[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] معلومات عن اداب زيارة القبور وحكم زيارة النساء لها إن زيارة القبور من المسائل المطروحة بشكلٍ واسع لدى علماء الشريعة والفقه الإسلامي، حيث تناولوها بالبحث والدراسة وبينوا حكم زيارة القبور وتطرقوا إلى جميع الأمور التي تخص المقابر والدفن، وفي تفسير قوله تعالى في سورة المائدة: {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ}،[١] يقول الإمام الطبري -رحمه الله- أن الدفن لم يكن معروفًا وقتها فأرسل الله -عزّ وجلّ- غرابًا ليعلّم أحد ابني آدم -عليه السلام- سنة الله في التعامل مع الأموات وهي الدفن بالتراب، وسيكون هذا المقال للإجابة عن حكم زيارة القبور بالإضافة إلى الأمور الأخرى المتعلقة بها مثل آداب الزيارة وكيفيتها.[٢]
حكم زيارة القبور
إن حكم زيارة القبور من الأحكام الشرعية الجدلية والسبب في ذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- منع من زيارة القبور في أوائل الإسلام ثم أذن بزيارتها، حيث قال: "نهَيْتُكم عن زيارةِ القُبورِ، ثمَّ بَدَا لي أنَّها تُرِقُّ القُلوبَ، وتُدمِعُ العَينَ، فزُورُوها، ولا تَقولوا هُجْرًا"،[٣] يتبين من الحديث الشريف أن حكم زيارة القبور من الأحكام المنسوخة فقد نهى الرسول الكريم عنها في بداية الأمر خشية أن تُصنع في المقابر طقوس الجاهلية فالصحابة الكرام كانوا حديثو عهدٍ بالإسلام ولازالوا في طور تأسيس العقيدة وإرساء دعائمها ثم لمّا تمكن الإيمان من النفوس وعمَرَت القلوب بالتوحيد أذِن رسول الله بزيارة القبور.[٤]
والجدير بالذكر أن حكم زيارة القبور أنها سنّة مؤكدة ومستحبة وذلك لأن الرسول الكريم زار قبر أمه كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "زَارَ النبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَن حَوْلَهُ، فَقالَ: اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ"،[٥] أما الحكمة من الزيارة فقد ظهرت من خلال الأحاديث وهي الموعظة والاعتبار وترقيق القلوب ولكي يتذكر الإنسان مآلَه وآخرته، مما يدفعه إلى الإكثار من العمل الصالح والتزود من الطاعات.[٤]
حكم زيارة النساء للقبور
تم إفراد حكم زيارة القبور بالنسبة للنساء عن حكم الزيارة بشكلٍ عام لأنه محط خلاف بين أهل العلم، حيث نهى بعض علماء المسلمين عن زيارة النساء للقبور ومنعوا منها معللين ذلك بالحديث الوارد في سنن الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- لعنَ زوَّاراتِ القبورِ"،[٦] وقالوا بأن الإذن بالزيارة خاص بالرجال غير شامل للنساء، أما المجيزين لزيارة النساء للقبور فقد حملوا هذا الحديث على اللواتي يكثرن الزيارة واستدلوا بأدلة عدّة فيما يأتي بيانها:[٧]
- عموم الإذن: ويعني أن سماح النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بزيارة القبور جاء لفظًا عامًا يشمل الرجال والنساء.
- الحكمة من الزيارة: تم بيان الحكمة من زيارة القبور بأنها للاتعاظ وتذكر الآخرة وهذا مما يحتاج له الرجال والنساء.
- تعليم الدعاء: أورد الإمام مسلم في صحيحه حديثًا مطولًا وفي نهايته علّم الرسول الكريم دعاء دخول المقبرة للسيدة عائشة، حيث قال: " قُولِي: السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وإنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بكُمْ لَلَاحِقُونَ"،[٨] ولو كانت ممنوعة من الزيارة لما اقتضت الحاجة لهذا التعليم.
- الإقرار: جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "مَرَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي"،[٩] يظهر من الحديث أن رسول الله لم ينكر على المرأة وجودها عند القبر بل أرشدها إلى الصبر والاحتساب، ومن المقرر في الدين الإسلامي أن عدم إنكار النبي لفعل معيّن يعتبر إقرار منه لصحة هذا الفعل.
- زيارة السيدة عائشة: زارت أم المؤمنين عائشة قبر أخيها عبدالرحمن، حيث روى الألباني في أحكام الجنائز عن عبدالله بن أبي مُليكة: "أنَّ عائشةَ أقبلَتْ ذاتَ يومٍ مِنَ المقابِرِ، فقلتُ لها: يا أمَّ المؤمنينَ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتِ؟ قَالَتْ: مِنْ قَبْرِ عبدِ الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ، فقُلْتُ لَها: أليسَ كانَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- نَهى عنْ زيارَةِ القبورِ؟ قالتْ: نَعَمْ: ثُمَّ أمَرَ بزيارتِها".[١٠]
آداب زيارة القبور
بعد الحديث عن حكم زيارة القبور وأنه من السنّة لا بدّ من التطرق إلى آداب زيارة القبور، إذ كثيرًا ما يقع الناس في الأخطاء والبدع نتيجة الجهل بالأحكام الشرعية الخاصة، فلا بدّ من معرفة ما هي الأمور التي يمكن أن يصنعها الإنسان في المقبرة والأمور التي يُحرم فعلها، عند الحديث عن حكم زيارة القبور تم ذكر حديث ينهى فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن قول الهجر في المقبرة ومعنى الهجر أي الكلام القبيح مثل التفجع والتسخط والنياحة، كما تمت الإشارة إلى أن رسول الله قد علّم السيدة عائشة دعاء دخول المقبرة، وقد وردت عدة صيغ لهذا الدعاء منها ما جاء في صحيح مسلم وهو: "السَّلَامُ علَيْكُم دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وإنَّا، إنْ شَاءَ اللَّهُ، بكُمْ لَاحِقُونَ"،[١١] والدعاء بالسلام لا يكون إلا لمن عرف الإنسان أنه قبر مسلم.[١٢]
كما أن الإسلام هو دين تكريم الإنسان حيًّا وميتًا ولذلك فإنه من الواجب احترام المقابر ومراعاة حرمة ساكنيها ويكون ذلك بعدم المرور على القبور والمشي والجلوس فوقها، وقد وردت أحاديث تنهى عن الجلوس إلى القبور منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لأَنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ علَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدِهِ، خَيْرٌ له مِن أنْ يَجْلِسَ علَى قَبْرٍ"،[١٣] يظهر من هذا الحديث شدة حرمة امتهان القبور والاستهانة بها ويدخل في ذلك رمي الأذى بين القبور وأي فعل يُسيء إليها وهذا مما يجب تعليمه للصغار وأن يكون من ضمن أساسيات التربية الإسلامية الصحيحة.[١٤]
كيفية زيارة القبور
إن معرفة الطريقة الصحيحة في زيارة القبور والمقابر من الأشياء المهمة بسبب قلة الحديث في هذا الإطار، فالزيارة الشرعية غير محددة بزمان ولا يُشرع جعل زيارة المقبرة موسم وطقس يُفعل في عيدي الفطر والأضحى إضافةً إلى عدم جواز تخصيص أيام محددة للزيارة كيوم الجمعة أو الخميس، كما أن قراءة القرآن الكريم غير مشروعة في المقبرة،[٧]وتكون الكيفية الشرعية للزيارة بأن يقف الإنسان عند رؤوس القبر بحيث ينظر إلى القبور ولا يمشي بين القبور، ولا يقف على كل قبر لوحده إلا إذا كان قبرًا لأحد والديه وأقاربه ومن يعرِف، وبهذا تتحقق الحكمة من زيارة القبور -بإذن الله- وهي الموعظة والاعتبار والدعاء للميت وإدراك أن الموت قريب من الإنسان ويمكن في أي لحظة أن يموت ويُدفن مع الموتى الذين قام بزيارتهم.[١٢]
الموت
إنَّ الموت حقُّ على كلِّ حيٍّ مهما طال به الزمان أو قصر، وهذه حقيقة ثابتة في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- حيث قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}،[١] وهذا الموت لا يمكن ردُّه ودفعه وإن أخذ الإنسان كافة الاحتياطات ولو عاش في بروجٍ مشيدة،[٢] ودليل ذلك قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}،[٣] لذلك؛ لا بدَّ للمؤمن من أن يتذكر الموت وينظر له على أنَّه فراقٌ للأعمال الصالحة، فيرقُّ قلبه ويقبل على الله من جديد ويستزيد من الطاعات، قبل أن ينتقل إلى أول منازل الآخرة ألا وهو القبر،[٤] ولا بدَّ من التنوية إلى أنَّ زيارة القبور من أحد أسباب ترقيق القلوب،[٥] لذلك سيتم تخصيص هذا المقال للحديث عن حكم زيارة القبور في العيد، ثمَّ سيتم بيان صفة الزيارة المشروعة للقبور.
