معلومات عن اسباب حسن الخاتمه للمتوفي تعرف حسن الخاتمة بأنّها التوفيق الذي يناله العبد من الله سبحانه وتعالى قبل موته، إذ يبتعد عن ارتكاب المعاصي، ويقوم بالأعمال التي فيها صلاح له في الآخرة، ولا يعرف مصير العباد غير الله سبحانه، لكن هناك بعض العلامات التي تظهر على الميت وقد تدلّ على صلاحه وحسن خاتمته، مثل الابتسام وابيضاض الوجه أو إشراقه، ودعاء الناس له بعد الموت، إلا أنّها ليست أدلة قاطعة، وقد استنبط العلماء مجموعة من العلامات الأخرى لحسن الخاتمة من القرآن الكريم والسنة النبويّة، والتي سنذكرها في هذا المقال.
علامات حسن الخاتمة للميت
- التلفظ بالشهادتين قبل الموت، وذلك بقوله: (أشهد أنّ لا إله إلا الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسول)، وقد حضّ رسول الله عليه الصلاة والسلام على تعويد اللسان على قول الشهادتين، وتلقينها للأشخاص قبل موتهم.
- عرق الجبين عند الموت، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (موتُ المؤمنِ بعَرَقِ الجَبينِ) [صحيح النسائيّ].
- الشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى، ويكون ذلك بأشكال متعددة، مثل الموت في ساحة المعركة أثناء القتال في سبيل الله، أو من يقتل من قِبل الأعداء في سبيل الله، أو الموت بالأمراض التي تصيب البطن، أو بداء الطاعون، أو السل، أو الموت غرقاً، هذا بالإضافة إلى الموت الناتج عن الهدم، حيث قال سيدنا محمد عليه السلام: (المَطعونُ شهيدٌ، والغريقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذاتِ الجُنُبِ شهيدٌ، والمَبطونُ شهيدٌ، وصاحبُ الحرْقِ شهيدٌ والَّذي يموتُ تحت الهدْمِ شهيدٌ، والمرأةُ تموتُ بجمْعٍ شهيدٌ) [إسناده صحيح].
- موت المرأة خلال عمليّة الولادة، أو في فترة النفاس، أو في فترة حملها، حيث ورد في الأحاديث النبويّة الشريفة أنّه عند موت المرأة في الحالات السابقة فإن ولدها يسحبها بالحبل السريّ أو ما يعرف باسم المشيمة إلى الجنة، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنَّ شُهَداءَ أمَّتي إذًا لقليلٌ قتلُ المسلِمِ شَهادَةٌ، والطَّاعونُ شَهادةٌ، والمرأةُ يقتلُها ولدُها جَمعاءَ شَهادةٌ، يَجُرُّها ولدُها بسَررِهِ إلى الجنَّةِ) [إسناده صحيح].
- الموت محروقاً؛ حيث وصف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام المحروق بأنّه شهيد في قوله: (وصاحبُ الحرْقِ شهيدٌ).
- الموت خلال الرباط في سبيل الله تعالى، إذ أخبرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بأنّ رباط يوم واحد أفضل من صيام وقيام شهر كامل، حيث إنّ المسلم المرابط سيقيه الله تعالى من الفتنة عند موته.
- الوفاة خلال القيام بعمل صالح وفيه مرضاة وطاعة لله تعالى، كأن يموت خلال الصلاة أو قراءة القرآن الكريم، أو أثناء التصدق وغيرها.
أسباب حسن الخاتمة
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى حسن الخاتمة، وتكون سبباً في دخول صاحبها إلى الجنة، ومن الأمثلة عليها: الاستقامة والصلاح في الدنيا، وحسن الظن بالخالق جلَّ وعلا، والالتزام بقول الحق والصدق، والخوف من عذاب الله تعالى، والابتعاد عن المعاصي وارتكاب السيئات، هذا بالإضافة إلى التضرع والتوبة إلى الله تعالى واتقائه، وعدم جعل الحياة الدنيا ومشاكلها هي الهم الأكبر.
الموت
إن المشغول في أمور الدنيا وما فيها من الشهوات والملذّات، يغفل قلبه ولسانه عن ذكر الموت، فلا يعد يتذكره، وإن ذكره كان كارهاً له نافراً منه، قال تعالى:
(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)،
[١] أما المتعلّق بربه فإنه يأخذ بوصية رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- حين أوصى بالإكثار من ذكر هادم اللذّات؛ ألا وهو الموت، كما وصف رسول الله المكثرين من ذكر الموت والاستعداد له بأنهم الأكثر فِطنة وكياسة، فالقلب إن غفل عن ذكر الموت فسد.
[٢]
والمكثرين من ذكر الموت يكرمهم الله بثلاثة أشياء هي: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، والعكس من ذلك إن كانوا مُقِلّين من ذِكره، وللموت سكرات يعاني منها كل مخلوق، قد يهوّنها الله على بعض عباده؛ كالشهداء، وقد تشتدّ على بعضهم تخفيفاً عنهم وزيادة في الرحمة ورفعة في الدرجة؛ كالأنبياء، وأقربهم مثالاً ما عاناه سيدنا محمد في موته، وهو من أحب العباد لله وأقربهم إليه، وحقٌ على كل إنسان أن يستعدّ للموت قبل مجيئه، وذلك بالإكثار من الأعمال الصالحة، وقد حثّ الله -تعالى- على اغتنام الفرصة دائما قبل حلول الأجل، فقال تعالى:
(حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
[٣][٢]علامات حسن الخاتمة
إن للخاتمة الحسنة أمارات وعلامات تظهر على الميت حين موته، وقد ذكرها الشيخ الألباني في كتابه أحكام الجنائز، وهي علامات يُستدل بها على حسن الخاتمة، وفيما يأتي بيان بعض هذه العلامات بشكلٍ مفصّل:
[٤][٥]
- النطق بالشهادتين عند الموت؛ فمن كان آخر قوله لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله، دخل الجنة.
