معلومات مفيده عن معلقة عمرو بن كلثوم المعلقات السّبع أو العشر قصائد جاهلية، نفيسة وذات قيمة عظيمة، من حيث اللّغة والخيال والفكر، تعدّ من خيرة ما وصل من الشّعر الجاهليّ، إذ تحمل في طيّاتها خصائص الشّعر الجاهليّ، وشعراء المعلّقات هم: امرؤ القيس، ومطلع معلقته: قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ، وطرفة بن العبد: لخولة أطلال ببرقة ثهمد، والحارث بن حلّزة: آذَنَتنَـا بِبَينهـا أَسـمَــاءُ، وزهير بن أبي سلمى: أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَـةٌ لَمْ تَكَلَّـمِ، وعمرو بن كلثوم: أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا، وعنترة بن شدّاد: هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ، ولبيد بن ربيعة: عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا، والأعشى: وَدِعْ هُريرةَ إنَّ الرَّكبَ مُرتِحلُ، وعُبيدُ بنُ الأبرصِ: أقفرَ منّا أهلُهُ ملحوب، والنّابغةُ الذّبياني: يا دارَ ميّةَ بالعلياءِ والسّندِ.
[١]نسب عمرو بن كلثوم
ولبيان نسب الشّاعر الجاهليّ عمرو بن كلثوم من جهة أبويه: يمكن القول: بأنّه هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو ابن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة ابن نزار بن معد بن عدنان، واسم أم عمرو بن كلثوم ليلى بنت مهلهل أخي كليب، وأمّها بنت بعج بن عتبة بن سعد بن زهير، فهو من شعراء الطّبقة الأولى، كان مولده في شمالي جزيرة العرب في بلاد ربيعة، وقد تجوّل فيها وفي العراق ونجد والشّام، وكان رجلًا عزيز النّفس، وهو من الرّجال الشّجعان، فقد ساد قومه بني تغلب وهو فتًى، وعاش طويلًا، وهو الذي قتل الملك عمرو بن هند عندما أراد الاستعلاء عليه.
[٢]حياة عمرو بن كلثوم
ولد الشّاعر الجاهليّ عمرو بن كلثوم، ونشأ في قبيلة تغلب، في بيت سيادة وعزّ، ولقي ما لقي من العناية وحسن التّربية، التي تليق بأبناء الملوك من أمثاله، وقد نُسجت في حمله وولادته قصص كلّها منامات ورؤى، لتظهر نجابته وشجاعته ونبوغه، ومع ما تنطوي عليه قصصُ الرّؤى عن عمرو من مبالغاتٍ، تبقى لها الدّلالة، بأنّ عمرو ولد وسادَ قومَهُ وهو ابنُ خمسَ عشرةَ سنة، وقاد الجيوش مظفّرًا، وأكثر ما كانت فتن قبيلته تغلب، مع أبناء عمومتهم بني بكر بن وائل بسبب حرب البسوس، وكان آخر صلح بينما على يد ملك الحيرة عمرو بن هند، وسيأتي الحديث عن قتله لعمرو بن هند لاحقًا، وقد تزوّج، وأنجب ثلاثة أولاد وبنتًا، الأسود وعبد الله وعبّاد والنّوّار، وقد أكثر من قوله الشّعر ولكن معلّقته، كانت أفضل وأجمل وأعظم ما قاله من الشّعر، حيث ذاع صيتها في أرجاء العرب، وعمّر طويلًا ومات وعمره مئة وخمسون سنة.
[٣]قصة معلقة عمرو بن كلثوم
تعود قصّة معلّقة الشّاعر عمرو بن كلثوم لما فعله معه عمرو بن هند ملك الحيرة، حيث كان يكنّ الكراهيّة لعمرو بن كلثوم، لما سمعه عنه من تباه وكبر وعزّة نفس، فقال لحضوره يومًا: هل هناك من هو أعزّ وأشجع منّي؟ فأجابه الحضور والخوف يملأ قلوبهم: لا أيّها الملك العظيم! ثمّ سألهم: هل تعرفون من يأنف أن تخدم أمّه أمّي؟ فأجابه أحد الحضور بشجاعة وإقدام بعد أن أمّن من يصدقه: نعم يا أيّها الملك! إنّه عمرو بن كلثوم! فتغير وجه عمرو بن هند، وازداد حقده وكراهيته لعمرو بن كلثوم، ثمّ كانت مجريات القصّة.
