[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تعرف على نظرية ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع شخصية عبقرية فذة، فكان عالمًا موسوعيًا متعدد المعارف والتخصصات، وهو إمام ومطور في علم التاريخ، كما أنه أحد علماء الحديث، ومن فقهاء المذهب المالكي، وله إسهامات في التجديد بأسلوب الكتابة، ويعد ابن خلدون المنشئ الأول لعلم الاجتماع، حيث تدل مقدمته الشهيرة على ذلك، ومع ذلك فهو موضوع غير متفق عليه، فقد تطرق فيها لبعض المظاهر الاجتماعية، وقد استدل فيها ابن خلدون من ملاحظة الظواهر الاجتماعية،[١]، وقد اشتهر كثيرًا نتيجة كتابه مقدمة ابن خلدون، حيث اعترف العلماء والفلاسفة الأوروبيون في القرن التاسع عشر أيضًا بأهمية هذه المقدمة، فقد اعتُبر ابن خلدون أحد أعظم فلاسفة العصور الوسطى، ولحسن الحظ فإن حياة ابن خلدون موثقة بشكل كبير نسبيًا، فقد كتب بنفسه سيرته الذاتية المسماة "التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا".[٢]
من هو ابن خلدون
ابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون 1332 - 1406م، ولد ونشأ في تونس ودرس فيها وتخرّج في جامع الزيتونة، تزوج ابن خلدون في مدينة بسكرة، ثم رحل إلى مدينة فاس فأجلسه الأمير أبو عنان المريني في مجلسه العلمي ووظفه مؤرخًا لعهده وما فيه من أحداث، واشتغل بالكتابة والتوسط بين الملوك والأمراء في بلاد المغرب والأندلس، ثم رحل أيضًا عام 1363م إلى غرناطة ثمّ إلى إشبيلية وعاد بعد ذلك إلى المغرب، ثم ركب سفينةً إلى الإسكندرية وتوجه من ثَمَّ إلى القاهرة، وهناك قلده السلطان برقوق على قضاء المذهب المالكي، وبعد ذلك ترك منصبه وتفرغ للتدريس والتأليف، فكانت مؤلفاته من أهم المصادر الثقافة والعلم والفكر العالمي، ومن أشهر هذه الكتب، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في معرفة أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، توفّي ابن خلدون في القاهرة سنة 1406م 808 هـ. وكان من شيوخه الفقيه الزيتوني ابن عرفة في جامع الزيتونة.[١]
مقدمة ابن خلدون
المقدمة هو مجلد كبير ألفه ابن خلدون سنة 1377م كمقدمة لمؤلفه التاريخي الكبير المسمى كتاب العبر، وقد اعتبر العلماء هذه المقدمة لاحقًا مؤلفًا منفصلا، لأنها ذات طابع موسوعي، فهي تتناول معظم ميادين المعرفة آنذاك من الشريعة والفقه والتاريخ الإسلامي والجغرافيا والاقتصاد المالي والعمران البشري والاجتماع وحتى الطب، فقد تطرق فيها لأحوال البشر واجتماعهم واختلافات طبائعهم ومجتمعاتهم وأثر البيئة فيهم، كما درس تطور الأمم والأجيال والشعوب بدءًا من نشوء الدول وأسباب انهيارها، مع التركيز في ذلك على نظرية مفهوم العصبية، وهو بهذه المقدمة يعد قد سبق كثيرًا من المفكرين الجدد إلى بعض الآراء والأفكار المعاصرة، حتى أنه قد اعتبر واضعًا حجر الأساس لعلم الاجتماع بشكله القديم، وقد تطرقت مقدمة ابن خلدون لموضوعات عديدة في ستة أبواب، وهي:[٣]
- الباب الأول: في العمران البشري على الجملة وأصنافه وقسطه من الأرض.
- الباب الثاني: في العمران البدوي وذكر القبائل والأمم الوحشية.
- الباب الثالث: في الدول والخلافة والملك وذكر المراتب السّلطانية.
- الباب الرابع: في العمران الحضري والبلدان والأمصار.
- الباب الخامس: في الصنائع والمعاش والكسب ووجوهه.
- الباب السادس: في العلوم واكتسابها وتعلّمها.
