موضوع: معنى القضاء والكفارة الجمعة ديسمبر 18, 2020 8:02 pm
معلومات عن الشروط التي يجب فيها القضاء أمرنا الله عزوجل بالقيام بالعديد من العبادات كإقامة الصلاة في وقتها، وصيام رمضان، وإيتاء الزكاة، والحج، التي تعتبر جميعها من أركان الإسلام، لكن في بعض الأحيان قد لا يستطيع العديد من الأشخاص القيام بهذه العبادات إما بسبب عذر شرعي، ومنهم من لا يقوم بها دون أي عذر، لذا ظهر مفهومي الكفارة والقضاء، فما المقصود بالكفارة والقضاء؟
مفهوم الكفارة
الكفارة لغةً: جمعها كفارات، مأخوذة من الكَفر، أي الستر، فهي تغطّي الذنب وتستره، وهي اسم من كفر الله عنه الذنب أي محاه، فسميت الكفارة بهذا الإسم لأنها تكفر عن الذنب أي تغطيه وتستره.
أما الكفارة اصطلاحاً: فهي ما يكفر به المسلم عن ذنبه من صدقة أو صوم أو عتق رقبة أو إطعام المساكين.
أنواع الكفارات
والكفارات في الإسلام هي خمس كفارات، وهي:
كفارة اليمين : ويقوم الإنسان بالكفارة عن يمينه في حال حنث في يمينه، أي أخلف ولم يفي به، وتكون كفارة الحنث في اليمين كالتالي:
إطعام أو كسوة عشرة مساكين.
عتق رقبة.
وإذا كان الحانث في يمينه لا يستطيع إطعام أو كسوة عشرة مساكين فعليه بصيام ثلاثة أيام.
كفارة الظهار: والظهار هو أن يقول الرجل لزوجته " أنتي علي كظهر أمي" أو نحو ذلك، وتكون كفارة الظهار كالآتي:
في البداية عليه بعتق رقبة، فإن لم يستطع فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً، وكل هذه الأعمال يجب أن تكون متتابعة، وقبل أن يحدث جماع بين الرجل وزوجته.
كفارة القتل : وتكون هذه الكفارة كما يلي: عليه بعتق رقبة، وفي حال لم يجد فعليه بصيام شهرين متتابعين،
كفارة الجماع في نهار رمضان : وهذه الكفارة مماثلة لكفارة الظهار.
كفارة الإفطار المتعمد في شهر رمضان.
القضاء
القضاء هو قيام المسلم بأحد العبادات في غير وقتها، والتي لم يستطع تأديتها في وقتها المحدد بسبب عذر شرعي معين.
الحالات التي يتم فيها القضاء
السفر : في حال كان الشخص مسافراً يجوز له أن يفطر في رمضان ومن ثم توجب عليه صيام الأيام التي أفطرها بعد شهر رمضان، وكذلك الأمر بالنسبة للشخص المريض بحيث يكون مرضه شديد لا يمكنه من الصيام، فكما جاء في قوله تعالى : " أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ".
كما يجوز للحائض والنفساء الإفطار في شهر رمضان، والحامل والمرضع التي قد يؤثر الصيام على صحة مولودها.
أما بالنسبة للصلاة فإنه على المسلم قضائها في حال فاته وقتها، وذلك في حال كان نائماً أو غائباً عن الوعي أثناء وقت الصلاة ولم يستيقظ إلا بعد إنتهاء وقتها، وكذلك بالنسبة لمن نسي موعد الصلاة وفاته وقتها فعليه قضائها فور تذكر ذلك.
قضاء الصيام
اتّفق العلماء على وجوب قضاء المسلم للأيّام التي أفطرها في شهر رمضان؛ سواءً كان الفِطْر بسبب عذرٍ شرعيٍ، كالسفر، والمرض، والحيض، أو دون عذرٍ شرعيٍ -مع ترتُّب الإثم عليه-، والأفضل التعجيل في القضاء؛ إسقاطاً للواجب، وإبراءً للذمّة، مع الإشارة إلى أنّ وقت القضاء يبدأ بعد انتهاء رمضان، أمّا تأخير القضاء إلى حين دخول رمضان آخرٍ؛ فجمهور أهل العلم ذهبوا إلى وجوب القضاء مع الفدية، بل ذهب الشافعيّة إلى تكرار الفِدية بتكرار الأعوام، وخالف الحنفية في ذلك؛ فقالوا بعدم وجوب الفِدية
بتأخير القضاء، ولو دخل رمضان آخر، ولا يلزمه سوى القضاء.[١]
كيفيّة قضاء الصيام
وقت قضاء الصيام
يقضي المسلم الأيّام التي أفطرها من رمضان في الوقت الذي يُباح فيه التطوُّع بالصيام؛ فكلّ وقتٍ أُبيح فيه الصيام تطوُّعاً، أُبيح صيام القضاء فيه، ومن ذلك جواز القضاء يوم الشكّ؛ لصحّة التطوُّع فيه، وعلى ذلك لا يصحّ قضاء الصيام في الأيّام المَنهيّ عن صيامها، كأيّام العيد، أمّا القضاء في وقت الصيام الواجب، كالقضاء في أيّامٍ مُحدَّدةٍ نَذراً، فقد اختلف العلماء في حُكمه، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:[٢]
القول الأوّل: قال الشافعيّة، والمالكيّة بعدم جواز القضاء وقت صيام النَّذْر؛ لتحديد تلك الأيام بنيّة النَّذر.