[٤]أرسل عمرو بن هند في دعوة عمرو بن كلثوم وأمّه إلى وليمة في مضاربه، وأخبر أمّه هند أن تصرف خدمها، وتستخدم أمّ عمرو بن كلثوم، وعندما وصلا ومن يرافقهما من الفرسان والخدم والحشم، استقبلهم أحسن استقبال، وأواهم وأحسن وفادتهم، وأجلس كلًّا في مجلسه المناسب، وعند تحضير الطّعام، طلبت هند من أمّ عمرو بن كلثوم أن تناولها حاجتها، وكانت أم عمرو بن كلثوم سيّدة في قومها، لديها من يقضيها حاجتها من الخدم والحشم، فهي بنت المهلهل، وعمّها كليب، وبعلها كلثوم ملك أفرس العرب، فصرخت بأعلى صوتها: وا ذلّاه! فثار عمرو بن كلثوم، وثارت حفيظته، وانقضّ على أحد سيوف عمرو بن هند ووثب عليه وقتله به، وسلبه ما عنده وعاد إلى قبيلته منتصرًا.
[٤]وبعد قتل مرو بن كلثوم لعمرو بن هند ينشد معلّقته التي وقف فيها في سوق عكاظ وفي سوق مكّة، والتي قيل: أنّها بلغت ألف بيت، ولكن ضاع أكثرها، ووصل منها القليل، وقد ردّدت على كلّ لسان لانبهار العرب بها، واعتبرها النّقّاد من أفضل ما قالته العرب، ومطلعها:
[٤]أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ، فَاصبَحِينَا وَلاَ تُبْقِي خُمُورَ الْأَنْدَرِينَامُشَعْشَعَةً، كَأَنَّ الحُصَّ فِيهَا إِذَا مَا الْمَاءُ خَالطَهَا سَخِينَاقصائد عمرو بن كلثوم
الشّاعر الجاهليّ عمرو بن كلثوم التّغلبيّ -أبو الأسود- شاعر مجيد، من فحول الشّعراء العرب، ومن أصحاب المعلقات، وإن لم يكن في المقدّمة، ولم يكن مُكثرًا من قول الشّعر، وقد تمّ جمع شعره قديمًا، إلّا أنّه لم يصل جميعه، ولم يشتهر عمرو بن كلثوم في شعره اشتهاره في معلقته التي قامت له مقام الشّعر الكثير، وذلك لجمال لفظها، وانسجام عباراتها، وقوّة معانيها، وممّا جاء فيها:
بِأَنا المُطعِمونَ إِذا قَدَرنا
وَأَنّا المُهلِكونَ إِذا اِبتُلينا
وَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدنا
وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شينا
وَأَنّا التارِكونَ إِذا سَخِطنا
وَأَنّا الآخِذونَ إَذا رَضينا
وَنَشرَبُ إِنْ وَرَدنا الماءَ صَفوًا
وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطينا
- ويقول عمرو بن كلثوم في قصيدة أخرى:[٦]
إنّ للّهِ علينَا نِعَمَا
ولأيدينا على النّاسِ نِعم
فَلَنَا الفضلُ عليهم بالذي
صنَعَ اللهُ فمَنْ شاءَ رَغَم
دُوننا في النّاسِ مسعًى واسعٌ
لا يُدانِينا وفي النّاسِ كَرَم
فَفَضَلْناهُم بِعِزٍّ باذِخٍ
ثابتِ الأصلِ عزيزِ المدّعَم
- ومن قصائد عمرو بن كلثوم:[٧]
لَقَد عَلِمَت عُليا رَبيعَةَ أَنَّنا
ذُراها وَأَنّا حينَ تُنسَبُ جيدُها
وَما اِنفَكَّ مِنّا مُنذُ كُنّا عِمارَةً
إِذا الحَربُ شالَت لاقِحاً مَن يَقودُها
إِن تَسأَلي تُنبَي بِأَنّا خِيارُه
وَأَنّا الذُرى مِنها وَأَنّا وَقودُها
- وقال عمرو بن كلثوم في إحدى قصائده:[٨]
رَدَدتُ عَلى عَمرِو بنِ قَيسٍ قِلادَةً
