[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تعرف على احكام جواز صيام الحوامل والمرضعات يُعرّف الصيام لغًة بالإمساك، حيث تقول العرب صام النهار أي توقف سير الشمس، وأما اصطلاحًا فيُعرّف الصيام على أنه عبادة الله تعالى بالامتناع عن سائر المفطرات، كالأكل، والشرب، والجماع من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، من شخص مخصوص، وبشروط مخصوصة،[١] وينقسم الصيام إلى عدة أنواع، وهي: الصيام المفروض وهو صيام شهر رمضان، وصيام الكفارات، والصيام الواجب وهو صيام النذر، وصيام التطوع بعد الشروع فيه، والصيام المسنون وهو صيام تاسوعاء وعاشوراء، والصوم المندوب وهو كل صيام ثبت في السنة النبوية، كصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وفي هذا المقال ستتم الإشارة إلى حكم صيام الحامل والمرضع.[٢]
حكم صيام الحامل والمرضع
اختلف الفقهاء في حكم صيام الحامل والمرضع، حيث ذهب فريق من أهل العلم إلى جواز إفطار الحامل والمرضع، ولزوم القضاء عليها فيما بعد، واستدلوا على قولهم بما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ اللهَ وضعَ عنِ المسافرِ نصفَ الصلاةِ والصومِ، وعن الحبلى، والمرضعِ"،[٣] ووجه الدلالة في الحديث الشريف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جعل حكم الحامل والمرضع كالمسافر، ويجوز للمسافر أن يُفطر ولا يلزمه إلا القضاء، واستدلوا أيضاً بالقياس على المريض إذ إنه يُفطر ويقضي، وهو ما ذهب إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، والإمام أبو حنيفة النعمان رحمه الله.[٤]
وأما الإمام الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل، وابن عمر -رضي الله عنه-ما كان لهم رأي مختلف في حكم صيام الحامل والمرضع، حيث ذهبوا إلى جواز إفطار الحامل والمرضع، ولزوم القضاء فقط في حال كان الإفطار خوفًا على النفس، ووجوب القضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم في حال كان الخوف على الجنين أو المولود، وذهب عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- إلى جواز إفطار الحامل والمرضع وعدم وجوب القضاء عليهما، وإنما يلزمهما إطعام مسكين عن كل يوم، مصداقًا لما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- ما أنه قال:" قوله تعالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال كانتْ رُخصةٌ للشَّيخِ الكبيرِ والمرأةِ الكبيرةِ وهما يُطيقانِ الصِّيامَ أنْ يُفطرا ويُطعِما مكانَ كلِّ يومٍ مسكينًا والحُبلَى والمُرضِع إذا خافَتا"،[٥] ورُوي أيضًا عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه كان يقولُ لأمِّ ولدٍ له حُبلَى: "أنتِ بمنزلةِ الَّتي لا تُطيقُهُ فعليكِ الفداءُ، ولا قضاءَ عليكِ"،[٦][٤]
فضل الصيام
بعد الحديث عن حكم صيام الحامل والمرضع، تجدر الإشارة إلى فضل الصيام، حيث شرع الله تعالى للمسلمين كما شرعه للأمم السابقة من قبل، وجعله ركنًا من أركان الإسلام، فلا يكتمل إسلام الإنسان إلا به، ويُعد الصيام من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد من ربه جل وعلا، ويترتب عليه أجرٌ لا حدود له، هذا وبالإضافة إلى أن في الصيام تطهير للنفس وتدريب لها على الصبر والالتزام، ومواساة للفقراء والمساكين، وقد ورد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على عظم فضائل الصيام، ويمكن الإشارة إلى بعضها فيما يأتي:[٧]
- إضافة الصيام لله تعالى: وذلك ما يدل على عظم أجر الصيام، وتشريف قدره، مصداقًا لما رُوي عن رسول الله صلى الله علي وسلم أنه قال: "قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به"،[٨] وقد خص الله تعالى الصيام من بين الأعمال بهذا الفضل ا العظيم بسبب عدم وقوع الرياء فيه كما يقع في غيره من الأعمال، ولأنه من أحب الأعمال إليه سبحان وتعالى.
- سبب لاجتناب الشهوات في الدنيا، والنجاة من النار في الأخرة: فقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ"،[٩] والمقصود بالصيام جنة أي وقاية من الشهوات والمعاصي في الدنيا، ومن النار والعذاب في الآخرة.
