سلسلة جوانب مشرقة في جزء تبارك إعداد: عمر محمود أبو أنس
1- سورة الملك
موضوعات السورة : قدرة الله في خلقه – الرد على إنكار الكافرين للبعث – مشهد عذاب الكافرين في السعير – عجز الأنداد والشركاء من دون الله
واما الجوانب التي اهتمت بها السورة :
أولا : الجانب الاعتقادي
1- تمجيد الله وتعظيمه فهو سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلى وذلك واضح في استهلال السورة بقوله تعالى :” تبارك ” أي تعاظم وتعالى 2- الله سبحانه له الملك والقدرة المطلقة : ” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” 3- الله سبحانه الخالق أي الموجد من عدم ، فهو الذي خلق الحياة وهو الذي خلق الموت (أي قدره أزلا) : ” الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ”
4- مظاهر قدرة الله في خلقه : • خلق السماوات السبع الطباق والتحد ي بوجود خلل أو قصور فيها ولو دققت النظر مرارا وتكرارا “الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ” • جعل النجوم زينة للسماء الدنيا ، وشهبا حارقة للشياطين التي تصعد للملأ الأعلى : ” وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ” • خلق الطير والتأمل في قدرتها على الطيران بإذن الله : ” أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ”. • خلق الانسان والسمع والأبصار والأفئدة : ” قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ”. وكل هذه المظاهر من خلق الله المبدع شاهدة على ألوهيته و وحدانيته ، وأما الذين كفروا به فجاء التهديد لهم بعذاب السعير: ” وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”
5- مشهد من عذاب الكافرين في جهنم : • وصف جهنم أنها تكاد تتقطع وتتمزق من الغيظ ويسمع لها شهيق وزفير وهي تغلي من حرها وكل ذلك في وصفها فكيف وصف حال من فيها : ” إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ”
• العذاب المعنوي والذي يضاف إلى العذاب الحسي للكافرين في النار وذلك بتوبيخ خزنة النار لهم على عدم ايمانهم : ” كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ”
• الاعتراف بالذنب حين لا ينفع الندم ، تزيد الكافرين حسرة على حسرتهم وهم يذوقون العذاب : ” فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ”
6- الصورة المقابلة مشهد المؤمنين الذين يخشون ربهم في السر والعلن لهم البشري بالمغفرة والأجر الكبير : ” إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ”
7- تقرير حقيقة البعث والنشور بعد الموت ، فالذي خلق أول مرة قادر أن يعيد الخلق مرة أخرى : ” قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ “.
8- موعد الساعة لا يعلمه إلا الله ، وما على المؤمن إلا الاستعداد لها بالعمل الصالح : ” وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ”. ولكن موعدها قريب وعندها يجد الكافرين ما يسوؤهم : ” فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ”.
ثانيا : الجانب التربوي والأخلاقي
1- الاعتراف بالذنب فضيلة ، إن تدارك الإنسان نفسه بالرجوع عن الخطأ وتصحيح المسار وإلا كان الهلاك : ” فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ”
2- سنة الابتلاء بالخير والشر والتي جعلها الله جارية في خلقه ليعلم الشاكر والجاحد فهذه الدنيا لا تدوم على حال ، ليكون المؤمن عند البلاء من الصابرين وعند الرخاء من الشاكرين : ” لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا”
3- استخدام الجوارح كالسمع والبصر في الاهتداء الى الحق : ” وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ”
4- مراقبة الله في السر والعلن ، وأن تستحي أن تأتي في العلن ما تستحي فعله في السر :” يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ” وقوله : ” وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور”.
5- الشعور بغاية الضعف والعجز أمام الله ، فلو سلبك الماء الذي تشربه فغاص في الأرض لما استطعت له وصولا : ” قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ”
ثالثا : الجانب الدعوي والاجتماعي
1- ” لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” قاعدة جليلة في تمحيص الأشخاص ومعرفة الكفاءات واختيار الأصلح
2- في السورة دعوة إلى التأمل والتفكر في خلق الله ( السماء ونجومها والأرض والسعي في مناكبها واستخراج خيراتها والتدبر في الطير وعملية الطيران ) : ” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” وبهذا التأمل والسعي يكون استثمار خيرات الأرض وعمرانها بالاختراعات والصناعات
3- الاستخدام الأمثل للجوارح كالسمع والبصر في اكتساب العلوم والمعارف بما ينفع الناس والمجتمع وإلا كانت وبالا على أصحابها : ” وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ”
4- اختيار منهج الله كمنهج حياة عن المناهج الأخرى البشرية ، لأنه من عند الله وهو أعلم بخلقه وما يصلح لهم : ” أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ”
5- سنة الله في إهلاك الظالمين قائمة مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة ، وأنه القادر على أن يرسل العذاب من فوقكم او من تحتكم على من كفر وطغى : ” أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نذير”.
6- أخذ العبرة والعظة في هلاك الأمم السابقة ، كي لا يصيبنا ما أصابهم : ” وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ”.
7- التوكل على الله وعدم الاغترار بقوة الطغاة والمستكبرين ، فإنهم لا يملكون من أسباب القوة شيئا : ” أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ “
8- طريق الحق والهداية بما فيه من الأحكام والتشريعات التي تكفل سعادة الفرد والمجتمع في الدنيا والأخرة هو الأولى أن يتبع ، وشتان بين المؤمن البصير الذي يسير على نور من ربه ومن يمشي متخبطا لا يعرف طريق الصواب : ” أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ “
9- لا منجى من عذاب الله الا بالله ، فإليه يكون الالتجاء وعليه يكون الاعتماد : ” قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”.
10- استخدام الدعاة في حوارهم مع الأخرين الحجج والبراهين الدالة على صدق دعوتهم ، كما استعرضت الآيات الأدلة الواضحة على قدرة الله وألوهيته استنادا إلى القاعدة القرآنية : ” قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين “.