موضوع: اهمية محاسبة النفس الجمعة ديسمبر 18, 2020 8:07 pm
معنى محاسبة النفس واهم انواعها يأمُر الله تعالى الإنسان بمُحاسبة نفسه وكبح جماحها؛ فالنّفس في بعض الأحيان قد تُوسوس للإنسان وتقنعه بارتكاب المعاصي وبذلك تعمل عمل الشيطان، ولكن عندما يعرف الإنسان بأنه كلّما اجتهد في محاسبة نفسه استراح لاحقاً عند محاسبة الله له على أعماله لاستمرّ في محاسبة نفسه على أيّ عمل تقوم به. قال تعالى في سورة القيامة: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَة)، وقال في سورة الإسراء (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)
كان السلف الصالح من أكثر الناس الذن لا يدّخرون مناسبةً لمحاسبة أنفسهم وتذكيرها بالله تعالى وبحسابه يوم القيامة؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: (حَاسِبُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنفُسَكُم قَبلَ أَن تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَهوَنُ عَلَيكُم فِي الحِسَابِ غَدًا، أَن تُحَاسِبُوا أَنفُسَكُمُ اليَومَ، وَتَزَيَّنُوا لِلعَرضِ الأَكبَرِ، يَومَئِذٍ تُعرَضُونَ لَا تَخفَى مِنكُم خَافِيَةٌ) (إغاثة اللهفان [1/ 145]).
محاسبة النفس نوعان هما:
عند الهم والإرادة؛ فيقف المسلم قبل الإقبال على العمل، ويتأكّد من أنّه لله تعالى وليست فيه أي معصيةٍ له عز وجل.
المحاسبة بعد العمل؛ وقد تكون هذه المحاسبة على طاعةٍ قصّر فيها العبد تجاه الله تعالى، أو أي عملٍ قام به ولكن كان من الخير تركه وعدم القيام به، أو على عملٍ مُباحٍ اعتاد على القيام به فإذا كان لله تعالى فقد كسب أجره ولكن إذا كان للناس فقد خسره؛ لذلك وجب على المسلم محاسبة نفسه في جميع حالاته وأحواله ليستطيع نيل الأجر العظيم من الله تعالى وتحقيق جميع الفوائد التي تعود عليه.
فوائد محاسبة النفس
الاطّلاع بشكلٍ دائمٍ على عيوب النفس وبالتالي كبح جماحها وعدم السماح لها بالتحكّم بالإنسان وتصرّفاته؛ فمن لا يطلّع ولا يقتنع بعيوب نفسه فإنه لن يجد العلاج لها أبداً، وستقوده إلى رتكاب المعاصي واكتساب الآثام.
استعداد الإنسان دائماً للموت وما يأتي بعده، فالمسلم الذي يداوم على محاسبة نفسه يُقلّل من المعاصي ويتوب منها، ويستزيد من الطاعات والعبادات حتى تسهل عليه المحاسبة بعد الموت، ممّا يجعله غير خائفٍ من الموت كالأشخاص الذين لا يُحاسبون أنفسهم.
تعظيم الله تعالى؛ فمحاسبة النفس تدعو الإنسان إلى استشعار عظمة حق الله تعالى عليه.
تجعل الإنسان مداوماً على إعادة الحقوق إلى أهلها وعدم أخذ ما ليس له، كما أنّه يُحاول باستمرار تصحيح ما فات من أجل تقليل الآثام المكتسبة.
شعور الإنسان بالانكسار والتذلل إلى الله تعالى وعدم التكبر والتعنت؛ فالنفس هي التي تُصاب بالتكبر وتجعل الشخص متكبراً ومتعنّتاً ومتعصباً لنفسه، كما نجد الإنسان قد زهد في الدنيا وما فيها.
محاسبة النّفس تعني تصفيتها وتنقيتها لتلقى الله خاليةً من المعاصي والذنوب، ولا بد لكل مسلم من تخصيص وقتٍ يوميٍّ يختلي فيه ليحاسب نفسه عمّا بدرَ منها في ذلك اليوم من أعمال، فإن كانت أعمالاً صالحةً تابعها وأكثرَ منها في الأيّام القادمة، وإن كانت أعمالاً سيّئةً وهدراً للأوقات وبّخها عليها وتاب إلى الله واستغفر وعاهده ألا يرجع إليها ثانيةً؛ لأنّ إهمال متابعتها سيؤدّي إلى تمادي النّفس في الآثام.
فوائد محاسبة النّفس
الإكثار من الطاعات واجتناب المعاصي.
معرفة عيوب النّفس والاطلاع عليها وبالتالي التوبة والعمل على التخلّص منها.
معرفة حق الله تعالى والحرص على أدائه.
مشاهدة عفو الله وكرمه وحلمه في عدم تعجيل العقوبات رغم كل ما يقوم به العبد من آثام.
تذلل العبد وانكساره بين يدي ربه وطلب العون بالتخلّص من الذنوب.
التّخلّص من الكبر والعجب بعد الاطلاع على عيوب النّفس.
إعادة الحقوق إلى أهلها.
وسائل تعين على محاسبة النّفس
الاستعانة بالله ودعاؤه.
الإكثار من الذكر وتلاوة القرآن وقيام الليل والطاعات.
إدراك ثمرة محاسبة النّفس في الدنيا والآخرة والتفكير في العاقبة السيّئة في حال الغفلة.
مصاحبة الأخيار الذين يحرصون على محاسبة أنفسهم ليكونوا حافزاً في ذلك.
ترك رفقاء السوء.
الاطلاع على أهل المحاسبة من السلف الصالح.
أنواع محاسبة النّفس
محاسبة النّفس قبل العمل:
النيّة: ينظر العبد في العمل الصالح الذي سيقوم به، إن كان خالصاً لله فعله، وإن كان من أجل الدنيا أو رضا البشر أعاد النظر فيه وصحّح نيّته، ثمّ فعله.
التطبيق: ينظر الشخص في نوع العمل، إن كان صالحاً وفيه الخير أقبل عليه، وإن كان سيّئاً فيه غضب الله أعرض عنه. بهذه المحاسبة يكون قد أنجى نفسه بعدم الوقوع في الخطأ.
محاسبة النّفس بعد العمل:
محاسبة النّفس على التقصير في الطاعات: كالالتزام بالأوراد اليوميّة من تلاوة القرآن الكريم، وذكر الله تعالى، وأداء صلاة السنن الرواتب، ومعاهدة النّفس بالإخلاص وعمل الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومتابعة الجوارح وأفعالها كاللسان والعين والأذن، وضبطها في الخير.
محاسبة على كل عمل كانَ تركُهُ خيراً من فعله: أي كل عمل يرتاب العبد منه ويشعر أنّ فيه شبهة، فهذا تركه خيرٌ من فعلِه وفيه ضمان بالبعد عمّا يغضب الله تعالى.
المحاسبة على النيّة في المباحات: يحاسب العبد على نيته في الأمور التي اعتاد أن يفعلها، أفعلها من أجل إرضاء الله تعالى، أم لغرض دنيوي يُخسِره الأجر والثواب؟ فيحاول تصحيح نيّته وغايته.