موضوع: الجَانبْ الجَيْد لَدَى الْجَمِيعْ الأربعاء يوليو 29, 2020 7:00 am
مقال للكاتب تيموثي.ش.أرثر ، ترجمة : أمل الرفاعي .. راجعها للنشر : حسن بن علوان الزهراني
ربما كان لدى الأشخاص الذين تكثُر عيوبهم جانب من الخيّر علينا جميعًا أن نؤمن بذلك, فليس بإمكان أي منا, مهما كان في أعماق نفسه من غرور وكبرياء إلا أن يوافق على هذه الحقيقة المطلقة. لكن ألسنا جميعًا بذات الوقت نُناقض إيماننا بهذا المبدأ من الناحية العملية وفي كل ساعة وفي كل يوم؟…فلو شاهد أحدنا الرجل من أحد المتسوّلين يقول:”لهذا الرجل شكل مريب! وقد يمتنع بذلك عن الإحسان إليه. ولو سرق ذلك المتسوّل لأنه تضوّر من الجوع فسوف يقول من جديد: “كنت أعلم بأنه شخص سيء علينا احتجازه في السجن لعله يصبح رجلًا فاضلًا.”
لكن ذلك المتسوّل قد لا يصبح مع ذلك أفضل مما كان عليه حتى في تلك المدرسة التي من المفترض أن تُصلحه. وبذلك سوف يقول المسؤول عن السجن: ”هذا الرجل بالفعل شخص سيء تمامًا ولا أمل في إصلاحه.”
وقد يستمر ذلك الرجل في ارتكاب جرائمه إلى أن يصل أخيرًا إلى أدنى مرحلة من الانحطاط ، ويكون بذلك قد أكدّ صواب الحكم المُتخذ بشأنه ما يجعلنا نقول: ”لا عجب في ذلك، فلم يكن لديه يومًا ما هو سويّ”
فلتعلم أيها الإنسان أنك بذلك قد تكون بعيدًا عن الإنصاف, وبأنك قد تكون مُتحجّرَ القلب, مُخادِعًا زائفًا. نعم!… فقد نكون جميعًا بعيدين عن الإنصاف؛ لذا على كل منا أن يدرك بأن هناك بذرة من فطرة الخير في طبيعة كل إنسان.
قد لا تكون تلك البذرة سوى شيء هزيل باهت لكنها تظلّ مُضطرمة في نفسه على الدوام, وقد يكون في تلك الآلة الإنسانية نغمة موسيقية بإمكانها أن تجعل كلَّ شيء يتناغم في النفس , وربما كان كل ما يلزم لإظهارها هو أستاذ لطيف حليم يلمس أوتارها برفق . فعندما يتعرض أحدنا للخداع قد يُشير إلى العالم ويقول: ”ليس هناك أي خير في هذا العالم.” لكن علينا أن نعلم بأن هناك شعلة من الخير في قلب كل منا ، وبأن تلك الشعلة هي التي تُرشدنا إلى مَنبع الضياء , وبأنها لو اضطرمت وتوهجت في جو من النقاء, فسوف تُسعدنا وتُدفئنا.
تأثير الغرور أما لو أنها اضطرمت تحت تأثير الغرور فسوف تنطفئ وسوف يصبح لدينا بسرعة سبب جيّد لكي نهزُم ذلك الشعاع من الخير في نفوسنا…علينا أن نُؤمن بأن هناك خير في جميع بني البشر , وبأن هناك في كل منهم بصمة إلهية, ومن لا يؤمن بذلك يكون “متشائماَ” مُشكّكًا بنفسه وبجنسه البشري…
ليس من العسير على المرء أن يكتشف ذلك الجانب الخيّر الجيّد في نفوس من حوله. كل ما علينا هو أن نبحث عما يَكمُن في نفس كل شخص من أفضل الخصال الحميدة، وأن نعمل على تعزيزها وعلى تنميتها وتشجيعها، وأن نأخذ بعين الاعتبار ظروف من حولنا. كم سيكون الإيمان بهذا المبدأ رائعاً بالممارسة الصحيحة! وكم ستصبح مهام رجال القانون بذلك أكثر سهولة! وكم ستكون مهام رجال الإحسان أكثر سهولة عندما سيتم تعزيز الجانب الخيّر لدى كل شخص وعندما يتم القضاء على التكبّر في نفوس الجميع!
