[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تعرف على اهم اعمال أبي جعفر المنصور الدولة العباسية هي ثالث الخلافات الإسلامية في التاريخ الإسلامي، وتُعدُّ ثاني السلالات الإسلامية التي حكمت بلاد المسلمين بعد سلالة بني أمية الذين عُرفوا باسم الأمويين، وقد استفردَ العباسيون بالخلافة الإسلامية بعد أن تمكَّنوا من إزاحة بني أمية عن الحكم وقضوا على كلِّ أفراد السلالة الأموية الحاكمة قبلهم، ويرجع العباسيون في نسبهم إلى عمِّ رسول الله العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وكان أوَّل خلفاء العباسيين عبد الله بن محمد بأبي العباس السفَّاح ثمَّ جاء بعده أبو جعفر المنصور الذي سيتمُّ تسليط الضوء عليه من جوانب عدَّة في هذا المقال.[١]
أبو جعفر المنصور
أبو جعفر المنصور هو المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس المولود سنة 95 للهجرة أي ما يوافق عام 712م، وهو ثاني خلفاء العباسيين بعد أبي العباس السفَّاح، وهو المعروف بأنَّه أقوى خلفاء بني العباس وأفحلهم، ولد أبو جعفر المنصور في قرية الحميمة في جنوب بلاد الشام وكان فصيح اللسان عالمًا بسِيَرِ العرب وأخبارهم، شديد الاهتمام بالشعر والأدب، وقد كان لوالده الفضل الأكبر في قيام الدعوة العباسية التي نادتْ بأحقيَّة العباسيين بالخلاقة الإسلامية، وحين نجحتْ دعوة بني العباس وتمَّتِ الإطاحة بحكم الأمويين كان أبو جعفر ثاني الخلفاء حيث استلم الخلافة العباسية عام 136 هجرية وكان عمره واحدًا وأربعين عامًا.[٢]
بعد أن استلم المنصور خلافة المسلمين كان همُّه الأكبر أن يمكِّنَ حكم بني العباس ويتخلَّص من كلِّ أعدائهم، ويقف في وجه أي عدُّو يهدد استقرارهم، فتمكَّن المنصور من القضاء على مجموعة من الثورات التي قامت مناهضة لحكمه، كثورة سُنباذ وثورات الخوارج وثورة محمد النفس الزكية وثورة كافر خراسان وغيرها، وقد استمرَّ المنصور في خلافة المسلمين حتَّى وفاته في منطقة البطن حيث كان ذاهبًا لأداء فريضة الحج عام 775م ودُفن أبو جعفر المنصور بين الحجون وبين بئر ميمون، والله تعالى أعلم.[٢]
وفاة أبي جعفر المنصور
بعد الحديث عن الخلفية العباسي الثاني أبي جعفر المنصور، لا بدَّ من تسليط الضوء على قصة وفاته، وتذكر الروايات إنَّ أبا جعفر المنصور كان متجهًا إلى الحج عام 158 هجرية وهو العام الذي يوافق عام 775م، وكان المنصور قد أوصى ابنه المهدي بإعطاء الناس حقوقها وأرزاقها وأوصاه بالإحسان إلى الناس وبحفظ حدود الدولة وأوصاه بسداد دين كان عليه، وفي طريقه إلى الحج مرض المنصور مرضًا شديدًا، فنزل المنصور في قرية فقرأ على أحد جدرانها بيتين من الشعر قيل فيهما:
أبا جعفر حانت وفاتكَ وانقضتْ
سنوك وأمرُ اللهِ لا بدَّ واقِعُ
أبا جعفر هل كاهنٌ أو منجمٌ
لك اليوم من حرِّ المنيةِ مانعُ؟
فعلم أبو جعفر المنصور بأنَّه مودِّع، فكتب لابنه المهدي المزيد من الوصايا، وقد وافته المنية على أبواب مكَّة قبل أن يدخلها، عام 158 هجرية الموافق لعام 775م، والله أعلم.[٣]
الدولة العباسية