- للصائم فرحتان: حيث إن الصائم يفرح عند الإفطار لزوال الجوع والعطش، ويفرح بصومه عند لقاء الله تعالى لما يجد من الأجر والثواب، مصداقًا لما رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: "لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَررِحَ بصَوْمِهِ".[١٠]
مبطلات الصيام
تُعد مبطلات الصيام من الأحكام المهمة التي ينبغي الإشارة إليها بعد بيان حكم صيام الحامل والمرضعع، فثممة العديد من الأعمال التي تُفسد الصيام في حال القيام بها، أولها الجماع، ففي حال جامع الصائم في نهار رمضان فسد صومه، ووجب عليه قضاء ذلك اليوم والكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يتوفر فصيام شهرين متتابعين، وفي حال عدم الاستطاعة إطعام ستين مسكينًا، وثانيها تعمد إنزال المني من خلال اللمس، أو التقبيل، أو الاستمناء، وثالثها الأكل والشرب، أو ما كان بمعناها كالإبر المغذية التي تغنى عن الطعام، ورابعها الحجامة، وخامسها تعمد التقيؤ، وأخرها خروج دم الحيض أو النفاس، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعمال لا تفطر مرتكبها إلا بتوفر شروط معينة وهي العلم بالحكم، وأن لا يكون مكرهًا أو ناسيًا.[١١]
سنن الصيام وآدابه
بعد الوقوف على حكم صيام الحامل والمرضع، تجدر الإشارة إلى بعض السنن والآداب التي حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصائمين على اتباعها، ومنها السحور، حيث يُستحب للصائم التسحر قبل الشروع في الصوم، ليتقوى على الطاعات والعبادات أثناء الصيام، ولمخالفة أهل الكتاب، واتباع وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، حيث قال: "تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً"،[١٢] ويُستحب للصائم أيضًا تعجيل الإفطار، مصداقًا لما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ"،[١٣] ومن السنن الإفطار على رُطب وماء، والدعاء عند الإفطار، ومن الأدعية المأثورة عند الإفطار: "ذَهَبَ الظَّمأُ وابتلَّتِ العُروقُ وثبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ".[١٤][١٥]
الصيام لغة وشرعًا
الصّيام والصّوم لغة: الإمساك والتّرك، حيث يقال للممتنع عن الطّعام والشّراب والجماع صائم، وللسّاكت صائم، ومنه قوله تعاله: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً}،[١] أي، نذرت صمتًا وإمساكًا عن الكلام، فكلّ ممسكٍ عن طعامٍ أو شرابٍ أو جماعٍ أو مسيرٍ فهو صائم، والصّيام شرعًا: التّعبّد لله تعالى بالإمساك عن أشياء مخصوصة كالأكل والشّرب والجماع وسائر المفطرات، في وقت مخصوص وهو من طلوع الفجر الثّاني إلى المغرب مع وجود النّيّة، والصّيام والصّوم مصدر صام يصوم، وسيتمّ في هذا المقال بيان حكم الصيام للحامل.[٢]
حكم صيام شهر رمضان
قبل بيان حكم الصيام للحامل، لا بدّ من بيان حكم صيام شهر رمضان، والذي يعدّ ركنًا من أركان الإسلام الخمسة، فهو فرض بنّص كتاب الله، وسنّة رسول الله، وإجماع المسلمين على كلّ بالغ، عاقل، صحيح، مقيم، باستثناء الحائض والنّفساء، والحامل والمرضع إن خشيتا على نفسيهما أو على المولود الضّرر من الصّيام، فإنهما تقضيان بعد الطّهر ما فاتهما من صيام، ودليل فرضية الصّيام من القرآن الكريم، قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }،[٣] إلى قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،[٤] ومن السّنّة قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ."،[٥] ولذلك أجمعت الأمّة على فرضية صيام شهر رمضان لأنّه ركن من أركان الإسلام، ومن ينكره فهو كافر، ومن يتقاعس عن صيامه -وهو عالم بفرضيّته- فهو فاسق، وهو في خطر، وهناك من أهل العلم من يكفر من يفطر في رمضان بدون عذر شرعيّ، سواء كان إنكارًا أو تقصيرًا.[٦]
تيسير الله في الصيام