لابد لنا عندما نؤمن بهذه الحقيقة أن نعمل بسرعة على البحث, حتى في الظلام, عن جوهر وعن ذهب المحبة الذي هو الجانب الخيّر في كل العالم. لِمَ علينا أن نسنّ كل تلك القوانين القاسية المُجحفة؟ لِمَ علينا أن نسجن وُنقيّد ونُعذب ونحتجز الأشخاص؟
فقد نُدين لبعض الأشخاص الذين أحبونا, رغم الشرور التي تكمُن في نفوسهم, بالقليل من الجانب الجيّد لديهم. ألسنا نُدين لمن قاموا باحتضان وبتعزيز بذرة الخير في نفوسنا بابتساماتهم وبدموعهم وبدعواتهم… نحن في الحقيقة لا ندرك في كثير من الأحيان كم نُشبه أولئك الذين نزدريهم, وكم ما قد يكون في القلوب النقية ما يقود المرء إلى الدمار. هناك جانب جيّد في الجميع!… قد يكون الحداد رجلًا أفضل منا جميعًا, وقد يمتنع القاتل عن أن يطأ بقدمه نملة. كل المطلوب من المجتمع هو إصلاح أولئك الأشخاص، وجعلهم غير مؤذين؛ ذلك لأن بذرة الخير في نفوس البشر لا يمكن أن تموت موتًا طبيعيًّا دون أن تتعرض لأية مؤثرات خارجية.
عنوان : هناك جانب جيد لدى الجميع هناك فكرة تتردّد كثيرًا في أذهاننا لكننا نعتبرها فكرة تافهة مما يجعلنا لا نعمل بها على الإطلاق : ألا هي أن أكبر الشرور تُعزّزها أكبر الفضائل . فهل سنترك المجال لذلك؟ فلو حدث وخُدعنا بشخص ما فلنعلم بأن هذا الخداع ليس نهاية كل ما هو جيّد في هذا العالم …ولو خدعنا أي شخص فهذا لا يعني بأن الجميع مخادعون, علينا أن ننظر دومًا إلى الجانب الجيّد في كل من حولنا!… لو عوملنا أو تعاملنا بازدراء تجاه الآخرين فهذا لا يعني أن العالم بكامله قد أصبح مظلمًا قاتمًا!… لو تلقينا من أحد الأشخاص الأضعف منا ضربة فليس علينا أن نتوقف عن الإيمان بجميع الأشخاص, ولنعلم بأن ما يمكن أن يُنقذ جنسنا البشري هو أن يتقارب جميع بَني البشر في نقطة ما,وبأن ينحني الأكثر غرورًا للأكثر تواضعًا… هناك جانب جيد لدى الجميع وبإمكان كل منا أن يكتشفه؛ لذا دعونا فقط أن نُظهر ثُقتنا بالآخرين . دعونا نؤمن بأن هناك شيء جيّد لدى كل شخص من أية طبقة اجتماعية كان, بأن هناك شيء جميل في أكثر الأشخاص تواضعًا كما هو في أكثرهم رِفعة بصرف النظر عن أية منزلة اجتماعية.
لنحاول أن تنظر دومًا إلى الجانب الجيّد لدى من حولنا، فربما كان لدى الأشخاص الذين تكثُر عيوبهم جانب الكثير من الخيّر, فلِم لا نمنحهم الفرصة لإظهار ذلك؟…فلو عملنا على ذلك فسوف نجد بأننا قد أصبحنا أداة للخير في كل مكان…نحن جميعنا نتشابه فقد جمعتنا شمس واحدة.