مؤسس علم الاجتماع
علم الاجتماع هو العلم الذي يهتم بدراسة الخصائص والتفاعلات البشرية المختلفة، ويدرس العلاقات بين الأفراد والجماعات بحسب البيئة السكانية للمجموعات والأفراد، ويعتبر الخبراء في مجال علم الاجتماع الباحث أوغاست كونت المؤسس الغربي لهذا النوع من العلوم، إلا أن الباحث والمؤرخ عبد الرحمن بن خلدون هو مؤسس هذا العلم بحسب رأي الكثير من الخبراء العرب في هذا المجال، فقد استطاع ابن خلدون بذكائه ودقة ملاحظاته التي جمعها في مقدمته التي اشتهرت بمقدمة ابن خلدون والتي تحدث فيها بشكل مفصل عن علم العمران أو الاجتماع البشري وجميع الظواهر الانسانية المرتبطة ببعضها، فكانت نظرية ابن خلدون النظرية الأكثر وضوحًا و شمولًا.[١]
نظرية ابن خلدون
يعتبر ابن خلدون الباحث الاجتماعي الأوفر حظًا بين أبناء جلدته من العرب والمسلمين ومن العلماء والباحثين الغربيين، فقد أجمعت مجمل الدراسات في الشرق والغرب على ألمعيته وريادته في المجالات المعرفية التي لم يقتحمها أحد من الفلاسفة والمؤرخين قبله، فقد فسرت نظرية ابن خلدون علم الاجتماع "العمران" بشكل مبسط، فشرح من خلالها واقع الاجتماع السياسي من منظور التجارب التاريخية، إن الإنسان بحسب شرح ابن خلدون كائن اجتماعي لا يستطيع العيش إلا في مجتمعات وليس مهيأً للعيش وحده، فالإنسان مخلوق يملك مصيره ويتحمل مسؤوليته الفردية داخل مجتمعه الإنساني، بحيث يصبح تحقيقها مسؤولية جماعية في العمران الاجتماعي، وقد أصلت نظرية ابن خلدون إشكاليات علم الاجتماع إلى ثلاثة أقسام وهي:[٢]
- حاجة الإنسان للاجتماع والعمران: إن الإنسان مخلوق اجتماعي مدني بطبيعته، وإن قوْته وأمانه لا يتحقق بقدرات شخصية فهو بحاجة إلى تكاتف جماعي مع بني جلدته ليحافظ على ديمومته وبقائه وقوْته، فالاجتماع والعمران حاجة بشرية بالسليقة، ولكنها بحاجة إلى ما يشد هذا النسيج الاجتماعي، وبحسب ابن خلدون هو "المُلْك".
- حاجة الإنسان إلى دولة لانتظامه وعمرانه: تعتبر الدولة الحاضن الوحيد لاستقرار العمران ويدور في محورها الاجتماع البشري، فتحدث بشكل مفصل ومطول عن نشأتها وازدهارها وهرمها ووهنها ثم انقراضها، فالدولة بحسب نظرية ابن خلدون مقومة العمران وهي الحافظ لوجوده، ولكنه اعتبر أيضًا أن الدولة امتداد زماني ومكاني لعصبية ما.
- فاعلية العمران ودور العصبية في ضبطه: لم يختلف الباحثون في أن متن ابن خلدون أساسه العصبية، وأن نظرته تمحورت حول بلاد المسلمين وكانت مصدر تفسيره للقوة التي حركت العمران والدولة، فتحدث عن اللحمة والنسب وعن العصبية وغاية العصبية، وعن علامات المُلْك وطبائع المُلْك، وغير ذلك من مقومات العصبية وأطوار الدولة والترف والانقياد والفساد وخراب العمران.[٢]
أقوال ابن خلدون
من أهم ما جاء في نظرية ابن خلدون أن استمرار الدول وعمارتها للأرض يحتاج إلى توازن بين الراعي "السلطان" والرعية، وهو الرابط بين السياسي والمدني، فكانت رجاحة عقله ورأيه واضحة في مجمل كتابه، الذي عرف بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ومن أقواله المشهورة:[٣]
- إنَّ تنظيم الحياة الاجتماعية، وتصريف أمور الملك يتطلّب الرجوع إلى قوانين سياسية مفروضة يسلمها الكافة وينقادون الى أحكامها.
- إنَّ سبب العصبية القبلية بأن الحضارات الأخرى تصعب عليها مخالطة الأعراب بسبب البيئة القاسية التي يعيشونها، فجعلهم ذلك منعزلين.
- الحاكم الظالم يظهر له الشعب الولاء، ويبطن له الكره والبغضاء، فإذا نزلت به نازلة أسلموه ولا يبالون.
- إذا رأيت الدول تنقص من أطرافها، وحكّامها يكنزون الأموال فدقّ ناقوس الخطر.
- غاية العمران هي الحضارة والترف، وإنه إذا بلغ غايته انقلب إلى الفساد وأخذ في الهرم، كالأعمار الطبيعية للحيوانات.
- اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد شريف الغاية إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتى تتم فائدة الاقتداء.
- إنَّ الاجتماع الإنساني ضروري، فـالإنسان مدني بالطبع، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية، ومن العجز عن استكمال وجوده وحياته، فهو محتاج إلى المعاونة في جميع حاجاته أبدًا بطبعه.
أفندينا ♛ يعجبه هذا الموضوع