أن يصاب أحد بالاكتئاب، يعني أن يشعر بالحزن، الفراغ، العدمية، الضياع، اللاجدوى، اليأس، والعجز الرهيب... وفوق ذلك قد يشعر أحيانا بشلل عقلي وجسدي معاً، فيكون غير قادر على تأدية واجباته، أو فعل ما يريده وما يطلب منه، غير مستطيع ممارسة ما يحبّ، وما يرغب أو ما اعتاد عليه.
قطعاً... ليس هنالك ما هو أشد إحباطاً وعجزاً وألماً من ذلك!
ولأن الأمر ليس عابراً، ولا غير ذي أهمية، كان لزاماً أن يعي كل شخص كيف يتصرف، إذا أصيب أحد أحبابه بالاكتئاب، وفيما يلي اثنتا عشرة نصيحة ستعينك على التعامل مع الحالة:
1. تذكر جيداً أن “لا أحد يختار أن يصاب بالاكتئاب”
الاكتئاب ليس بأمر اختياريّ، ولا يمكن لأحد أن يقع فيه مختاراً، فليس الاكتئاب مجرد يوم سيئ أو مزاج متعكّر، إنه شيء يصعب تجاوزه كثيراً.
2. قل له: "أنا أثق بك"، واسأله: "ماذا أفعل لأريحك؟ ما الذي سيساعدك فعلاً برأيك؟"، وشجعه: "هذا وضع عابر، إنني أؤمن بأنك أقوى مما تمرّ به"!
إياك أن تخبر المكتئب بعبارات يراها مهينة مثل: "غداً يوم أفضل" أو "أنت تحتاج لنزهة فقط" أو "ستكون بخير" ?؛ لأن تلك العبارات ستزيد الوضع سوءاً، وتضخّم توتره، وتفاقم حالته وإن تفهّم أنك تريد مساعدته، إن مشاعرك المتعاطفة وحدها تمثل احتضاناً بغير كلام، وهي بكل حال أفضل من ترديد عبارات محفوظة كتلك. تجنب إسداء النصائح فذلك ليس وقتها، وحاول صياغة الأسئلة التي تساعده على التفكير واكتشاف ما قد يُشعره بالتحسن، وإن كنت تريد مساعدته بالكلمات: فدعه يعرف أنك موجود لأجله على الدوام.
3. أخبره بأنك ستبقى بجواره، ولأجله متى احتاج ذلك منك:
من الطبيعي أن يدفعك المكتئب بعيدًا عنه مهما كنتما قريبين، ثم يعاود الاقتراب منك لاحقاً فمزاجه لن يكون هنالك واحداً إطلاقاً، وسيشعر غالباً بأنه عبئ على من يحبونه، وهذا سببه الإحباط الشديد الذي يمر به، فيجعله يفضّل العزلة، ويضخّم مخاوفه إلى حدّ الإنهاك، من فكرة أن يثقل على من يحبونه.
إياك أن تجبره على الاقتراب أو البوح والتخفف من ثقل حمله بالفضفضة إليك أو إلى غيرك، ولو بطريقة غير مباشرة، تأكد أنه سيقترب منك حينما يحتاج.
4. كن صبوراً، وتوقع أن تشعر بخيبة الأمر مراراً:
تذكر جيداً أن المصاب بالاكتئاب يحتاج إلى الشعور بالتقبل والحب والدعم، وليس الشفقة ?، إياك أن تستسلم لحالته فيجرّك إليها بدلاً من أن يخرج منها، اعترف له بأنه بدأ يؤثر عليك سلباً إن حصل ذلك!
5. ضع حدوداً وناقش الوضع معه:
هذه النصيحة مهمّة لاستمرار العلاقات والوصول إلى حلول مناسبة.
انس أنه يعني لك الكثير، وتعامل مع الأمر بموضوعية، وإن كنت تظن مساعدته فضيلة، فسعادتك واجبك، تحدّث إليه بصراحة عن مخاوفك وناقش الحدود التي تنوي وضعها، هكذا سوف تساعده في استعادة صحته النفسية أكثر!
6. تفهّم إنهاكه المستمر ، وانعدام طاقته الدائم:
ما أسهل أن يصاب المكتئبون بالإنهاك، فالشعور بالإرهاق عرض جانبي ملازم للاكتئاب، فلا تنخدع بالطاقة المفاجئة لديهم؛ لأنها سرعان ما ستغادره ليحل الإنهاك محلها، ولا تبتئس إذا ما تراجع أو غادر مناسبة ما أو رفض تأدية واجب ما.
7. تأكد أن لا علاقة لك باكتئابه:
لا تلم نفسك حين يبعدك عنه، وتظن أن مشكلته بسبب علاقتكما مثلًا، بل فكر في أشياء تخصكما، وافعلها بطريقة مختلفة؛ لتساعده على التعافي.
8. حين تتعب من مساعدته، لا تستغل حبه لك:
لن يكون تهديده بالابتعاد عنه وتركه دواء سحرياً للشفاء من الاكتئاب، وحين تتعب من التعاطي مع مشكلته وتقرر الابتعاد، فأنت حرّ، لكن إيّاك أن تستغل حبه وتنذره بذلك إن نويت؛ فستؤذيه أضعافاً مضاعفة!
9. اعرض عليه التنزه وقضاء وقت منتظم معاً:
ينعزل المكتئبون في عالم خاص أحياناً، لكنهم لا يقصدون بذلك مواجهة مخاوفهم وحيدين وبغير مساعدة المحيطين، ولذلك فإن كسر وحدتهم بدعوة لطيفة لتغيير الجوّ بين وقت وآخر، سيساعد تلقائياً في انطلاقهم خارج ذلك العالم المعزز للألم.
أديا معاً تمرينًا رياضيًا، تسوّقا معاً، اطهوا طعاماً يحبه، تناولا وجبة مرغوبة، أو حضرا أطباقاً يتناولها لاحقا، إذا شعر بالإنهاك ولم تكن لديه طاقة لطهو طعامه.
10. تعاطف معه، اسمعه، دعه يعبّر بحرية:
في الحقيقة، لن يشفى مريض الاكتئاب حين يعرف أن أحداً ما مرّ بنفس حالته وفعل "كذا" ليشفى! ?لا تقمع مشاعره، وابق منصتاً طالما تكلّم، بدون مقارنة ألمه بألمك السابق، أو تجربته بتجربة ابن عمك أو صديقك!
11. اسأله عن مشاعره بين وقت وآخر:
لعل أخطر ما يعانيه مرضى الاكتئاب هو تسلل الأفكار الانتحارية بسلاسة إليهم ?، ولذلك فإن من المهم استكشاف مشاعرهم بذكاء بين وقت ووقت، وتحسس ما إذا كان المريض قد تأقلم أم لا، وحينها ينبغي التحدث إليه بوضوح عن خطة يحمي نفسه بها إذا فقد سيطرته عليها حال اشتداد مرضه.
12. ثق أن الشخص المكتئب ليس ضعيفاً، أو غير كفء:
إن آمنت بذلك فعلاً، وبأن الاكتئاب ليس حالة تستدعي النفور من المصاب بها، أو تجلب الخزي لهم، أو تدل على أنهم ضعفاء أو غير أكفاء، فإنك سوف تجد كل خطوات مساعدته سهلة، وتصل به إلى برّ الأمان.
يكشف المؤلف/ اريك ج. ويلسون عن أن معاناة الكرب الذهني يمكن أن تجعل الإنسان أكثر تعاطفًا وإبداعًا، كما ناقش الطبيب النفسي والفيلسوف الدكتور نيل بيرتون، فكرة أن الأشخاص الأكثر تأثيرا وأهميّة في التاريخ قد عانوا من الاكتئاب سابقًا.