ دقيق، وأنَّ مردَّ الأمر في هذا العالم لله تعالى، قال تعالى في محكم التنزيل: "لله الأمر من قبل ومن بعد"، [٤]، فالغلبةُ والنصرُ ليس لمجرّد وجود الأسباب وحدها، إِنَّما لا بدّ أن يقترن بها قضاء الله وقدره، وهذه هي الحقيقة الأولى التي يؤكّدها القرآن كلُّهُ، وقد حثّتْ آيات السورة على التمسّك بدين الإسلام فهو دين الصلاح والخير والحق، ولا يقبل الله لعبادِهِ دينًا غيرَهُ، فهو دين فطر الله الناس عليه، ومن ابتغى غيره دينًا، فقد حاول تبديل ما خلق الله، وأنّى له ذلك؛ إذ لا تبديلَ لخلق الله -سبحانه وتعالى-، وهذا واضحٌ لكلِّ مَن أبحرَ في تفسيرِها وشرحها، وسبرَ أغوارها. [٥].
أفندينا ♛ يعجبه هذا الموضوع