إيبلا
مدينة أثرية سورية قديمة كانت حاضرة ومملكة عريقة وقوية
بفضل اكتشافاتها أصبحت سورية المصدر الرئيس الثالث للتاريخ الحضاري والسياسي في الشرق الأدنى.
هي الحلقة المفقودة التي طالما تساءل علماء الآثار عن مكان وجودها،
وكان لابد أن تكتشف في المكان الذي وجدت فيه
لتزيل في الأوساط العلمية علامات الاستفهام
عن ذلك الفراغ الحضاري المستغرب في البقعة الأرضية الممتازة الواقعة بين أوغاريت وحلب
وماري ودمشق وغيرها من المدن الحضارية المشهورة.
موقعها وأهميتها
هذا ماقاله عنها عالم الآثار باولو ماتييه الذي كان يرأس البعثة الأثرية الإيطالية
تولت التنقيب في موقع تل مرديخ قرب بلدة سراقب في محافظة إدلب السورية
على مسافة نحو 55 كم جنوب غرب مدينة حلب في سورية.
بسطت نفوذها على المناطق الواقعة بين هضبة الأناضول شمالا
وشبه جزيرة سيناء جنوبًا، ووادي الفرات شرقًا
وساحل المتوسط غربًا وأقامت علاقات تجارية
ودبلوماسية وثيقة مع دول المنطقة و الممالك السورية ومصر وبلاد الرافدين
فكان النفوذ التجاري لإيبلا يمتد حتى صحراء سيناء، شمالاً فلسطين ولبنان
والجمهورية العربية السورية وفي الغرب وصلت إلى قبرص وفي الشمال إلى الأناضول
وفي الشرق حتى مرتفعات مابين النهرين وكانت حضارة ايبلا وثقافتها مهيمنة اقتصادياً وسياسياً
على مناطق كثيرة من سورية، تمتد بين جبال لبنان في الغرب وحتى بادية الشام في الشرق،
وبين جبال طوروس في الشمال إلى منطقة حمص في الجنوب حتى نهر الفرات.
وكانت بفضل موقعها في وسط الخطوط التجارية، صلة الوصل
بين مصر ومابين النهرين والى ما بعد جبال إيران حتى الهند.
معنى كلمة إيبلا
وأوضح ماتييه أن إيبلا مرت بثلاث حقب زمنية الأولى بين 2300-2400
المكتبة الملكية
-تتألف المكتبة الملكية من عدد ضخم من الألواح الطينية،
-ولقد تبين أن هذه المكتبة هُدِ مت مع القصروأُحرِقت،
وقد بدا تأثير الحريق على الخشب الذي أضحى فحماً،
كما بدا على الرقم ذاتها التي أصبحت أكثر صلابة
وقد تأكد أن هذا الحريق بفعل «نارام سين» الملك الأكادي في عام 2250ق•م،
والذي يقول في كتابات أكادّية :»إني أنا الذي فتح إيبلا دارمانوم ولم يكن بإمكان أحد قبلي أن يقوم بهذاالعمل»•
وكنز إيبلا من محفوظات القصر، ومن الوثائق الرسمية لسجلات ومراسلات ملوك إيبلا
المسطرة بالخط المسماري على الآلاف من اللوحات الطينية يضيف صفحات جديدة كل الجدة إلى
تاريخ سورية والشرق الأوسط والإنسانية في النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد.
يعود الى العام 2200 قبل الميلاد والى زمن الأرشيف الملكي للمدينة
يقع تحت المدينة التي ترجع إلى عهد حمورابي ويبلغ طول جدران المعبد أكثر من 6 أمتار ,
أن ايبلا التي بدئ العمل فيها منذ عام 1964 تضم الآثار القديمة لفترة هامة من تاريخ
البشرية جمعاء في منطقة ما بين النهرين وهي تمثل أقدم الحضارات البشرية في موقع
جغرافي متميز وأشارماتييه الى أن المكتشفات الأثرية في مدينة ايبلا ومنها تل مرديخ
والأرشيف الملكي الضخم وكذلك العثور على أول قاموس عرفته البشرية وعلى أول معاهدة
مكتوبة للسلام بين مدينتي ايبلا وأبرسال وأيضاً اكتشاف أطول قصيدة شعرية في المدينة.