الدولة العباسية هي ثاني سلالة عربية تحكم العالم الإسلامي بعد الأمويين، حيثُ حكمت من عام 750م حتّى عام 1258م، إلّا أنها بقيَت خلافة رمزية تحت وصاية المماليك حتى عام 1517م، يرجعُ أصل السلالة إلى عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العباس بن عبد المطلب، حيثُ تمكَّن أبو العباس السفاح من القضاء على الأمويين وجميع مظاهر حكمهم، وقام بمساعدة أخيه أبي جعفر المنصور بالإجراءات اللازمة لفرض قوة العباسيين وسلطتهم، بلغت أوج قوتها في عهد هارون الرشيد وفي عهد ابنه المأمون، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول أهم أعمال أبي جعفر المنصور.[١]
قيام الدولة العباسية
بعدَ أن ضربَ الضعفُ والوهن في مفاصل الدولة الأموية بعد وفاة هشام بن عبد الملك وهو عاشر خلفاء بني أمية عام 743م، جاء من بعده أربعة خلفاء جميعهم ضعفاء لم يتمكن أحد منهم من إعادة هيبة الدولة وقوتها، وكانت هذه الفترة قد شهدت انقسامات داخلية عنيفة وتراجع الوضع الاقتصادي واشتعال الحروب الداخلية، وهذا ما ساعد الحركات السياسية والدينية على التحرُّك، وقد كانت تنتشر في المناطق البعيدة عن مركز الدولة في دمشق، وكانت أعظم حركتين هما الداعية إلى حكم آل البيت وكان الأمويون قد قتلوا رموزها على طول الفترة التي مضَت كلما قامت لهم ثورة، أما الثانية فهي الداعية لحكم أبناء العباس بن عبد المطلب، وعملت هذه الحركة على تطوير نفسها وقوتها واستقطاب الأتباع سرًّا حتى تحين اللحظة المناسبة. [٢]
وقد بدأ هذه الدعوة العباسية والد أبي جعفر المنصور الذي يدعى محمد بن علي وعند وفاته عهد لابنه إبراهيم الإمام بمتابعة الدعوة الذي سجنه آخر خليفة أموي حتى وفاته فاستلم من بعده أبوالعباس السفاح الذي أرسل أبو مسلم الخراساني لأخذ البيعة له في خراسان وقضى على الوالي الأموي، ثمَّ جاء إلى الكوفة وأخذ البيعة من أهلها والتقى في شمال العراق مع الجيش الأموي فهزمه ولاحق فلوله وفتح دمشق ومصرودانت له الدولة الإسلامية، وكانت تلك بداية الدولة العباسية، وقد عُدّت هذه الحركة ثورة دينيّة سياسيّة اقتصاديّة.[٢]
أبو جعفر المنصور
قبل الحديث عن أهم أعمال أبي جعفر المنصور لا بدَّ من ذكر لمحة عنه، فهو ثاني خلفاء بني العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قرشيٌّ من بني هاشم، ولدَ أبو جعفر المنصور عام 714م في مدينة الحميمة التي أقام فيها والده أثناء دعوته السرية والتي تقع في منطقة البلقاء جنوب المملكة الأردينة ونشأ فيها، انتقلَ بعد ذلك إلى مدينة الكوفة مع عائلته بعد أن أُلقيَ القبض على أخيه إبراهيم الإمام من قبل مروان بن محمد، وهو الخليفة رقم عشرون بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعدُّ المؤسس الفعلي للدولة العباسية، أُخذَت له البيعة بالخلافة بعد وفاة أخيه أبي العباس السفاح في عام 754م، ورغمَ أنَّ السفاح كان أصغر سنًّا منه إلا أنه استلم الخلافة قبله استجابةً لوصيةِ أخيهما إبراهيم الإمام، والسبب في تقديم أبي العباس أنَّ أمه كانت عربيّة، أمّا أبو جعفر فقد كانت أمّه بربريّة اسمها سلامة، كان أبو جعفر المنصور إلى جانب أخيه في القضاء على الأمويين والسيطرة على الدولة الإسلامية، وتولّى في زمن أخيه أذربيجان وأرمينيا وجزيرة الفرات، وساعدَ أخاه في إخماد الثورات التي كانت تؤرق الحكم العباسي في البداية، وبعد وفاة أبي العباس أصبح أبو جعفر المنصور الخليفة الفعلي للدولة الإسلامية. [٣]
