السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأحِبَّة في الله
انْتَشَرَ عَلَى صَفَحَات المُنْتَدَيَات مَوْضُوع تَحْتَ اسْم
(آيَة تُقْرَأ مِنَ اليَمِين واليَسَار تُعْطِي نَفْس المَعْنَى)،
وهُوَ كَذِب وافْتِرَاء وجَهْل، ولَيْسَ العَجَب في أنْ يَنْتَشِر الكَذِب،
ولكن العَجَب في أنْ نُصَدِّقه دُونَ أنْ نُعْمِل عُقُولنَا في فَهْمه
وتَحَرِّي صِحَّته ومُوَافَقَته للشَّرْع، ولَيْسَ العَجَب أيْضَاً
في أنْ نَرَى الجَهْل، ولكن العَجَب في أنْ نَسِير وَرَاءه كَالأنْعَام بَلْ أضَلّ.
المَوْضُوع مَوْجُود في مِئَات المُنْتَدَيَات بنَفْس الصُّورَة التَّالِيَة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الاية القرانية تقرأ من اليمين ومن اليسار
الاية الثالثة في سورة المدثر
((ربك فكبر))
وهي تدعو إلى التكبير ..
والتكبير من أعظم القول .. ويسن عند الذبح لله عز وجل ..
وهو أكثر قول في الصلاة .. وأفضل قول في أمور الفرح
التي يفرح بها المسلمون .. وعندما يرون ما يعجبهم من ربهم ..
وعندما يرون شيء كبيرا ً مذهلا ً صنعه البشر .. فيقولون الله أكبر ..
والله سبحانه قادر على كل شيء ..
-----------------------------------
عَنْ مُعَاذ بْن جَبَل رضي الله عنه قَالَ
[ كُنْتُ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم في سَفَر، فأصْبَحْتُ يَوْمَاً
قَرِيبَاً مِنْهُ ونَحْنُ نَسِير، فقُلْتُ: يَا نَبِيّ الله؛ أخْبِرْنِي بعَمَل يُدْخِلنِي
الجَنَّة ويُبَاعِدنِي مِنَ النَّار، قَالَ: لَقَدْ سَألْتَ عَنْ عَظِيم،
وإنَّهُ لَيَسِير عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ الله عَلَيْه، تَعْبُد الله ولا تُشْرِك بِهِ شَيْئَا،
وتُقِيم الصَّلاة، وتُؤْتِي الزَّكَاة، وتَصُوم رَمَضَان، وتَحُجّ البَيْت، ثُمَّ قَالَ:
ألا أدُلّكَ عَلَى أبْوَاب الخَيْر؟ الصَّوْم جُنَّة، والصَّدَقَة تُطْفِئ الخَطِيئَة،
وصَلاة الرَّجُل في جَوْف اللَّيْل، ثُمَّ قَرَأ قَوْله تَعَالَى
(تَتَجَافَى جُنُوبهم عَن المَضَاجِع) حتى بَلَغَ يَعْمَلُون)
ثُمَّ قَالَ: ألا أُخْبِركَ برَأس الأمْر وعَمُوده وذُرْوَة سنَامه؟
فقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: رَأس الأمْر وعَمُوده الصَّلاة،
وذُرْوَة سنَامه الجِهَاد، ثُمَّ قَالَ: ألا أُخْبِركَ بمَلاك ذَلِكَ كُلّه؟
فقُلْتُ لَهُ: بَلَى يَا نَبِيّ الله، فأخَذَ بلِسَانه فَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هذا،
فقُلْتُ يَا رَسُول الله؛ وإنَّا لمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فقَالَ:
ثَكلَتْكَ أُمّكَ يَا مُعَاذ، وهَلْ يَكُبّ النَّاس عَلَى وُجُوهِهم في النَّار
(أو قَالَ عَلَى مَنَاخِرِهم) إلاَّ حَصَائِد ألْسِنَتهم ].
الشَّاهِد في الحَدِيث هُوَ الحَذَر مِنَ الكَلام الَّذِي يُودِي بصَاحِبه إلي النَّار،
ومِنْ نَوْعِيَّة هذا الكَلام الكَذِب، والإشَاعَات، والنِّفَاق، والزُّور،
وكُلّ قَوْل بَاطِل، ومِنَ القَوْل البَّاطِل أنْ نَقُول كَلامَاً لَيْسَ لَهُ أصْل مِنَ الصِّحَّة،
ومَوْضُوع الآيَة التي تُقْرَأ بالعَكْس هُوَ مِنْ نَوْعِيَّة هذا الكَلام البَاطِل
الَّذِي لَيْسَ لَهُ أصْل مِنَ الصِّحَّة،
ونُثْبِت ذَلِكَ بِمَا يَلِي:
1- الآيَة الثَّالِثَة مِنْ سُورَة المُدَّثِّر هي [ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ] ولَيْسَت [ ربك فكبر ]،
وحَرْف الوَاو مَحْذُوف مِنْ كَلام مَنْ يَدَّعُون هذه المَقُولَة،
أي أنَّ الآيَة في قَوْلهم نَاقِصَة، وهُوَ نَوْع مِنَ التَّحْرِيف بالحَذْف،
وبالتَّالِي عِنْدَ قِرَاءَتهَا مِنَ اليَسَار إلى اليَمِين تَكُون [ ربكف كبرو ]،
ولا تَشَابُه بَيْنهَا وبَيْنَ الآيَة.
