وأما عن المكان الذي أهبطا إليه من الأرض فلم يذكر القرآن الكريم عنه شيئا ، كما لم يرد في السنة النبوية المرفوعة من الأحاديث الصحيحة ما يوضح ذلك ، وإن كانت قد رويت بعض الأحاديث الضعيفة ، كحديث ( نزل آدم الهند واستوحش ..) رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7/437)، وضعفه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " (رقم/403)، كما رويت أحاديث أخرى في هذا الباب ولكن أسانيدها ضعيفة جدا.
وما صح في هذا الشأن إنما هي أقوال لبعض السلف ، الغالب أنهم أخذوها من علوم أهل الكتاب المنقولة في زمانهم ، ومثل هذه الأخبار لا يعتمد عليها ، ولا يوثق بها ، ولا يجوز الإيمان بما جاء فيها مما سكتت عنه شريعتنا ، وإنما تروى وتحكى للاستئناس فقط .
ومع ذلك فقد اختلفت الأقوال الواردة في هذا الشأن :
فمنهم من قال : أهبط آدم إلى الهند ، وأهبطت حواء بجدة .
ومنهم من قال : أهبطا جميعا بالهند .
ومنهم من قال : أهبط آدم بأرض بين مكة والطائف اسمها " دحنا ".
ومنهم من قال : أهبط آدم بالصفا ، وأهبطت حواء بالمروة .
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :
" وقال السدي : قال الله تعالى : ( اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ) فهبطوا ، فنزل آدم بالهند ، ونزل معه الحجر الأسود ، وقبضة من ورق الجنة ، فبثه بالهند ، فنبتت شجرة الطيب ، فإنما أصل ما يجاء به من الهند من الطيب من قبضة الورق التي هبط بها آدم ، وإنما قبضها آدم أسفا على الجنة حين أخرج منها .
وقال عمران بن عيينة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أهبط آدم من الجنة بِدَحْنا ، أرض الهند .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس قال : أهبط آدم عليه السلام إلى أرض يقال لها : دَحْنا ، بين مكة والطائف .
وعن الحسن البصري قال : أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس بدَسْتُمِيسان من البصرة على أميال ، وأهبطت الحية بأصبهان . رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث ، حدثنا محمد بن سعيد بن سابق ، حدثنا عمرو بن أبي قيس ، عن ابن عدي ، عن ابن عمر ، قال : أهبط آدم بالصفا ، وحواء بالمروة " انتهى.