موضوع: اول رواية عربية..حكاية العشاق في الحب والاشتياق الثلاثاء يوليو 07, 2020 9:21 pm
الرواية التي بين يدينا اليوم هي رواية يستحال ايجادها في المكتبات حيث اصبحت في عالم المخطوطات وتعد رواية نادرة ذات موسوعة مميزة
الرواية بعنوان : حكاية العشاق في الحب والاشتياق للكاتب محمد بن ابراهيم بن مصطفى باشا الذي الفها سنة 1845م وقد تفضل الدكتور أبو القاسم سعد الله باءزالة غبار النسيان عنها واخرجها للقارئ من خلال تحقيقه لها سنة 1977م
لحسن الحظ هي الرواية بين يدي تحصلت عليها صدفة اذا اشتريتها من احد المارة باءحدى الاحياء الشعبية بالجزائر كانت الرواية الوحيدة من بين روايات متعددة . لفت انتباهي عنوان الرواية واسم المؤلف ابن باشا اردت ان اتعرف على اسلوب الباشاوات الجزائرين . حكاية العشاق“ الشيقة التي تعبر عن مأساة أمير هو المؤلف نفسه“.ماذا تحكي هذه الرواية أو الحكاية أو ”القصة“ كما يصنفها المحقق أحيانا؟ وبالعودة إلى متن الرواية نجد <<حكاية العشاق>> تتكون من معطيات مكانية (فضاء الرواية) واجتماعية وسياسية وحضارية، وما يلفت انتباهنا لدى قراءتنا لها، هو بنيتها الهندسية، إذ نجد راويا يروي لنا تطور الأحداث عبر عدستين متكاملتين، حيث يضع عائلتين داخل إطار اجتماعي أولهما ابن الملك (بطل الرواية) الذي كما سبق وأشرنا من أسرة ذات شهرة كبيرة وهو سليل عائلة كانت قد حكمت الجزائر وذات نفوذ كبير فيها، وفي الجانب المقابل، زهرة الأنس(بطلة الرواية) ابنة تاجر مهم توفي في إحدى رحلاته ومهماته، وهي يتيمة الأم أيضاً، وتمتلك علاوةً على حسن قدها وجمالها وتحررها وذكائها وحسن مكانتها الاجتماعية، موهبةَ قرض الشعر. وكان ابن الملك قد أثار اهتمامها به منذ مدة حينما كانت خارجة في نزهة صحبة خادمتها ”خريف الصيف“ ومجموعة من أفراد عائلتها، حيث رأته وتمنت أن يكون حبيباً لها :”والله إن زهرة لعاشقة فيك قبل ما تسمع بها أنت وتراها وهي ممحنة بحبك منذ أربع سنوات، وكانت قد رأتك في حياة أمها وتعلق قلبها بك، وهي تكابد العشق والغرام..“. في مكان فسيح محاط بالبساتين والغابات، يسكنه إلى جانب ابن الملك وزهرة الأنس كثيرمن الناس، وعلى رأسهم ”العطار“صاحب دكان الحي، وهو يعرف كل كبيرة وصغيرة من خلاله، بحكم اجتماع الناس عنده وتبادل أخبارهم وأمانيهم وأحلامهم وهمومهم، ويلعب دورا مهما في تقريب العشيقين عندما مر ابن الملك ذات يوم بالحي الذي تسكن فيه ”زهرة الأنس“ وسمع الغناء والموسيقى، طلب من العطار أن يعلمه عن مصدر ذلك، فوصف له صاحبته التي أثارت فضول ابن الملك وتمنى التعرف عليها. هكذا كان العطار وسيطا مقرّباً لعب دورا مهما لتبينهما، وكان دائما حاضرا وحريصا على تشجيع لقاءاتهما، إذ أنه كان يستفيد ماديا من عمله هذا، حيث كان يجازيه ابن الملك وزهرة الأنس، لذا كان يعزز دوره ويكثر من تدخلاته حتى يزداد كرم الحبيبين تجاهه، ولما وقعت بعض المشاكل بينهما، تدخل شخصياً من أجل حلها، سواء بطلب منهما، أو بإيعازٍ من خريف الصيف. لهذا، فهو يعد شخصية لعبت دوراً أساسياً في تمتين هذه العلاقة الغرامية، بينما هناك شخص ثان كاد يسمم العلاقة بين العشيقين، وهو ”البربري“ الذي كان يزور زهرة الأنس مرتين في السنة، آتياً من مدينة ”دلس“ الكائنة في شرق الجزائر. وقد جاء ذات يوم وزهرة الأنس في أوج علاقتها بحبيبها، ولما عرف ابن الملك قصته كاد أن يجن وغضب وأحس بإهانة شديدة، فابتعد عنها وعرفت علاقتهما منزلقاً خطيراً كاد يؤدي إلى نهاية تلك العلاقة، لولا تدخل العطار و“خريف الصيف“ ونادل ابن الملك لتعود تلك العلاقة إلى مجراها الطبيعي ، كما كادت تصاب مرة أخرى، عندما عاد البربري، وبتحريض من عجوز شمطاء عملت كل ما في وسعها لتسميم هذه العلاقة الغرامية المثالية، غير أن كل المحيطين بالحبيبين كانوا يقظين ساهرين على إبعاد البربري دونما رجعة. وبعد ذلك، عرف غرامهما وصالا دائما وزواجا سعيدا. كما أراد بعض معارف ابن الملك أن يردوه عن غرامه وأن يأخذ بنصائح والده، ولكنه لم يكن ”يصبرعنها طرفة عين ولا يستغني عنها من الله بشيء. وذكروا أنه اجتمع ذات يوم مع ندماء أبيه، رحمه الله، فساروا ينهونه عن الهوى وينصحونه إلى أن قالوا له أين وصايا أبيك ونصحه لك؟ فأجابهم بأبيات من الشعر وقام وتركهم، حيث قال، عفا الله عنه: ”لا تلومني في الحب من اللوم كف ولا تزيدونني قولا عن المدنف عف اتركوني في غرامي وحبي أحبتي لقولكم قلبي لا يفهم ولا يعرف“عندما يحدثنا الراوي واصفا الحالة النفسية للحبيبين، عن المراحل التي مرت بها علاقتهما، يكلمنا عن”زهرة الأنس“، ثم عن ابن الملك وعما كانا يعانيان في نفس اللحظة ويفكران فيه، فإن كانا يمران بحالة توهج فهما يتنفسان الحلم نفسه، وإن كانا في حالة بؤس وألم فهما يتقاسمان المصير نفسه. ويستعمل الراوي جملاً من نوع” قال صاحب الحديث“ للاستمرار في سياق الرواية، كما ردد كثيرا عبارات أخرى مثل ’“فلما فرغ من شعره بكى وقال“ أو ”هذا ما كان من أمر زهرة الأنس، وأما ما كان من أمر الملك“ وهي جمل يستعملها ليصف لنا ما قام به كل منهما في نفس الموقف أو في اللحظة نفسها. وعندما يكتبان لبعضهما فهما يكتبان شعرا ويتكلمان نثرا، أي نص الرواية مزيج من الشعر والنثر، مما يعكس هموم ورؤى وانشغال الناس في ذلك الوقت. وبالإضافة إلى الشعر نجد الغناء والطرب الذين كانا يتقاسمانه في لقاءاتهما بحضور أصدقاء من الجانبين، وكلما طالت السهرة زاد تعاطي ”الندامى“ بالخمرة، وفي بعض اللقاءات كان حتى العطار الذي انقطع مدة طويلة عن شرب الخمر، يتنازل ويشرب بحضور العشيقين، مما يبين أيضا طبيعة حياة طبقة معينة من الناس.سيحتل الجنس مكانة مهمة في حكاية العشاق، وهو أمرٌ لا فت للانتباه في عمل إبداعي كتب في ذلك الوقت، إذ نرى الراوي يحدثنا عن الوصال والبوس والعناق،“. والجدير بالذكر أن أسلوب الرواية بالإضافة إلى الشعر والنثر حافلٌ بالسجع، تكثر فيه الأمثال الشعبية وتختلط فيه العامية بالفصحى، كما يقسم النص إلى جزءين بماسماه السارد ”بالاستطراد“ يوضح فيه منافع وأنواع المحبة والغرام ومراتبهما ومدى فاعلية وأهمية الحب وانعكاساته على الحبيبين، يقول المحقق ”معظم ما جاء في هذا النص، ويقصد الاستطراد، من التكلم عن الحب ومراتبه منقول من التراث الأدبي العربي أو من اطلاعات المؤلف، والذي يعود إلى كتب مثل” تزيين الأسواق“ و“ ديوان الصبابة“يجد تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع“، وهذا ما يؤكد إلمام الكاتب بأمهات الكتب والمراجع العربية. كما يشير المحقق إلى أن اللقاءات كانت تتم في بيت ابن الملك وزهرة الأنس، وهذا يبين أيضا أبعاد المبادرة التي كانت تأخذها المرأة آنذاك، إذ كانت تستقبل حبيبها دون حرج، ولم تكن لقاءات عادية بل كانت لقاءات غرامية تطول لأيام، حتى يقطعها زائر يأتي ليخبر العشيق أو العشيقة أن أسرتهما تريد رؤيتهما والاطمئنان عليهما لأن أخبارهما قد انقطعت عنهم منذ مدة، وهذا يدل على أن المجتمع كان يتقبل أشياء لا يتقبلها اليوم كثير من المجتمعات العربية . يضاف إلى ذلك الأخطاء اللغوية والإملائية التي أشار إليها المحقق في الحواشي، لكن بالمقابل نجد الراوي يوظف الشعر العربي ليثري عمله وأحيانا يقدم من خلاله أدلة تسمح لنا بالتعرف على الكاتب الحقيقي لهذه الرواية والسنة التي أنجزت فيها، وهذا مما يثبته في آخر قصيدة طويلة تتكون من ٦٦ بيتا، بعد أن قدم لنا نهاية سعيدة للحبيبين، إذ جمع عماله بحضور حبيبته وبعد انتهائهم من الأكل والشرب ألقوا شعرا مدحوا من خلاله ابن الملك كما قدموا له نصائح وتوجيهات ومواعظ . أما كاتب الرواية فيقول عن نفسه في أرجوزة ختم بها روايته، فهو محمد بن إبراهيم. ملاحظة : بحثت الكثيرا من الاساتذة والطلبة الجامعين عن هذا الكتاب لقراءته الا ان الملاحظ ان الكتاب لم يُعاد طبعه وهذا يعتبراهمال لعمل الكاتب الاول او الروائي العربي الاول.