2- الآيَة كَمَا في كِتَاب الله مَشْكُولَة، أي لكُلّ حَرْف مِنْهَا التَّشْكِيل الخَاصّ بِهِ،
ولا يُمْكِن نُطْق القُرْآن أو كِتَابَته بدون التَّشْكِيل وإلاَّ فَسَدَ وخَرَجَ عَنْ مَعْنَاه،
وبالتَّالِي إذا حَاوَلْنَا قِرَاءَة الآيَة بتَشْكِيلهَا مِنَ اليَسَار إلى اليَمِين مِثْلَمَا يَدَّعُون
[ رْبِّكَفَ كَبَّرَوَ ] فَلَنْ تَكُون كَمَا هي مِنَ اليَمِين إلى اليَسَار.
3- إذا تَجَاهَلْنَا جَدَلاً أمْر حَرْف الوَاو وأمْر تَشْكِيل الحُرُوف،
ونَطَقْنَاهَا كَمَا يَدَّعُون، فعِنْدَ قِرَاءَة الآيَة مِنَ اليَمِين إلى اليَسَار
نَجِد مَسَافَة فَاصِلَة بَيْنَ [ وَرَبَّكَ ] وبَيْنَ [ فَكَبِّرْ ]،
وإذا قُمْنَا بقِرَاءَتهَا مِنَ اليَسَار إلى اليَمِين نَجِدهَا [ ربكف كبر ]،
وبالتَّالِي المَعْنَى يَخْتَلِف عَنْ الآيَة الأصْلِيَّة، فعَلَى حَدّ قَوْلهم
أنَّ الآيَة بِهَا إعْجَاز، فلَيْسَ مِنَ الإعْجَاز أنْ نَحْذِف حَرْفاً مِنَ كَلِمَة
ونُضِيفه إلى كَلِمَة أُخْرَى لنَحْصُل عَلَى نَفْس المَعْنَى.
4- لا يُوجَد أي دَلِيل عَقْلِي أو شَرْعِي أو حتى قَوْل لطَالِب عِلْم فَاشِل
بأنَّ هُنَاك إعْجَاز في القُرْآن بقِرَاءَته مَعْكُوسَاً، سَوَاء عَكْس الحُرُوف
أو الآيَات، بَلْ هُوَ مِنْ أفْعَال الدَّجَّالِين.
5- مَعَ انْتِشَار اسْتِخْدَام الإنترنت، ورَغْبَة البَعْض في تَحْصِيل أكْبَر قَدْر
مِنَ الحَسَنَات عَبْر اسْتِخْدَام هذه التكنولوجيا، بَدَأت تَظْهَر ظَاهِرَة خَطِيرَة،
وهي ظَاهِرَة النَّقْل عَنْ غَيْر تَثَبُّت مِنْ صِحَّة المَنْقُول، وهذه الظَّاهِرَة تَفْتَح
البَاب لكُلّ مَنْ يُرِيد تَخْرِيب الدِّين الإسْلامِي ليَدُسّ فِيهِ مِنَ الأبَاطِيل مَا يَشَاء
اعْتِمَادَاً عَلَى جَهْل النَّاس، فكُلّ فَرْد تَصِله رِسَالَة عَلَى بَرِيده الإلِكْتِرُونِي
يَقُوم بتَمْرِيرهَا بحُسْن نِيَّة دُونَ أنْ يَتَأكَّد مِنْ صِحَّة مَا فِيهَا مِنْ مَعْلُومَات
قَدْ تُخَالِف العَقِيدَة الصَّحِيحَة، وكُلّ شَخْص يُرِيد فَتْح مَوْضُوع في مُنْتَدَى
لكَسْب الثَّوَاب أو للإكْثَار مِنْ عَدَد مُشَارَكَاته يَقُوم بالدُّخُول إلى مُنْتَدَيَات
أُخْرَى ويَقْتَبِس مِنْهَا المَوَاضِيع ويُعِيد نَشْرهَا باسْمه حتى دُونَ تَعْدِيل
ولو بَسِيط فِيهَا، بَلْ يَأخُذهَا بنَصّهَا كَمَا هي، فإنْ لَمْ يَكُن لَدَيْه مِنَ العِلْم
والقُدْرَة مَا يَكْفِيه للتَّأكُّد مِنْ صِحَّة مَا يُرِيد نَشْره؛ فالأوْلَى بِهِ أنْ يَتَوَقَّف
عَنْ النَّشْر أسَاسَاً، لئلا يُضِلّ النَّاس في دينهم ويَتَحَمَّل وِزْر نَشْر البَاطِل
ووِزْر مَنْ يَتَّبِعُوه فِيهِ،
والدَّلِيل عَلَى مَا أقُول أنَّنِي قُمْتُ بعَمَل بَحْث عَبْرَ مُحَرِّك البَحْث جُوجِل
بهذا اللَّفْظ (آية تقرأ من اليمين إلى اليسار) فأظْهَرَ لِي 39 صَفْحَة
كُلّهُم عبَارَة عَنْ رَوَابِط لمُنْتَدَيَات بِهَا نَفْس المَوْضُوع بنَفْس الاسْم،
وإذا دَخَلْتَ عَلَى أي رَابِط ولو بطَرِيقَة عَشْوَائِيَّة سَتَجِد المَوْضُوع هُنَاك بنَفْس الألْفَاظ،
وهذا إنْ دَلَّ عَلَى شَيْء لا يَدُلّ إلاَّ عَلَى عَدَم الدِّقَّة في تَحَرِّي مَا يُقَال ويُنْشَر،