ثَمانينَ سوداً مِن ذُرى جَبَلِ الهَضب
فَلَو أَنَّ أُمّي لَم تَلِدني لَحَلَّقَت
بِها المُغرِبُ العَنقَاءُ عِندَ أَخي كَلبِ
أَبَيتُ لَهُ مِن أَن يَكونَ اِختِيارُهُ
عَطاءَ المَوالي مِن أَفيلٍ وَمِن سَقبٍ
وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ مُرَّةَ فارِس
غَداةَ دَعا السَفّاحُ يالَ بَني الشَجبِ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الشعر في العصر الجاهلي
كان للشعر مكانة عظيمة في نفوس الجاهليين، وكان له أغراضه وأوقاته، وكان أول من مهّد الطريق للشعر الجاهلي امرؤ القيس بن حجر ومهلهل بن ربيعة كما يذكر الجاحظ في كتاب الحيوان، وقال بعض الدارسين أن بدايات الشعر الجاهلي كانت قبل هذا، ومن اهتمام العرب الجاهليّين في الشعر أنهم كانوا ينصبون قبة في سوق عكاظ للنابغة الذبياني ليعرض عليه الشعراء شعرهم فيجيز ما كان جيّدًا
[١]، ومن القصائد الجاهلية المشهورة ما عرف بالمعلقات أو السّبع الطوال، وقد اختُلف في عددها وسبب تسميتها، فقيل إنّها سبعة، وقيل إنّها عشرة، ومن أسباب تسميتها بالمعلقات أنّها علقت على جدران الكعبة زمانًا، منها معلقة عمرو بن كلثوم التي سيتم الحديث عنها في هذا المقال.
[٢]عمرو بن كلثوم
هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عَتّاب، أبو الأسْوَد التغلبي، شاعر جاهليّ، صنفه ابن سلام الجمحي في كتابة طبقات فحول الشعراء من شعراء الطبقة الأولى، ولد عمرو بن كلثوم في شمال الجزيرة العربية في قبيلة ربيعة وتنقل بين الحجاز والعراق والشام ونجد، وأمه ليلى بنت المهلهل بن ربيعة شاعر جاهلي معروف، وقد كان عمرو بن كلثوم معروف بعزة النفس، والشجاعة وكان سيدًا في قبيلة تغلب، قتل ملك المناذرة عمرو بن هند في دياره وسلب خزائنه، وعاد بأصحابه من بني تغلب الذين كانوا معه من غير أن يصاب أحدحم بأذى، وقد كان شاعرًا مُجيدًا وإن كان مقلَاً من قوله للشعر، وأشهر ما كتبه من الشعر كان معلقة عمرو بن كلثوم وقيل أنها تتكون من ألف بيت ولكن لم يصل إلينا منها سوى مئة بيت، عاش عمرو بن كلثوم عمرًا طويلًا وتوفي في الجزيرة الفراتية قبل مجيء الإسلام.
[٣]معلقة عمرو بن كلثوم
يعدّ عمرو بن كلثوم من الشعراء الفرسان، وقد كان يدور شعره حول الفخر والعزة والإنتصار لسيادة القبيلة، وقد وصفت معلقة عمرو بن كلثوم حروب قبيلة تغلب مع القبائل الأخرى، وقد وصف الدماء في معلقته وكان يتغنى بأصله وفصله فهو من قبيلة معروفة وسيد في قبيلته، وقد أعلى من شأن قبيلة تغلب في معلقته ومدحها وافتخر بها ومن شدة تعلق قبيلة تغلب بالمعلقة حفظها صغيرهم وكبيرهم، وقد بنى معلقته على الاستهتار بقوّة خصمه حتى يضعفه نفسيًّا، وبالتالي يمهد الطريق لانتصار قبيلته ولم يكن يهمه قوة خصمه بقدر ما كان معتدًّا بإباء نفسه وشموخ وعزة قومه لفرض السيادة المطلقة لقبيلة تغلب.
