كشفت دراسة جديدة قام بها باحثون من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ونشرت في مجلة التحريات الطبية (The Journal of Clinical Investigation)، أن الأطعمة المالحة لا تسبب العطش كما كان معظمنا يعتقد.
وقد قام الباحثون بإجراء الدراسة على مدى عام كامل على رواد فضاء خضعوا لتجربة افتراضية تحاكي واقع رحلة إلى المريخ، وخلال هذه السنة راقب الباحثون العلاقة بين حصة رواد الفضاء من الملح ومستويات الرطوبة في الجسم عموماً، وخرجوا بنتيجة مفادها أن الرابط الوثيق الذي لطالما شعرنا بوجوده بين الملح والعطش ما هو إلا خرافة لا أكثر، بل وعلى العكس من ذلك وجدوا أن الأطعمة شديدة الملوحة كبحت شعور رواد الفضاء بالعطش جاعلة إياهم أكثر نشاطاً وأجسامهم أكثر ترطيباً.
وفي هذه الدراسة والتي تعتبر الأولى من نوعها في بحث الرابط بين النظام الغذائي وعادات الشرب لدى الإنسان، قام الباحثون بالتحكم في كميات الملح في طعام رواد الفضاء، وبينما وجدوا أن كميات الملح في البول تزداد وهو أمر بديهي مع زيادة جرعة الملح، كما أنهم وجدوا أن العلاقة بين البول الذي يتم إنتاجه وكملة الملح لم تتغير إذ يزداد بالفعل إنتاج البول، ولكنهم وجدوا أن هذا لم يكن بسبب زيادة استهلاك رواد الفضاء للسوائل، بل كان السبب في ذلك هو أن الملح جعل الكليتين تحاولان اتباع ميكانية تمكنهم من الاحتفاظ بالسوائل لفترة أطول.
وكانت الفرضية السائدة تقول أن جزيئات الصوديوم والكلوريد في الملح المستهلك كانت تجذب جزيئات الماء لتخرجها معها عبر البول، ولكن الدراسة الجديدة وجدت أن الملح يبقى موجوداً في البول، بينما يعود الماء إلى الكليتين ثم إلى الجسم، وهو الأمر الذي حير الباحثين القائمين على الدراسة، فلا زالوا يبحثون عن السبب الذي جعل الماء يعود من البول إلى الجسم، وتتمحور شكوكهم حول بروتين اليوريا المتواجد في البول والذي يتم تكوينه في العضلات والكبد.
ولوحظ كذلك أن رواد الفضاء الذين كانوا يستهلكون كميات متزايدة من الملح، كانوا يشعرون بالمزيد من الجوع لا العطش.
وهذه الدراسة قد تغير كثيراً في نظرة العلماء إلى اليوريا على أنه مجرد فضلات تخرج مع البول، فقد يكون لليوريا دور أكثر أهمية من ذلك.