| موضوع: لمحبي فن المقامة وبديع الزمان الهمداني الإثنين يوليو 06, 2020 5:30 pm | |
| في هذا المقال الادبي أردت الحديث عن فن عشقته وأنا بالثانوي وعن شخصية أحببت تاريخها ، أدبها ، تميزها ، بيانها … انه فن المقامة ولا يخفى ان ذُكر فن المقامة ذُكر معه بديع الزمان الهمداني حيث بلغ عدد مقاماته 51 مقامة طبعت في الآستانة ( اسطنبول ) ، ثم بيروت ، وعنى بشرحها الشيخ العلّامة محمد عبده . عبقري في صنعة الأدب واللغة ، بديع في عصره وزمانه حقا ، جاء بفن سحر الألباب ، وجعلني وقتها أذوب في عشق لغة الضاد بسببه ، هو أبو الفضل أحمد بن الحسين ولد في مدينة همذان ، وهي مدينة جبلية في إيران سنة 969 م ، لكنه من أصول عربية وذلك مثبت في رسائله . لُقّلب ببديع الزمان لنبوغه في الأدب واللغة العربية ، إضافة إلى أنه كان سريع البديهة ومتّقد الذكاء ، وكانت له مقدرة عالية جدا في الحفظ .
وقد وصفه من عاصره من الأدباء بقوله : ‘ كان الهمذاني مقبول الصورة ، خفيف الروح حسن العشرة ، عظيم الخلق شريف النفس . وكان طموحا تواقا إلى المجد مغترا بعبقريته ، ولكنه كان شخصية فذة في أدبنا العربي لدرجة أن لقّبه معاصروه ببديع الزمان ‘ .
وقال عنه أبو الحسن البيهقي : ‘ كان بديع الزمان يحفظ خمسين بيتا بسماع واحد ، ويؤديها من أولها إلى آخرها ، وينظر في كتاب نظرا خفيفا ويحفظ أوراقا ويؤديها من أولها إلى آخرها ‘ .
تعهد أبوه بتعليمه وتربيته ، فتلقى العلم من كبار علماء بلدته ، فانعكف على الدراسة ونشد سبل النجاح والتميز ، فأحب الأدب ، وعشق لغة الضاد ، فوهبته أسرارها ، ومنحته سحر مكنوناتها ، وتذكرني همة بديع الزمان بالأديب الكبير الجاحظ الذي عاش ومات وسط الكتب . شهد النثر العربي منذ أقدم العصور إلی يومنا هذا تقلبات کثيرة تجلت في مختلف الأساليب والفنون وخلف نتاجات أدبية قيمة، إلا أن من يتتبع نتاجات الأقدمين ومؤلفاتهم نظما ونثرا يری أنهم عنوا بالفنون الشعرية المختلفة عناية خاصة في نتاجاتهم التي تتناول التراث الشعري بين الشرح تارة والنقد تارة أخری. وخير دليل علی هذا الرأي هوالکتب المصنفة في مجال الشعر تحت العناوين المختلفة کـ"نقد الشعر" و"طبقات الشعراء" بالإضافة إلی اعتماد النحويين علی الشواهد الشعرية ما استطاعوا إليه سبيلا في شرح قواعدهم النحوية. هذا عن الهمداني تعالوا بنا الأن لنعرج بشكل مختصر عن فن المقامة : تعد المقامات إحدی الفنون النثرية التي يبالغ فيها الاهتمام باللفظ والأناقة اللغوية وجمال الأسلوب بحيث تتعدی الشعر في احتوائها علی المحسنات اللفظية إلا أنها لم تحظ اهتمام الأدباء والنقاد وهذا لايعني أنهم أهملوا هذا الفن کليا بل المقصود هوأن النثر بشکل عام والمقامات علی وجه الخصوص نالا أقل اهتمام بالمقارنة إلی ما ناله الشعر العربي من علوالشأن.
يهدف هذا المقال إلی دراسة المعنيين اللغوي والأدبي للمقامة مبينا عناصرها الفنية وکيفية نشأتها وتطورها والغور في خصائصها ودراسة ما يميزها عن القصة وأخيرا التعريف بأهم أصحابها.
إن أول من قام بصياغة هذا النوع الأدبي هوبديع الزمان الهمذاني (357هـ - 398هـ) الذي يعد مبدع المقامات ( البستاني، أدباء العرب، ج 2، ص 389) المقامات المقامات في اللغة جمع المقامة؛ والمقامة هي المجلس. والمقصود بالمقامة فی الأدب «قصة تدورحوادثها في مجلس واحد. » (البستاني، أدباء العرب، ج 2، ص 389). المقامة قصة وجیزة أوحکایة قصیرة مبنیةعلی الکدیة (الاستعطاء) وعناصرها ثلاثة: 1) راویة ینقلها عن مجلس تحدث فیه. 2) مکدٍ (بطل) تدور القصةحوله وتنتهي بانتصاره فی کل مرة. 3) ملحة (نکتة)، (عقدة) تُحاک حولها المقامة؛ وقد تکون هذه الملحة بعیدة عن الاخلاق الکریمة وأحیاناً تکون غثّة أوسَمحة وتبنی المقامة علی الإغراق في الصناعة الفظیة خاصة والصناعة المعنویةعامة. خصائص المقامات تمتاز المقامة وتعرف بخصائص شكلية نوردها كالتالي : – المقامة حديث قصير مسجع الأسلوب يلقي به أديب شحاذ متجول ، يخاطب به الجماهير المتحلقة حوله ، موضوع هذا الحديث يتنوع بين النقد الأدبي ، أو الموعظة الأخلاقية ، يتخذه صاحبه وسيلة للكدية ( التسول ) ، واستجداء جيوب مستمعيه ، ويبرع هذا الرجل في شتى أساليب الحيل والخداع للوصول إلى مبتغاه .
– للمقامة بطل وهمي يدعى أبو الفتح الإسكندري ، وراوية وهمي أيضا يدعى عيسى بن هشام .
والسبب الحقيقي في تأليف بديع الزمان لهذه الكنوز هو تلقين تلامذته لفنون اللغة العربية وآدابها ، فأراد أن يبتكر لهم أسلوبا غريبا بديعا يتخذ موضوعات وقصص مشوقة ، تحبب لهم الدراسة ، وتجعلهم يعيشون حلاوة وسحر البيان ، وبالمقابل وجد فيها بديع الزمان متعة ومتنفسا يفجّر فيه إبداعه وعبقريته اللغوية ، فكان من زعماء حركة البديع والتصنع بامتياز .
وفي ذلك يقول الدكتور شوقي ضيف : ‘ ….فكل الذي قصده أن يضع تحت أعين تلاميذه مجاميع من أساليب اللغة العربية المنمقة ، كي يقتدروا على صناعتها ، وحتى يتيح لهم أن يتفوقوا في كتاباتهم الأدبية .
ووضع ذلك في صور قصصية ، يكون فيها حوار محدود ، ويكون فيها ما يشوق ويجذب الناشئة للاطلاع على ما يؤلفه ويصوغه . واختار البطل أديبا شحاذا ليتم له التشويق ‘ .
| |
|