[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نبذه عن اهم مقاصد سورة الكوثر من قصار السور المكيّة، وهي من سور المفصَّل، نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل سورة التكاثر وبعد سورة العاديات، وعُدّت السورة الخامسة عشرة في ترتيب النزول والسورة الثامنة بعد المائة في ترتيب المصحف العثمانيّ، وتقع آياتها الثلاث لتكونَ أقصر سورةٍ في القرآن الكريم في الربع الثامن من الحزب الستين من الجزء الثلاثين، وتخلو السورة من لفظ الجلالة، ووجهُ التسمية هو ورودُ كلمة الكوثر في آياتها وهو أحدُ أنهار الجنة، وهذا المقال يسلط الضوء على فضل سورة الكوثر.
مضامين سورة الكوثر
سورة الكوثر كغيرها من السور المكية التي تعنى بالحثّ على عبادة الله وحدَه وصرف أشكال العبادة كافّة له وحده من خلال توجيه الخطاب للنبي والأمر عامٌّ للمسلمين كافّة، كما تضمّنت السورة واحدةً من النِّعم التي امتنّ الله بها على نبيه في الآخرة وهو نهر الكوثر أحد أنهار الجنة كما جاء في الحديث الصحيح في قوله تعالى: "إنا أعطيناك الكوثر"[١] أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"هو نهرٌ في الجنةِ قال: فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- رأيتُ نهرًا في الجنةِ حافَّتيْه قبابُ اللؤلؤِ قلت: ما هذا يا جبرائيلُ؟ قال: هذا الكوثرُ الذي أعطاكَه اللهُ" [٢] إلى جانب الخير الكثير الذي أعطاه إياه في الدنيا والآخرة.
كما تضمنت السورة توجيه الخطاب إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بوجوب شُكر الله تعالى على نعمه عن طريق المواظبة على أداء الصلاة والنحر لله -ذبح ونحر الأنعام- سواءً الأضحية أو النذر أو العقيقة؛ فالذبح يُحرًّم تقديمه لغير الله، كما أخبر الله تعالى أنّ كل من انتقص الرسول وأبغضه وأبغض كل ما جاء به من الحق والهدى هو الأبتر أي الذي لا ولد له من صُلبه. [٣][٤]
فضل سورة الكوثر
لم يصح حديثٌ في فضل سورة الكوثر ولكن ما صحّ في فضل سورة الكوثر استبشار الرسول بها وتبشير أصحابه كما جاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه-:"أغْفَي رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إغفاءةً، فرفعَ رأسَه مُتَبَسِّمًا فإما قال لهم، وإما قالوا له: يا رسولَ اللهِ لم ضحكتَ؟ فقال: إنه أُنزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌK فقرأَ بسم الله الرحمن الرحيم "إنا أعطيناك الكوثرَ" [١] حتى ختمَها فلما قرأها قال: هل تدرُون ما الكوثرُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: فإنه نهرٌ وعدنِيه ربِّي عز وجل في الجنةِ، وعليه خيرٌ كثيرٌ، عليه حوضٌ ترِدُ عليه أمتِي يومَ القيامةِ، آنِيَتُه عددُ الكواكبِ" [٥]، أما ما جاء في فضل سورة الكوثر وأنّ قراءتها ألف مرةٍ في ليلة الجمعة لا أساس له من الصحة. [٦][٧]
ما هو الكوثر
ذكر أهل التفسير والعلم في كتب التفسير عدة معانٍ للكوثر في الشرع أما في اللغة العربية فالكوثر صفة مبالغة للتدليل على الكثرة في الشيء معنويًّا وماديًّا، وفي الشرع قال أهل العلم الكوثر هو:[٨]
مقاصد السور
يعتبر أهل التفسير أنّ علم مقاصد السور هو السبيل الصحيح للتعرف على الهدف الأساسي الذي يقصده الله -جلّ وعلا- في سور القرآن الكريم، وهو تحقيقٌ لمبدأ التدبر والتفكر أثناء القراءة وهو ما أمر الله -تعالى- المسلمين به في قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً}[١]، فالترتيل هو القراءة مع التفكر والبحث عن بيان ومقصد كل آيةٍ من آيات القرآن الكريم ودراستها دراسةً كاملة لفهم معناها والغرض من تنزيلها والأخذ بها واتباع أحكامها وهو ما يُعنى به علم مقاصد السور، وسيكون المقال الآتي عن بيان مقاصد سورة الكوثر.[٢]
سورة الكوثر
تُعتبر سورة الكوثر أقصر سورة في القرآن الكريم إذ أنّها تتألف من ثلاث آياتٍ فقط وعدد كلماتها اثنان وأربعون كلمة، رقمها بين ترتيب السور مائة وثمانية وهي في الجزء الأخير من القرآن الكريم البالغ عدد سوره مائة وأربعة عشر سورة، تسبقها سورة الماعون وتليها سورة الكافرون، أمّا في وقت نزولها فهي السورة الخامسة عشر فهي تُعتبر من أوائل السور نزولًا، واختلف أهل العلم في مكان نزولها فمنهم من قال أنّها مكيّة -أي نزلت في مكة المكرمة- ومنهم من قال بأنّها مدنيّة -أي نزلت في المدينة المنورة-، ويرجع سبب تسميتها لأنّ الله -جلّ وعلا- بشّر نبيه الكريم فيها بأن أعطاه الكوثر، والكوثر هو نهرٌ في الجنة وقد جاء عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال في وصفه: " الكَوْثَرُ نهرٌ في الجنةِ حافَتَاهُ من ذهبٍ ومَجْرَاهُ على الدُّرِّ والياقوتِ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ من المِسْكِ وماؤُهُ أَحْلَى من العَسَلِ وأَبْيَضُ من الثَّلْجِ"[٣]، وسيأتي الحديث عن مقاصد سورة الكوثر وسبب نزولها.[٤]