وأشاد ماتييه بالأهمية التاريخية والحضارية لمدينة ايبلا وقال:
ان اكتشاف ايبلا والأرشيف الملكي لهذه المدينة قدم للبشرية واحداً من أقدم المكتشفات
والممالك الواقعة في الشرق الأدنى من عصر البرونز الأمر الذي يجسد أهمية
البحث العلمي في الحوار بين الشعوب والثقافات.
القصر الملكي
تدل الآثار التي كشفت عنها في ايبلا على أن أقدم استيطان لهذه المنطقة كما يرى ماتييه
-يعتبر من أهم المكتشفات ويعود تاريخه للعصر البرونزي القديم في الفترة
ما بين 2300-2400 قبل الميلاد حيث كان يضم مركزاً إدارياً وساحة واسعة
مخصصة للتبادل بين القوافل التجارية.
-كان البناء الرئيسي للمدينة في هذه الحقبة وهو يمتد إلى المنطقة الجنوبية والجنوبية الغربية من الأكروبول
-بدأت البعثة الايطالية عام 1974 بالتنقيب في القسم الإداري منه الذي يقع في الجهة الغربية
ويتضمن البلاط الكبير مع مدخل معمد وقاعة للاستقبال
فيها منصة لعرش الملك مبنية من الآجر المجفف بالشمس
-وفي هذا القسم من القصر عثر على الألواح التي كشفت عام 1975 في غرفتين
متجاورتين كما عثر هنا أيضاً على مواد معهم تبين علاقات
ايبلا التجارية العالمية وتشمل أكثر من 20 كغ
من اللازورد العام المستورد من أفغانستان وكسرات كؤوس من الديوريت والهيصم المصري
-يعود تاريخ القصر الغربي الكبير في أسفل المدينة إلى هذه الحقبة
وتم بناؤه نحو سنة 1900 ق.م وكشف عنه عام 1978
وهو يغطي مساحة تزيد على ثلاثة أرباع الهكتار
وكذلك كشفت في هذه المنطقة مدافن (نكربول) تضم قبور امراء ونبلاء.
إلى أن تم العثور على المكتبة الملكية التي تحوي آلاف الرقم المسمارية في عام 1975
اللغة المتحدث بها
كانت اللغة السامية هي اللغة الرسمية لسكان مدينة إيبلا وكثير من المدن التي عاصرتها وجاورتها في منطقة الشرق الأوسط.
حيث تعد لغة أهالي إيبلا (تل مرديخ) أقدم لغة وصلت إلينا مكتوبة حتى الآن،
ولم يكن أحد يتوقع العثور على شواهد مسطرة منها، وتتماثل هذه اللغة مع اللغة
التي جرت العادة على تسميتها بالكنعانية، وبالأخص مع الأوغاريتية ( لغة رأس شمرا على الساحل السوري)
التي نملك عنها شواهد ترقى إلى 1400حتى 1200ق•م،
ومع اللغة الفينيقية التي ترقى شواهدها إلى ما بعد 1200 ق•م،
فضلاً عن هذا تماثلها مع اللغة العربية التي تعد أحدث لغة سامية أدبية كبيرة بين مجموعة اللغات السامية
• فمثلاً نجد بين مفردات لغة إبيلا في الألف الثالث كلمات لا تزال حية في العربية مثل(كتب)و
( ملك) و (يد)، قمح، تين (وتلفظ تينو).
