قواعد في معالجة الأخطاء
الخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه حكماء كنا أو جهلاء ..
و ليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيراً فنكبره ..و نضخمه..
ولابد من معالجة الخطأ بحكمة و رويه و أياً كان الأمر
فإننا نحتاج بين وقت و آخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء ..
ولمعالجة الأخطاء فن خاص بذاته .. يقوم على عدة قواعد ..
أرجو منكم أن تقرؤها معي بتمعن ..
لا أحد في هذه الحياة يخلو من خطأ.. قصدا أو عن غير قصد،
فهي سنة الله في هذا الإنسان أنه خطاء،
وهي صيغة مبالغة تدل على كثرة وقوعه في الخطأ..
فإذا أدركنا هذا الأمر سهل علينا البحث عن علاج لهذا الخطأ.
وهذا العلاج وضع له أهل الخبرة والعلم قواعد يتم على أساسها،
وتؤخذ في الاعتبار ليسهل قبول الطرف المخطئ النصح
في تصحيح خطئه والرجوع عنه...
وحول هذا الموضوع كتب الدكتور ماجد بن حسن العمودي
أربع عشرة قاعدة تساعد على معالجة الأخطاء يقول:
القاعدة الأولى
اللوم للمخطيء لا يأتي بخير غالباً
تذكر أن اللوم لا يأتي بنتائج إيجابية في الغالب
فحاول أن تتجنبه ..وقد وضح لنا أنس رضي الله عنه
انه خدم الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنوات ما لامه على شيء قط ..
فاللوم مثل السهم القاتل ما أن ينطلق حتى ترده الريح
علي صاحبه فيؤذيه ذلك أن اللوم يحطم كبرياء النفس
و يكفيك أنه ليس في الدنيا أحد يحب اللوم ..
القاعدة الثانية
أبعد الحاجز الضبابي عن عين المخطئ
المخطئ أحيانا لا يشعر أنه مخطئ فكيف نوجه له لوم
مباشر و عتاب قاس وهو يرى أنه مصيب ..
إذاً لا بد أن نزيل الغشاوة عن عينيه ليعلم أنه على خطأ
وفي قصة الشاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم
درس في ذلك حيث جاءه يستسمحه بكل جرأة و صراحة
في الزنا فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم :
[color]( اترضاه لأمك) ؟؟[/color]
قال: لا
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( [color]فان الناس لا يرضونه لأمهاتهم )[/color]
ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( أترضاه لأختك)؟؟
قال : لا
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
( [color]فإن الناس لا يرضونه لأخواتهم )[/color]
فأبغض الشاب الزنا .
القاعدة الثالثة
استخدام العبارات اللطيفه في إصلاح الخطأ
إننا كلنا ندرك أن من البيان سحراً فلماذا لا نستخدم
هذا السحر الحلال في معالجة الأخطاء ..
فمثلاً حينما نقول للمخطئ
(لو فعلت كذا لكان أفضل..)
(ما رأيك لو تفعل كذا..)
(أنا اقترح أن تفعل كذا.. ما وجهة نظرك) .
أليست أفضل من قولنا
يا قليل التهذيب و الأدب.. ألا تسمع.. ألا تعقل..
أمجنون أنت .. كم مره قلت لك ..
فرق شاسع بين الأسلوبين ..
إشعارنا بتقديرنا واحترامنا للآخر يجعله يعترف بالخطأ و يصلحه .
القاعدة الرابعة
ترك الجدال أكثر إقناعاً ..
تجنب الجدال في معالجة الأخطاء فهي أكثر و أعمق أثراً
من الخطأ نفسه و تذكر .. أنك بالجدال قد تخسر..
لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بكرامته
فيجد في الجدال متسعاً و يصعب عليه الرجوع عن الخطأ
فلا نغلق عليه الأبواب ولنجعلها مفتوحة ليسهل عليه الرجوع .
القاعدة الخامسة
ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل
حاول أن تضع نفسك موضع المخطئ و فكر من وجهة نظره
وفكر في الخيارات الممكنة التي يمكن أن يتقبلها
واختر منها ما يناسبه .
القاعدة السادسة
ما كان الرفق في شئ إلا زانه..
بالرفق نكسب .. ونصلح الخطأ .. ونحافظ على كرامةالمخطئ ..
وكلنا يذكر قصه الأعرابي الذي بال في المسجد
كيف عالجها النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق ..
حتى يُعلم الأعرابي أنه على خطأ..
القاعدة السابعة
دع الآخرين يتوصلون لفكرتك..
عندما يخطئ الإنسان فقد يكون من المناسب في تصحيح الخطأ
أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه ثم تجعله يكتشف الحل بنفسه
والإنسان عندما يكتشف الخطأ ثم يكتشف الحل و الصواب
فلا شك أنه يكون أكثر حماساً لأنه يشعر أن الفكرة فكرته هو..
القاعدة الثامنة
عندما تنتقد اذكر جوانب الصواب..
حتى يتقبل الآخرون نقدك المهذب و تصحيحك بالخطأ
أشعرهم بالإنصاف خلال نقدك .. فالإنسان قد يخطئ
ولكن قد يكون في عمله نسبه من الصحة لماذا نغفلها..
القاعدة التاسعة
لا تفتش عن الأخطاء الخفية..
حاول أن تصحح الأخطاء الظاهرة و لا تفتش عن الأخطاء
الخفية لأنك بذلك تفسد القلوب ..
ولأن الله سبحانه وتعالى نهى عن تتبع عورات المسلمين .
القاعدة العاشرة
استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن..
عندما يبلغك خطأ عن إنسان فتثبت منه واستفسر عنه مع
حسن الظن به فأنت بذلك تشعره بالاحترام و التقدير
كما يشعر هو بالخجل وان هذا الخطأ لا يليق بمثله ..
كأن نقول وصلني انك فعلت كذا ولا اظنه يصدر منك .
القاعدة الحادية عشر
امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب ..
مثلاً عندما تربي ابنك ليكون كاتباً مجيداً فدربه على الكتابة وأثن عليه
واذكر جوانب الصواب فإنه سيستمر بإذن الله ..
القاعدة الثانية عشر
تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة
مرادفة تؤدي المعنى نفسه..
عند الصينيين مثل يقول:
[نقطة من عسل تصيد ما لا يصيده برميل من العلقم]،
و لنعلم أن الكلمة الطيبة تؤثر .. و الكلام القاسي لا يطيقه الناس..
القاعدة الثالثة عشر
اجعل الخطأ هيناً و يسيراً و ابن الثقة في النفس لإصلاحه ..
الاعتدال سنة في الكون أجمع و حين يقع الخطأ
فليس ذلك مبرراً في المبالغة في تصوير حجمه ...
القاعدة الرابعة عشر
تذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم .
فينبغي عليك أن تهتم بهذا الجانب، والتركيز عليه شيئا ما
عند تصحيح الأخطاء ومعالجتها، فهو يساعد على ذلك.
و أخيراً...
فن معالجة الأخطاء فن لابد أن ندرك أهميته
ونحاول أن نتبع قواعده ونلتزم بها؛ كي نكسب أنفسنا بتعاملنا
مع ما يصادفنا من مضايقات ومنغصات.
ولا ننجر وراءها.. بل نتذكر ونتدبر ونتبع قول النبي صلى
الله عليه وسلم: (لا تغضب).