أحياناً كتاب واحد كفيل بأن يُغيّر نظرتك للحياة بشكل كبير جداً.. وهذا ما وجدته في هذا الكتاب (الإنسان يبحث عن المعنى) مؤلف هذا الكتاب طبيب أمراض عصبية ونفسية وهو الدكتور فيكتور فرانكل الناجي من محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية ومؤسس علم النفس الوجودي ، يحكي قصة تجربته الإنسانية ويصف معاناة الجوع والبرد والقسوة وتوقع الإبادة في كل ساعة في المعتقل ، والفترة التي قضاها فرانكل بين عام 1942 و 1945 في أربع معتقلات نازية مختلفة من ضمنها معتقل الآشويتز الشهير وهو من أشد المعتقلات النازية شراسة حيث يحتوي على غرف الإعدام بالغاز ، ومحرقات الجثث والمذابح، وخلال الاعتقال قُتل جميع أفراد أسرته بطريقة وحشية باستثناء أخته التي نجت بأعجوبة، ولم يكن فرانكل يعلم بذلك وهو في المعتقل.
الكتاب مقسم لثلاثة أجزاء:
1) القسم الأول يتحدث بالتفصيل عن قصته في المعتقلات النازية ويصف ما عاشه هو ورفاقه داخل السجون. في هذا القسم فقرة جميلة عنوانها : "خلاص الإنسان هو من خلال الحب وفي الحب" حيث يقول فرانكل الحقيقة أنّ الحب هو الهدف الأسمى الذي يمكن أن يطمع إليه الإنسان.
2) القسم الثاني يتحدث عن المبادئ الأساسية للعلاج بالمعنى حيث يذكر فيه أنّ سعي الإنسان إلى البحث عن معنى هو قوة أولية في حياته. ويذكر في هذا القسم أيضاً عن (الفراغ الوجودي) حيث يقول: أنّ الإنسان إذا وجد في حياته فراغاً كبيراً فإنّ ذلك يقوده إلى الملل وبالتالي سيملأ هذا الفراغ بإرادة القوة أو اللذة وهما بعيدان عن معنى الحياة الأساسي. وفي هذا القسم فقرة رائعة عن 3طرق تمكننا من كشف معنى الحياة وهي: 1) الإتيان بفعل وعمل (الإنجاز والتحقيق) 2) أن نخبر قيمة من القيم ( يتحدث عن معنى الحب) 3)أن تعيش حالة المعاناة (معنى المعاناة)
3) القسم الثالث يتحدث عن التسامي بالذات أي محاولة جعل الإنسان يسمو بذاته ، وكأنّ فرانكل يريد أن يجعل كل شخص يرى المعنى في حياته حتى المعاناة ، فقد لا يمكننا تجنب المعاناة لكنّ الأمر يعود إلينا في أن نختار كيف نتأقلم ونتعامل معه عن طريق البحث عن المعنى في هذه المعاناة ويقتبس ذلك من نيتشه ويقول : " من يجد سبباً للعيش من أجله ، يمكنه تحمل تقريباً أي شيء من أجل هذا السبب "