وبعد اكتشاف هذه الوثائق أصبح مؤكدا أن لغة إيبلا هي أقدم لغة سامية مكتوبة حتى الآن،
وذلك لأن وثائق تل مرديخ تشمل جيلين سبقا عصر الملك الأكادي صارغون الأول،
الذي كان ملكاً في بلاد الرافدين، وهو أول من سجل أحداثه باللغة الأكادية
التي هي أقدم لغة سامية شرقية معروفة.
-كانت مملكة ايبلا تستخدم الخط المسماري الذي اخترعه السومريون ثم استخدمه الاكاديون في العراق .
لكن اللغة الايبلائية كانت لغة سامية من حيث التركيب
ولها خصائص تميزها عن السومرية
مع انها اخذت واستعارت الكثير من الكلمات السومريةلذلك ممكن انا نعتبر ان هذه اللغة هي
الحد الاول للكنعانية والارامية والاوغاريتية.
-يقول البروفسور جيوفاني بتيناتو، من أعضاء البعثة وأستاذ اللغات القديمة،
إن اللغة الإيبلائية هي أقدم لغة مكتوبة، أي أنها اللغة الأم للغات العربية التي ظهرت فيما بعد.
– وقد اكتشفت في ايبلا قواميس تبدو فيها كلمات باللغة الايبلائية.
وكانت تكتب من اليسار إلى اليمين، مع ما يقابلها من كلمات في اللغة السومرية.
وقد ساعدت هذه القواميس، التي هي أقدم قواميس في العالم، على معرفة معاني
عدد كبير من المفردات السومرية التي كانت مجهولة.
-ويضيف البروفسور بتيناتو بأنه تم العثور على لوحة تحمل اسم الطالب الذي كتبها
مع توقيع أستاذه وتوقيع عميد المعهد.
ويدلنا ذلك على المستوى الرفيع الذي وصل إليه فن التدريس في ذلك الزمان الموغل في القدم
الأدب في إيبلا
إن النصوص الأدبية في سجلات ايبلا نادرة ولكن وجد في لوحات ايبلا نقلا
أهم الاكتشافات الأخيرة
اكتشاف مجموعة من التماثيل النثرية التي تعود إلى بداية الالف الثاني ق.م
الفرديسيا التي لها علاقة بالمعبد الاحدث وهي محفورة بشكل طبيعي على الصخور
مكونة من فتحتين للدخول والخروج وهي مليئة بالقطع الاثرية
لكنها فقيرة نسبياً وبعض الاواني الفخارية
والدمى الطينية والادوات المعدنية ومجموعات من العربات الطينية وأفاعٍ .
رأس مصنوع من الخشب الكلسي والدمى الطينية غير المشوية وتماثيل بسيطة وصغيرة .
المعبد الذي اكتشف هذا العام في الزاوية الجنوبية الشرقية ومعبد آخر
سيتم التنقيب عنه في العام القادم ويعود إلى الالف الثالث ق.م
مجموعات من المباني الملحقة بالمعابد وهي كثيرة . وأوضح ماتييه أخيراً من خلال
هذه الاعمال المكتشفة
( تمكنا من الحصول على معطيات هامة في فترة زمنية لم تكن معروفة في إيبلا
ومعرفة الخصائص المعمارية ونأمل أن تتم متابعة الاعمال والمعرفة الدقيقة الاكثر للحياة
والمنشآت الدينية في المواسم القادمة ).
1600 رقيم في مكتبتها
لقد حققت وثائق إيبلا ثورة في معارفنا التاريخية عن الشرق الأدنى في الألف الثالث قبل الميلاد،
هذه الفترة التي شهدت بناء الأهرامات في مصر أو ما يسمى بعصر (الملوك)،
وشهدت الحضارة السومرية الأكادية العظيمة في الرافدين.
فإلى جانب أكبر مصدرين للمعلومات التاريخية، وهي مصر والرافدين.
-------------
المصادر
1ـ وزارة الثقافة السورية