سبب نزول سورة الكوثر
يستند علم قاصد السور في شكلٍ رئيسي على أسباب نزول السور، وضمن دراسة مقاصد سورة الكوثر يذكر أهل التفسير عن ابن عباس أنّه قال في سبب نزولها أنّها نزلت لأنّ أحد المشركين ويقال له "العاص بن وائل" كان ينعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "بالأبتر"، وقد كان العرب في القديم يلقبون الرجل الذي لم يُرزق بالذكور أو أنّه رُزق بالبنات والبنين ثم مات أبناؤه الذكور بالأبتر، فكان العاص كلّما مرّ بالنبي الكريم ينعته بهذا اللقب، وكان عندما يلتقيه يقول له إني لأشنؤك -أي أبغضك- فنزل قوله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر}[٥]، بإشارة منه -جلّ وعلا- أن "العاص" مبغضك هو المحروم من خير الدنيا والآخرة.[٦]
مقاصد سورة الكوثر
عند الحديث عن مقاصد سورة الكوثر يتبيّن أنّ أعظم مقاصدها كان تفضيل أمر الآخرة على أمر الدنيا وكان في مضمون رسالتها للنبيّ الكريم -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الله سيعوضه في الجنة عن حرمانه للذكور وبأنّه أعطاه -جلّ وعلا- الكوثر، فقد ابتدأت السورة الكريمة بقوله -تعالى-: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[٧]، والكوثر في اللغة العربية هو الخير الكثير الوفير، أمّا في الآخرة فهو كما ذُكر سابقًا اسم نهرٍ في الجنة، وقصد -جلّ وعلا- من الإعطاء أي التمليك فقد ملّك نبيّه نهر الكوثر تعويضًا له على حرمانه في الدنيا.[٨]
ويأتي المقصد الثاني من مقاصد سورة الكوثر بأنّ كلّ شيءٍ يقدمه الله -جلّ وعلا- لعباده يستحق العطاء والصلاة والشكر، فقد أمر نبيّه -عليه الصلاة والسلام- بأن يصلي لله شكرًا وينحر تقربًا من الله وشكرًا على عطاءه ونعمه، قال -تعالى-: { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[٩]، وقد جمع -سبحانه وتعالى- في طلبه هذا من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين النفع الشخصي بالصلاة والدعاء لله -تعالى-، وبين النفع العام الذي يكون بالنحر -أي الذبح- والذي يكون بتوزيع الطعام على الفقراء والمساكين، ويعتبر هذا مقصدًا من مقاصد سورة الكوثر.[٨]
ومن مقاصد سورة الكوثر أنّها كانت بمثابة دعمٍ معنويّ من الله -جلّ وعلا- للرسول الكريم ورفعًا لشأنه أمام صحابته ومن حوله من المسلمين، وذلك بأنّ الله وعده خيرًا في جنان الخلد وتوعد لمبغضه ومن نعته بكلماتٍ تقلل من شأنه بأنّه هو الأبتر المحروم من خيري الدنيا والآخرة فالأبتر في أصل اللغة العربية هو مقطوع الذنب وفي سورة الكوثر جاء بمعنى مقطوع الخير، وذلك في قوله -تعالى-: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر}[١٠]، ومن المقاصد التي تتبين من مقاصد سورة الكوثر بأنّها تؤكد على أنّ كلّ شانئ ومبغضٍ لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- فبأيّ زمن أتى من يبغض رسول الله فإنه أبترٌ مقطوع الخير في الدنيا والآخرة.[٨]
فضل النحر لوجه الله
كما تبيّن سابقًا أنّ أحد أهم مقاصد سورة الكوثر هي حثّ المسلمين على النحر أو الذبح لوجه الله تعالى تعبيرًا عن الشكر على نعمه التي أنعم بها على المسلمين، وقد أجمع أهل العلم أنّ الذبح لوجه الله هو من أفضل العبادات التي يبذل فيها الإنسان من ماله ويطعم الفقراء والمساكين ابتغاء مرضاة الله، فبالإضافة إلى التقرب من الله بالصلاة والعبادة شرع الله -تعالى- أمر النحر، وبهذا يهتم المرء بعبادته وتقربه من الله ويقوم بتوزيع الصدقات وإطعام الفقراء قاصدًا شكر الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد حذّر أهل العلم من أمر النحر لغير وجه الله فإنّه يُعتبر نوعًا من أنواع الشرك -والعياذ بالله- لذا يجب على من أراد النحر إخلاص النيّة لوجه الله -تبارك وتعالى- وأن تكون غايته شكره والثناء عليه على نعمه العظيمة.[١١]
---------------
المراجع
1↑ سورة المزمل، آية: 04.
3↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 3361، حسن صحيح .
5↑ سورة الكوثر، آية: 01-03.
7↑ سورة الكوثر، آية: 01.
9↑ سورة الكوثر، آية: 02.
10↑ سورة الكوثر، آية: 03.