حكم زيارة القبور في العيد
إنَّ زيارة القبور تعدُّ من الأمور المستحبَّة في الإسلام، ودليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قَد كُنتُ نَهَيتُكُم عَن زيارةِ القُبورِ، فقَدْ أذنَ لِمُحمَّدٍ في زيارَةِ قبرِ أمِّهِ، فَزوروها فإنَّها تذَكِّرُ الآخِرةَ"،[٦] وقد جاء الأمر بزيارة القبور مطلقًا غيرٌ محددٍ بوقتٍ ولا بحالٍ دونَ حال،[٥] وعلى ذلك يمكن القول بأنَّ حكم زيارة القبور في العيد تعدُّ من الأمور الجائزة ولا فرق في ذلك بين الرجال والنساء، مع التنبيه إلى ضرورة اجتناب المخالفات الشرعية؛ كاختلاط النساء بالرجال أو تبرجهنّ أو مصافحة الأجانب، بالإضافة إلى ضرورة اجتناب الصراخ والصياح والنواح، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ"،[٧] ورغم ما ذُكر سابقًا من جواز زيارة القبور في العيد إلَّا أنَّه لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ بعض العلماء عدَّ تخصيص زيارة القبور في العيد من العادات السيئة والبدع المستحدثة المحرمَّة.[٨]
صفة الزيارة المشروعة للقبور
تمَّ في الفقرة السابقة بيان حكم زيارة القبور في العيد، وهذه الزيارة لا بدَّ أن يكون لها عدَّة مقاصد، ومنها: الاعتبار وتذكُّر الآخرة والإحسان إلى الميت بالدعاء له بالرحمة والاستغفار، بالإضافة إلى إحسان الإنسان إلى نفسه بتطبيق سنَّة نبيِّه والوقوف على حدود الشرع،[٩] كما أنَّ لزيارة القبور صفة مشروعة، وفيما يأتي بيان أحكامها:
- السلام على أهل القبور والدعاء لهم عند زيارتهم أو المرور بهم، وهذا متفقٌ على مشروعيته عند الفقهاء،[١٠] ودليل ذلك ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتى المقبرة فقال: "السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ".[١١]
- أن يكون الزائر قائمًا حال الزيارة والدعاء، ودليل ذلك ما ورد عن السيدة عائشة أنَّها قالت: "ثُمَّ انْطَلَقْتُ علَى إثْرِهِ، حتَّى جَاءَ البَقِيعَ فَقَامَ، فأطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ"،[١٢] مع التنبيه إلى أنَّ بعض الفقهاء قالوا أنَّ الزائر مخيَّر بين الجلوس والقيام.[١٣]
- أن يكون قريبًا من القبر.[١٤]
- أن يستقبل الزائر القبور عند السلام على أهلها والدعاء لهم، وقيل أنَّ السنة هو استقبال القبلة.[١٥]
- أن يكون الزائر على وضوء، مع العلم أنَّه لم يرد دليل على ذلك والله أعلم.[١٦]