أهم أعمال أبي جعفر المنصور
يعدُّ الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور المؤسّس الفعليّ والحقيقيّ للدولة العباسية، فبعد أن توفي أخوه أبو العباس السفاح وقعَ على عاتقه توطيد أركان الدولة وإخماد ما تبقَّى من ثورات وفتن تفتُّ في عضد الدولة وتثير الانقسامات، وفيما يأتي سيتمُّ ذكرأهم أعمال أبي جعفر المنصور خلال فترة حكمه: [٤]
- القضاء على جميع القلاقل التي كانت تشكل خطرًا على أمن الدولة العباسية وحكم أبي جعفر، وأول خطر هو عمُّه عبد الله بن علي الذي كانت توكل إليه تدبيرات الجيوش في خراسان والجزيرة والشام والموصل لغزو الروم، حيثُ أرسلَ إليه أبو جعفر أبا مسلم الخراساني وهزمه فهرب إلى أخيه سليمان، ثمَّ أعطاه أبو جعفر الأمان، وعندما جاء إليه سجنه هو ومن كان معه حتى مات.
- القضاء على أبي مسلم الخراساني؛ بسبب ازدياد نفوذه بعد طول مراسلات بينهما حاول خلالها أبو مسلم أن يتمرد، لكنَّ أبا جعفر بحنكته ودهائه استطاع أن يسوقه إلى حتفه ويغدرَ به ويقتله في دار ملكه.
- القضاء على ثورة آل البيت من أحفاد علي بن أبي طالب في ثورة محمد النفس الزكية بعد أن أخذ البيعة من أهل المدينة، فأرسل له أبو جعفر جيشًا وقضى على هذه الثورة.
- يعدُّ بناء مدينة بغداد من أهم أعمال أبي جعفر المنصور، أتمَّ بناءها في عام 763م، وقيل أنَ المنصور أنفق في بنائها أكثرمن 18 مليون دينار، ويقول الخطيب البغدادي عنها: "لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلامها، وحشر إليها المنصور العلماء من كل بلد وإقليم، حتى صارت أم الدنيا وسيدة البلاد ومهد الحضارة الإسلامية في عهد الدولة العباسية، وأربى سكانها على مليونين".
- يعدُّ إنشاء بيت الحكمة من أهم أعمال أبي جعفر المنصور، حيثُ اعتنى بنشر مختلف العلوم في بيت الحكمة الذي بناه في قصر بغداد، وأشرف بنفسه عليه، وكان مركزًا لترجمة العلوم إلى اللغة العربية.
- لم يكن هناك فتوحات كثيرة في عهد المنصور بسبب الانشغال بالحروب الداخلية، إلا أن المنصور عاد وأمَّن حدود الروم وردَّ اعتداءاتهم.
- أمرَ بأن تُبنى مدينة الرصافة في عام 151 للهجرة وهي الجانب الشرقي من مدينة بغداد.
وفاة أبي جعفر المنصور
بعد المرور على أهم أعمال أبي جعفر المنصور سيُشار إلى قصة وفاته، ففي عام 775م خرجَ المنصور قاصدًا أداء فريضة الحج وأوصى ابنه المهدي الذي خرج يودعه بأن يعطي الناس حقوقهم والجند رواتبهم، وأمره أن يحسنَ إليهم، وأن يحفظَ ثغور المسلمين، ويسدّد دَيْنًا كان عليه وقال له: "إنني تركتُ خزانة بيت مال المسلمين عامرة، فيها ما يكفى عطاء الجند ونفقات الناس لمدة عشر سنوات"، فمرضَ المنصور في طريقه إلى الحج، وقبل أن يدخل مكة المكرمة توفي على أعتابها. [٣]