موضوع: تهافت الزعم بأن ماء المطر يشفي من السحر والعين الجمعة فبراير 12, 2021 3:03 am
تهافت الزعم بأن ماء المطر يشفي من السحر والعين
س : الاغتسال بالمطر شفاء من السحر والمس و العين.
الدليل على أن ماء المطر طارد للشياطين: قوله تعالى : ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَالشَّيْطَانِ. وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾
فهي قصة مدد آخر من أمداد الله للعصبة المسلمة، قبيل المعركة.
قال علي بن طلحة، عن ابن عباس قال: نزل النبي- صلى الله عليه وسلم- حين سار إلى بدر والمشركون بينهم وبين الماء رمله وعصة، وأصاب المسلمين ضعف شديد، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ يوسوس بينهم: تزعمون أنكم أولياء الله تعالى وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون مجنبين؟ فأمطر الله عليهم مطرًا شديدًا، فشرب المسلمون وتطهروا، وأذهب الله عنهم رجز الشيطان، وثبت الرمل حين أصابه المطر، ومشى الناس عليه والدواب، فساروا إلى القوم، وأمد الله نبيه- صلى الله علبه وسلم- بألف من الملائكة، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة، ميكائيل في خمسمائة مجنبة".
ولاشك أن المس والسحر والعين هي من رجز الشيطان، والمطر علاج نافع له، وبالتجربة تجد أن المرضى يهربون من نزول المطر مباشرة على أجسادهم وإن كان الاغتسال بماء الزمزم نافع فمن باب أولى أن المطر أنفع، لأنه ماء مبارك والمطر من أسباب رحمة الله للعباد التي هي سبب من أسباب الشفاء.
ومن المرضى من شفاه الله من مجرد نزول المطر على جسده. الماء مضاد للنار أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم ).(الحجر:27). وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها. وقال تعالى: ( وخلق الجان من مارج من نار ).(الرحمن:15) والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ). ومع التجارب فإن سكب الماء البادر طارد للشياطين ومؤذ بل وحارق لهم فكيف بماء المطر أثناء نزوله.
الاغتسال سنة : عن أنس قال : أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا: يا رسول الله لم صنعت هذا ؟ قال : «لأنه حديث عهد بربه» .
تخريج الحديث : رواه الإمام مسلم [1494 ] والبخاري في الأدب المفرد [ 571 ] و الإمام أحمد في المسند [11917 ] ورواه ابو داود في سننه [4436 ] وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبو داود [5100 ] و في المشكاة [1501 ] وفي ظلال الجنة [622 ] و في الإرواء [678 ]
المعنى الإجمالي للحديث: قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم : معنى ( حسر ) كشف أي كشف بعض بدنه، ومعنى «حديث عهد بربه» أي بتكوين ربه إياه، معناه أن المطر رحمة، وهي قريبة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها، وإن كانت هذه الطريقة من السنة ونافعة للإنسان السليم فكيف بك بمن ابتلي بالسحر أو المس أوالعين.
الطريقة المثالية للاستشفاء بماء المطر:
1-الاغتسال للمريض من ماء المطر لحظة نزوله من السماء 2- جمع ماء المطر 3- الاغتسال والشرب منه لمرات كثيرة ولا بأس بالقراءة عليه.
ما ورد أعلاه نص وضعته إحدى الأخوات للنشر في المنتديات .. ولا علم لي بمصداقيته لذا أردت الاستفادة من قبلكم والسؤال .. جزاكم الله خير الجزاء .. فهناك الكثير من الناس الغير عالمين بالدين يكتبون الفتاوى على غير دراية وتأكد من المصدر الصحيح. وأعانكم الله على الخير.
الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فهذا الكلام لا يصح، لا من حيث الجملة ولا من حيث التفصيل.
فأما الجملة فليس لماء المطر علاقة بعلاج المس والسحر والعين، ولو كان ذلك كذلك لاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم حين أصابه السحر، ولبينه صلى الله عليه وسلم لأمته، فهو الرؤوف الرحيم بها، وقد قال أبو ذر رضي الله عنه: تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكرنا منه علما. رواه الطبراني، وصححه الألباني.
ومما علمناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوص المطر أن الدعاء لا يرد حال نزوله، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 75849.
وكذلك التبرك به لكونه حديث عهد بربه، كما في حديث مسلم المذكور في سؤالك، وراجعي الفتوى رقم: 112435
وأما من حيث التفصيل، فرجز الشيطان المذكور في آية الأنفال قد فسره ابن عباس رضي الله عنهما وغيره بما هو منقول في السؤال، فلا يصح بعد العلم بالمراد به أن نقول: (لا شك أن المس والسحر والعين هي من رجز الشيطان). خاصة وأن ذلك ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأحداث القصة وسير المعركة، فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم يعانون من مس أو سحر أو عين يعوقهم في حربهم للمشركين !!
ثم إن الشيطان لم ينصرف من المعركة بعد نزول المطر وإنما انصرف بعد نزول الملائكة، فهذا كبير الشياطين وزعيمهم يصور لنا القرآن موقفه يوم بدر حيث يقول الله تعالى: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ. {الأنفال: 48}.
وقد أجمع المفسرون أو كادوا أن ذلك حدث لما رأى الشيطانُ الملائكةَ ومعهم جبريل عليه السلام، حيث أيد الله المسلمين بإنزال الملائكة، كما قال الله تعالى بعد ذكر إنزال المطر: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا. {الأنفال: 12}. وليس هؤلاء من عموم الملائكة بل هم خيرهم وأفضلهم، كما ثبت في الصحيحين أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين. قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
والمقصود أن الشيطان لم ينكص على عقبيه عند نزول المطر، بل فعل ذلك لما رأى الملائكة، وفي هذا بيان واضح لكون ماء المطر وغيره من أنواع المياه ليس طاردا للشيطان، وفيه إبطال صريح للخرافة المذكورة في السؤال: (ومع التجارب فإن سكب الماء البارد طارد للشياطين ومؤذ بل وحارق لهم، فكيف بماء المطر أثناء نزوله) ؟!!
ولمزيد الإيضاح نورد قوله تعالى: وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ. {الأنبياء: 82}. وقوله سبحانه: وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ. {ص: 37}. فالشياطين وهم مخلوقون من النار قد أقدرهم الله لا على تحمل المياه فحسب، بل على الغوص فيها. ولا إشكال في ذلك؛ لأن أصل الخلقة شيء وحقيقتها بعد ذلك شيء آخر، وإلا فكيف يعذب الشيطان بالنار يوم القيامة، وكيف يتألم الإنسان بل ويموت بسبب الطين وهو مخلوق منه؟! وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 13655.
ومسألة أخرى فجة ومستنكرة، وهي تفضيل ماء المطر على ماء زمزم، حيث يقول كاتب هذا الموضوع: (إن كان الاغتسال بماء زمزم نافعا فمن باب أولى أن المطر أنفع ... )! فهذا خطأ فاحش وجهل فاضح، ويكفينا في رده أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: " خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم؛ فيه طعام الطعم وشفاء السقم ". قال المنذري وتبعه الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، ورواته ثقات، وابن حبان في صحيحه اهـ. وصححه الألباني.
ولذلك كان هذا هو الماء الذي غسل به صدر النبي صلى الله عليه وسلم قبل معراجه إلى السماء، كما في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا فأفرغه في صدري .." الحديث.