القول الثّاني: قال الحنفيّة، والحنابلة بصحّة قضاء الصيام في أيّام النَّذر، وقال الحنفيّة بوجوب قضاء النَّذر.
كما تعدّدت مذاهب أهل الفقه في حُكم القضاء في رمضان الحاضر، وبيان المسألة فيما يأتي:[٢]
القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الشافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة بعدم صحّة القضاء في رمضان الحاضر؛ لأنّ النيّة مُحدَّدةٌ لصيام وأداء رمضان الحاضر.
القول الثاني: خالف الحنفيّة جمهور العلماء؛ فقالوا بصحّة القضاء في رمضان الحاضر، ولكنّ الصيام يُجزئ عن رمضان الحاضر لا عن القضاء؛ لأنّ الوقت مُحدّدٌ شرعاً برمضان الحاضر، ولا يلزم فيه تعيين النية.
حُكم التتابُع في قضاء الصيام
التتابُع لفظٌ يدلّ على وقوع الأمور وحدوثها بعضها خلف بعضٍ، بحيث تكون على إثر بعضٍ دون قَطعٍ، ويُعرَّف التتابع في الصيام بأنّه: الاستمرار فيه يوماً تِلو آخر دون قَطعها بالفِطْر،[٣] وقد اتّفق جمهور أهل العلم في حُكم التتابُع في قضاء الصيام، وفيما يأتي تفصيل لرأي كلّ مذهبٍ:
الشافعيّة: قالوا بجواز التفريق في قضاء الصيام، وعدم وجوب التتابُع، إلّا أنّه يُستحَبّ؛ استدلالاً بقول الله -تعالى-: (فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[٤] ووجه الاستدلال من الآية أنّها لم تذكر التتابُع، وعليه فلا يُشترَط، كما تضمّنت الآية تقليل العدد، وإثبات التخيير.[٥][٦]
الحنفيّة: قالوا بجواز قضاء الأيّام التي أفطرها المسلم في رمضان بشكلٍ مُتتابعٍ، أو مُتفرّقٍ، مع تفضيل التتابع؛ استدلالاً بالحديث النبويّ: (سُئِلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تقطيعِ قضاءِ رمضانَ، فقال: ذلك إليكَ، أرأيتَ لو كان على أحدِكم دَينٌ قضَى الدِّرهمَ والدِّرهمَينِ، ألَم يكُنْ ذلك قضاءً؟ فاللهُ أحقُّ أنْ يعفُوَ ويغفِرَ).[٧][٨][٩]
المالكيّة: قالوا بأنّ التتابُع في قضاء الصيام مندوبٌ، كتعجيل القضاء.[١٠]
الحنابلة: قالوا بجواز قضاء الصيام بشكلّ مُتفرّقٍ دون تتابعٍ، وإن كان التتابُع مُستَحبّاً، وقد استدلّوا بِما رُوِي عن محمد بن المنكدر أنّه قال: (سُئِلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تقطيعِ قضاءِ رمضانَ، فقال: ذلك إليكَ، أرأيتَ لو كان على أحدِكم دَينٌ قضَى الدِّرهمَ والدِّرهمَينِ، ألَم يكُنْ ذلك قضاءً؟ فاللهُ أحقُّ أنْ يعفُوَ ويغفِرَ).[٧][١١][١٢]
حُكم الفوريّة في قضاء الصيام
يُشير لفظ الفور إلى أداء الأعمال في أوقاتها الأولى قدر الإمكان، وبذلك لا يترتّب أيّ ذمٍّ على التأخير،[١٣] وحكم قضاء الصيام على الفور محلّ اتفاق بين جمهور أهل العلم، وفيما يأتي تفصيل آرائهم في المسألة وأدلتها:
الشافعيّة: قالوا بعدم وجوب القضاء على الفور، وإنّما يُستحَبّ التعجيل والمبادرة إليه؛ إبراءً للذمّة، ويجب فوراً إن كان الإفطار في رمضان بغير عُذرٍ.[١٤]
الحنفيّة: قالوا بعدم وجوب قضاء الصيام على الفور؛ استدلالاً بجواز صيام التطوُّع قبل صيام القضاء، فلو وجب القضاء على الفور لَما أُجِيز التطوُّع قبله، باعتبار عدم جواز تأخير الأمر الواجب عن وقته المُضيّق.[١٥]
المالكيّة: قال البعض منهم بوجوب القضاء فوراً، وعدم جواز التأخير، ورُوِي عنهم أيضاً القول بعدم وجوب القضاء على الفور، وجواز تأخيره إلى شهر شعبان، وتحريم تأخيره إلى ما بعد شعبان، وذكر ابن عرفة في ذلك ثلاثة أقوالٍ؛ الأوّل: وجوب القضاء على الفور، والثاني: أنّه على التراخي إلى ما قبل حلول رمضان آخر، مع شرط توفُّر السلامة من أيّ عارضٍ، والثالث: أنّه على التراخي إلى حين بقاء أيّامٍ بعدد أيام القضاء قبل حلول رمضان آخر،[١٦] وقال الإمام مالك بأنّ التعجيل في القضاء مندوبٌ، وليس واجباً، فإن مات المسلم ولم يقضِ ما عليه، فإنّه لا يُؤاخَذ بذلك؛ لعدم وجوب التعجيل في القضاء.[١٠]
الحنابلة: قالوا بعدم وجوب قضاء الصيام على الفور، ويجوز تأجيل القضاء ما لم يأتِ رمضان آخر، واستدلّوا على ذلك بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَ إلَّا في شَعْبَانَ).[١٧][١٨]