وهُوَ الأمْر الَّذِي حَذَّرَ مِنْهُ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْه وسَلَّم الصَّحَابِيّ
مُعَاذ بْن جَبَل كَمَا في الحَدِيث السَّابِق أعْلاه، فاتَّقُوا الله فِيمَا تَقُولُون،
وأعْلَمُوا أنَّكُم مُحَاسَبُون عَمَّا تَقُولُون، وأنَّ حُسْن النِّيَّة لا يَنْفَع
مَعَ العَمَل الفَاسِد، فالقَاعِدَة تَقُول أنَّ:
النِّيَّة الفَاسِدَة تُفْسِد العَمَل الصَّالِح
والعَمَل الفَاسِد يُفْسِد النِّيَّة الصَّالِحَة
وحَدِيث إنَّمَا الأعْمَال بالنِّيَّات يُؤَكِّد ذَلِكَ المَعْنَى، فالعَمَل لابُدّ أنْ يُوَافِق النِّيَّة
6- هذه فَتْوَى مِنَ الشَّيْخ عَبْد الله السّحِيم حَوْل هذا الأمْر تَحْدِيدَاًالسُّؤَال:
صِحة موضوع ( آية قرآنية تقرأ من اليمين ومن اليسار "وربك فكبّر" )
السلام عليكم
شيخنا الجليل ما رأيكم حول هذا الموضوع والمنحى الذي ينحاه المتحدثون
حول لفظ القرآن بهذا التكلف؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الاية القرآنية تقرأ من اليمين ومن اليسار
الاية الثالثة في سورة المدثر (( ربك فكبر ))
وهي تدعو إلى التكبير .. والتكبير من أعظم القول ..
ويسن عند الذبح لله عز وجل .. وهو أكثر قول في الصلاة ..
وأفضل قول في أمور الفرح التي يفرح بها المسلمون ..
وعندما يرون ما يعجبهم من ربهم .. وعندما يرون شيء كبيرا ً
مذهلا ً صنعه البشر .. فيقولون الله أكبر ..
والله سبحانه قادر على كل شيء ..
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لا يجوز هذا الفعل من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه تنكيس للقرآن ، وقد نصّ العلماء على أنه لا يجوز تنكيس القرآن .
قال الإمام القرطبي في مقدمة تفسيره : ومِن حُرمته ألاَّ يُتْلَى مَنْكُوسًا .
وقال أيضا : وأما ما رُوي عن ابن مسعود وإن عمر أنهما كَرِها
أن يُقرأ القرآن منكوسا ، وقالا : ذلك منكوس القلب .
فإنما عَنَيا بذلك مَن يَقرأ السورة منكوسة ،
ويبتديء من آخرها إلى أولها ؛ لأن ذلك حرام محظور .
وذَكَر النووي أن أبا دواد روى بإسناده الصحيح عن عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه أنه قيل له : إن فلانا يقرأ القرآن منكوسا .
فقال : ذلك منكوس القلب .
وأما قراءة السور من آخرها إلى أولها فممنوع منعا مُتأكدا ،
فإنه يُذْهِب بعض ضروب الإعجاز ، ويُزيل حِكْمَة ترتيب الآيات ،
وقد روى ابن أبي داود عن إبراهيم النخعي الإمام التابعي الجليل
والإمام مالك بن أنس أنهما كَرِها ذلك ، وأن مَالِكًا كان يَعِيبه ، ويقول : هذا عظيم .
الثاني : كونه تكلّفا ، وهذا أبعد ما يكون عن طريقة القرآن والسنة .
الثالث : ما يتضمنه من حذف لبعض أحرف الآية ،
وهذا يُخشى على فاعله من الكُفر .
فإن الآية المذكورة (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) ،
لا يتم ما قالوه فيها إلاّ بِحذف حرف الواو في أول الآية .
لأن إبقاء حرف الواو يُفسد عليهم ما زعموه !
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
شبكة مشكاة الاسلامية فتوى رقم : 77903
رُفع الموضوع من منتديات جامعة القاهرة للتعليم المفتوح
وتأكدت من الفتوى من موقع الشيخ السحيم حفظه الله
وذكرت عنوان ورقم الفتوى للتأكد