موضوع: حكم مقولة: إن اللّه في كل مكان الثلاثاء مايو 12, 2020 6:01 pm
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
ذُكرت قصَّةٌ في إحدى الإذاعات تقول: إنَّ ولدًا سأل أباه عن الله فأجاب الأب بأنَّ الله موجودٌ في كلِّ مكان.. السؤال: ما الحكمُ الشَّرعيُّ في مثل هذا الجواب؟
الجواب: هذا الجواب باطلٌ، وهو من كلام أهل البدع من الجهمية والمعتزلة ومن سار في ركابهما والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة: أنَّ الله سبحانه في السماء، فوق العرش، فوق جميع خلقه، وعلمه في كلِّ مكان، كما دلَّتْ عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإجماع سلف الأمة كما قال عزَّ وجلَّ: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعـرَاف: 54]، وكرر ذلك سبحانه في ستِّ آياتٍ أخرى من كتابه العظيم.
ومعنى الاستواء عند أهل السنة: هو العلو والارتفاع فوق العرش على الوجه الذي يليق بجلال الله سبحانه لا يعلم كيفيته سواه، كما قال مالك - رحمه الله - لما سُئل عن ذلك: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة»[1]، ومراده - رحمه الله - السؤال عن كيفيته.
وهذا المعنى جاء عن شيخه: ربيعة بن أبي عبدالرحمن، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها، وهو قول جميع أهل السنة من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أئمة الإسلام. وقد أخبر الله سبحانه في آيات أخر أنه في السماء، وأنه في العلو قال سبحانه: ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غـَـافر: 12] وقال عز وجل: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [فَـاطِـر: 10] وقال سبحانه: ﴿ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البَقـَـرَة: 255] وقال عز وجل: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴾ [المـُـلك: 16، 17]. ففي آيات كثيرة من كتاب الله الكريم صرّح سبحانه أنه في السماء، وأنه في العلو، وذلك موافق لما دلّت عليه آيات الاستواء. وبذلك يُعلم أن قول أهل البدع بأن الله سبحانه موجود في كل مكان من أبطل الباطل وهو مذهب الحلولية المبتدعة الضالة؛ بل هو كفر وضلال وتكذيب لله سبحانه، وتكذيب لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما صحَّ عنه من كون ربه في السماء - مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «أَلا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ؟!»[2]. وكما جاء في أحاديث الإسراء والمعراج وغيرها.
المفتي: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - «مجلة الدعوة»: عدد (1288)
[1] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (3 /25، 58، 67). [2] البخاري (4351)، ومسلم (1064) - (144 ).