- الموت برشْح الجبين، وهو الموت بعرق الجبين؛ فقد ميّز رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- موت المؤمن بأنه يموت بعرق جبينه.
- الموت ليلة الجمعة أو نهارها؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (ما مِن مسلمٍ يموتُ يومَ الجمعةِ أو ليلةَ الجمعةِ إلَّا وقاهُ اللَّهُ فِتنةَ القبرِ).[٦]
- الشهادة في سبيل الله؛ فمن مات شهيداً كان له عند الله ستّ خصال، منها أن يُغفر له عند أول دفعة من دمه، ومنها أنه يرى مقعده من الجنة.
- الموت بمرض الطاعون، حيث إن الموت بالطاعون يعدّ شهادة لكل مسلم.
- الموت بداء قد أصيب بالبطن، أو الموت بالغرق، أو بالهدم، أو بالحرق.
- موت المرأة أثناء فترة النفاس، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (والمَرأةُ يَقتُلُها وَلَدُها جُمْعًا شَهادةٌ).[٧]
- الموت بداء السلّ، فقد أقر رسول الله أن الموت به يعدّ من الشهادة.
- الموت أثناء الدفاع عن النفس، وعن المال، وعن الدين.
- موت المرابط في سبيل الله تعالى؛ لما ورد عن رسول الله أنه قال: (رباطُ يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيامِ شَهْرٍ وقِيامِهِ، وإن ماتَ، جَرى عليهِ عملُهُ الَّذي كانَ يَعملُهُ، وأُجْريَ عليهِ رزقُهُ، وأمِنَ الفتَّانَ).[٨]
- الموت أثناء القيام بعمل من الأعمال الصالحة التي ترضي الله.
أسباب حسن الخاتمة
إن الله -عزّ وجلّ- غني عن عباده، فمن أطاع الله فقد نفع نفسه، ومن عصاه فقد ضرّ نفسه، وإن الأعمال الصالحة هي السبب في كل خير في الدنيا والآخرة، وأفضل الأعمال وأعظمها عند الله هي أعمال القلوب؛ كالإيمان، والتوكل، والخوف، والرجاء، وكل ما يصدر من الأعمال على الجوارح يكون تابعاً ونابعاً من القلب، ومن وفّقه الله للأعمال الصالحة في آخر حياته؛ فقد كتب له حسن الخاتمة، وهذه هي غاية الصالحين، فالتوفيق لحسن الخاتمة يُسعد المؤمن سعادة لا شقاء بعدها، وفيما يأتي ذكر لبعض أسباب التوفيق للخاتمة الحسنة:
[٩]
- النية الصالحة والإخلاص لله تعالى، فهما سبب قبول الأعمال عند الله.
- المحافظة على أداء الصلوات مع الجماعة، قال رسول الله: (مَن صلَّى البردَينِ دخَل الجنةَ)،[١٠] والبردين هما: الفجر والعصر.
- الإيمان والإصلاح، سواء كان الإصلاح للنفس أو للغير.
- تقوى الله -تعالى- في السرّ والعلن، ويكون التقوى بفعل كل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه.
- اجتناب الكبائر والمعظّمات من الذنوب، قال تعالى: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا).[١١]
- اتّباع هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكل من تبعه من المهاجرين والأنصار.
- الابتعاد عن ظلم الناس والبغي والعدوان عليهم في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم.
- إحسان الظن بالله، والالتجاء إليه، والتوكل عليه حق التوكل، ولا يكون التوكل على الله فقط في أمور الدنيا من كسب الرزق ونحوه فحسب، وإنما في الثبات على الدين، والتوفيق إلى الطريق المستقيم.[١٢]
- التضرع إلى الله، والإلحاح في الدعاء بصدق وإخلاص أن يختم الله للعبد على خير، وأن يرزقه حسن الخاتمة.[١٢]
سكرات الموت
إن للموت سكرات يلاقيها كل إنسان حين يحتضر، والمقصود بسكرات الموت؛ كرباته وغمراته، وقد وُصفت سكرات الموت بأنه لو لم يكن في حياة الإنسان كرب ولا هول ولا عذاب إلا سكرات الموت؛ لكانت كافية بأن تنغّص عليه معيشته، وتكدّر عليه صفوه وسروره، كما وُصف بأنه أشدّ من ضرب السيوف ونشر المناشير، لأن الضرب بهذه الأدوات إنما يوجع لتعلق البدن بالروح، أما سكرات الموت فهي انتزاع لهذه الروح، والمضروب يصيح ويستغيث لبقاء القوة في قلبه وفي لسانه، والذي يعاني من سكرات الموت ينقطع صوته من شدة ألمه، فالألم قد وصل فيه إلى كل موضع، فهدّه وأضعف قواه.
[١٣] ثم بعد السكرات تبدأ الأعضاء بالموت تدريجياً، عضو تلو العضو، فتبرد في البداية قدماه، ثم الساقين، وبعد الساقين الفخذين، وما إلى ذلك، وكل عضو له سكرة بعد سكرة، وكربه بعد كربة، حتى تصل السكرات إلى الحلقوم، وعندها ينقطع نظره عن الدنيا وما فيها، ومما ورد عن السلف الصالح في وصفهم لسكرات الموت، ما رُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال لكعب الأحبار: حدّثنا عن الموت، فقال كعب: (هو كغصن كثير الشوك أُدخِل في جوف رجل، فأخذتْ كلُّ شوكة بعِرْق، ثم جذَبه رجلٌ شديدُ الجذب، فأخذ ما أخذ، وأبقى ما أبقى).
[١٣]