لقد فرض الله عزّ وجلّ صيام شهر رمضان على كلّ مسلم بالغ عاقل صحيح، قادر على الصّيام مقيم، سالم من موانع الصّيام، ويسّره عليهم، ولم يكلّفهم ما لا طاقة لهم به، قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}،[٤] وكذلك لم يجعل الله تعالى على المسلمين في الدّين من حرج، حيث قال الله تعالى في سورة الحجّ: {َمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}،[٧] وقال أيضًا: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}،[٨] فخفّف الله تعالى عن عباده، ولم يشقّ عليهم رحمة بهم، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً}،[٩] فمن تيسير الله تعالى على عباده في صيام شهر رمضان أنّه أباح الإفطار للمريض والمسافر والمسنّ الذي لا طاقة له بالصّيام، والحامل والمرضع إذا شقّ عليهما الصّيام، وكذلك لم يفرضه على الصّغار، ولا على الذين لا يطيقونه، وما ذلك إلّا رحمة من الله عزّ وجلّ بهم، وكرمًا وإحسانًا، وتخفيفًا على عباده، فله الحمد كما يليق بجلال قدره، وعظيم سلطانه.[١٠]
حكم الصيام للحامل
بعد بيان حكم صيام شهر رمضان لا بدّ من التّركيز على بيان حكم الصيام للحامل، ولها حالان، فإن أمنت على نفسها وعلى حملها من الصّيام وجب عليها الصّوم وحرم الإفطار، وإن خافت على نفسها أو على حملها أو على الاثنين معًا وجب عليها الإفطار، وحرم الصّيام، فحكم الصيام للحامل حكم المريض الذي يتضرّر من الصّوم، وفي ذلك ثلاثة أقوال:[١١]
- القول الأوّل: إذا خافت الحامل على نفسها أو على نفسها وحملها أو على حملها فحكم الصّيام للحامل حكم المريض، تفطر وعليها القضاء فقط لا غير، ودليل ذلك حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه- "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ وضعَ عنِ المسافرِ شطرَ الصَّلاةِ"، وعنِ المسافرِ والحاملِ والمرضعِ الصَّومَ"،[١٢] فدلّ على أن حكم الصّيام للحامل حكم المسافر، فتفطر وتقضي الصّيام بدون إطعام كما يقضي المسافر.
- القول الثّاني: إذا خافت الحامل على نفسها أو على نفسها وحملها، فحكمها حكم المريض كالقول السّابق بلا خلاف، وإن خافت على حملها تفطر وتقضي ما عليها من أيّام وتطعم عن كلّ يومٍ مسكينًا، وبه قال مجاهد والإمام أحمد والشّافعيّ، ورواية عن الإمام مالك.
- القول الثّالث: إذا خافت الحامل على نفسها أو على نفسها وحملها أو على حملها، تطعم ولا تقضي، وبه قال ابن عمر وابن عبّاس، -رضي الله عنهما-، ودليل ذلك حديث نافع مولى ابن عمر، قال: "كانت بنتٌ لابنِ عمرَ تحت رجلٍ من قريشٍ وكانت حاملًا فأصابها عطشٌ في رمضانَ فأمرها ابنُ عمرَ أن تفطرَ وتطعمَ عن كلِّ يومٍ مسكينًا".[١٣]
قضاء صيام شهر رمضان
فبعد بيان حكم الصيام للحامل، لا بدّ من بيان قضاء صيام شهر رمضان، وهو واجب على من أفطر فيه بعذر، ويمكنه القضاء، أو بغير عذر، سواء الشّهر كلّه، أو أيامًا متعدّدة أو يومَا واحدًا باتّفاق أصحاب المذاهب الأربعة، وذلك بأن يقضيَ قبل حلول رمضان السّنة التّالية، ودليل ذلك حديث عَائِشَة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: "كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أسْتَطِيعُ أنْ أقْضِيَ إلَّا في شَعْبَانَ"، قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النّبيِّ أوْ بالنّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-،[١٤] ومن حضره رمضان وعليه صيام من السّنة الفائتة ولم يقض ما عليه، فإن كان معذورًا بسفر أو مرض أو غير ذلك، فلا إثم عليه، ويقضي ما عليه متى تمكّن من ذلك، ولكن إن لم يكن لديه أيّ عذر فهو آثم، وعليه أن يسارع بالتّوبة وقضاء ما عليه من صيام، قال بذلك المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة، مستدلين بقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،[٤] وخالفهم بذلك الأحناف، حيث قالوا: بأنّه يجب مع القضاء الإطعام آخذين برأي أبي هريرة وابن عبّاس -رضي الله عنهما-، والصّحيح في هذه المسألة عدم الإطععام حسب قول الله تعالى، والله أعلم.[١٥]