نبذه عن تاريخ التتار كثيرًا ما نقرأ في كتب التّاريخ عن فتراتٍ صعبة مرّت على بلاد المسلمين؛ حيث اجتاح الإمبراطور المغولي هولاكو بغداد عاصمة الدّولة العباسيّة وعاث فيها فسادًا وقتلاً في القرن الثّالث عشر الميلادي، ولم يكتف هولاكو بطموحاته التّوسعيّة؛ حيث توجّه إلى دمشق لاحتلالها ولكنّه هزم هزيمةً منكرة في معركة عين جالوت الشّهيرة عام 1260 ميلادي، لتقضي تلك المعركة على أحلام التّتار التّوسعيّة، وترتبط صورة المغول والتتار بالتّاريخ بصورةٍ غايةً في البشاعة والهمجيّة؛ حيث يصوّر جند المغول في صورة جيشٍ لا يرحم وهو متعطّش للدّماء، وأحلامه التّوسعيّة في الاستيلاء على مزيدٍ من الأراضي تشغل فكره دائمًا، فمن هم التتار؟ ومن أبرز قادتهم؟
يرجع كثيرٌ من المؤرّخين أصل التّتار إلى مجموعاتٍ عرقيّة مغوليّة استوطنت بلاد وسط آسيا وتحديدًا جنوب شرق بحيرة بايكال في القرنين الخامس والسّادس الميلاديين، وقد شكّل التّتار المغول قبيلة سمّيت بالقبيلة الذّهبيّة حين اتّحدت مع عرقيّات أخرى كالأتراك، والتّتار لغةً معناها غير محدّد بشكل دقيق؛ حيث أطلق العرب والمسلمون هذا اللفظ على تلك الجيوش المغوليّة التي توجّهت نحو المشرق من أجل احتلاله وغزوه، ونجد في اللغة التّركيّة ألفاظاً منها تتراي وتعني البداوة، وأحيانًا تحمل معانٍ أخرى مثل: الفروسية، والنّبل، وعمومًا هم طائفة أو مجموعة ارتبط بها هذا الاسم لاعتبارات المكان والزّمان والحال الّذي كانوا عليه من حيث الشّدّة والقسوة وحبّ القتال والمعارك. وشعوب التّتار أو المغول هم شعوب تعتمد بالأساس على الزّراعة والرّعي والبداوة، على الرّغم من بُعد فترات حكم التّتار إلّا أنّ هناك معالم حضاريّة كثيرة في عهدهم، وهم شعوب تتكلّم لغة الكيبجاك، وكانت الشّعوب التّتاريّة تدين بالدّيانة البوذية أو الطومطميّة، وقد كان التّتار يعبدون أنواعًا من الحيوانات مثل الخنزير ويقدّسونه، كما عبدوا ظواهر في الطّبيعة مثل: الرّعد والبرق، وقد دان التّتار لاحقًا بالدّيانة الإسلاميّة في عهد أحد أحفاد جنكيزخان وهو بركة خان؛ حيث بقي التّتار يدينون بالدّين الإسلامي على الرّغم من المحاولات الكثيرة لتنصيرهم، وخاصّةً حين استولى على أراضيهم الرّوسي إيفان الرّهيب.
مرّت الإمبراطوريّة المغوليّة أو التّتاريّة بمراحل مختلفة من الصّعود والانقسام، وكان قمّة صعودهم في عهد الإمبراطور المغولي جنكيز خان الّذي توسّعت الإمبراطوريّة في عهده بشكلٍ كبير، وبمجرّد وفاته انقسم أبناؤه من بعده لتتشكّل ممالك صغيرة سمّيت بخانيات، والتّتار متواجدون إلى الآن، وتمثّل جمهوريّة منغوليا الشّعبيّة الكيان الوريث لثقافة وفكر المغول أو التّتار، وقد حاول تتار القرم الاستقلال أثناء الحرب العالميّة الثّانية بمساعدة الألمان، ولكنّ الرّوس سرعان ما أفشلوا تلك المحاولة، وشتّتوا التتار في الآفاق .