[٤]وتعدّ معلقة عمرو بن كلثوم مَفخَرة من مفاخر الشعر العربي، والتي قالها عمرو بن كلثوم يدافع فيها عن قومه ليستردّ حقوقهم، فقد قيل بأنه قالها على أثر الحادثة التي وقعت مع أمه عند عمرو بن هند عندما أراد أن تخدم أم عمرو بن كلثوم أُمَّه، وقيل أنه قالها بحضرة عمرو بن هند عندما احتكمت قبيلتي بكر وتغلب إليه في الحروب التي كانت قائمة بينها فقالها ردًّا على معلقة الحارث بن حلزة.
[٥]وقد نسي عمرو بن كلثوم أنه في حضرة ملك فغلبته عزة نفسه وقام يمدح بالتغلبيين حتى جعلهم أفضل الناس فغضب لذلك عمرو بن هند وحكم على التغلبيين، وقيل أنه كتبها على أجزاء، جزء من معلقة عمرو بن كلثوم كان بحضرة عمرو بن هند والجزء الآخر كان بعد قتله لعمرو بن هند في سوق عكاظ بمكة.
[٥]وقد بدأت معلقة عمرو بن كلثوم بالوقوف على الأطلال كعادة الشعراء الجاهليين في قصائدهم لكنّه تميز عنهم بطلب الصبوح وكأنّه أراد أن يُغيّب فكرة الفراق، ثم انتقل عمرو بن كلثوم إلى الفخر والحماسة والدفاع عن بني تغلب ورد مزاعم الأعداء عنهم، فيقول في معلّقته:
[٦]أَلاَ هُبِّي بِصَحْنِكِ فَاصْبَحِيْنَـا وَلاَ تُبْقِي خُمُـوْرَ الأَنْدَرِيْنَـامُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخيناقِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعين نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِريناقِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعين نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِرينابِيَومِ كَريهَةٍ ضَرباً وَطَعن أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ العُيوناقِفي نَسأَلكِ هَل أَحدَثتِ صَرم لِوَشكِ البَينِ أَم خُنتِ الأَميناثمّ ينتقل ليصفَ محبوبته، فهو يذكر أنها بيضاء، في ريعان شبابها، صاحبة نعمة، طويلة القامة وعفيفة لم يمسسها أحد، وذكر أن الفراق أثار صبابته وكلما أسرع الرّكب في المشي وزاد البعد زادت حنيته، فيقول:
[٧]تُريكَ إِذا دَخَلتَ عَلى خَلاءٍ وَقَد أَمِنَت عُيونَ الكاشِحيناذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ هِجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنيناتَذَكَّرتُ الصِبا وَاِشتَقتُ لَمّا رَأَيتُ حُمولَها أُصُلاً حُدينافَأَعرَضَتِ اليَمامَةُ وَاِشمَخَرَّت كَأَسيافٍ بِأَيدي مُصلِتيناثمّ ينتقل بعد ذكره للمحبوبة والفراق إلى لوم عمرو بن هند، وكيف أنه استمع للوشاة، وكيف أنّه ازدرى بني تغلب وحاول النيل من كرامتهم، فقام يصف إباء قومه وعزتهم منتقصًا من كل من يحاول النيل منهم فيقول في ذلك:
[٧]بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ نَكونُ لِقَيلِكُم فيها قَطينابِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وَتَزدَريناتَهَدَّدنا وَأَوعِدنا رُوَيد مَتى كُنَّا لِأُمِّكَ مَقتَوينافَإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعيَت على الأَعداءِ قَبلَكَ أَن تَليناإِذا عَضَّ الثِقافُ بِها اِشمَأَزَّت وَوَلَّتهُم عَشَوزَنَةَ زَبوناعَشَوزَنَةً إِذا اِنقَلَبَت أَرَنَّت تَشُجُّ قَفا المُثَقَّفِ وَالجَبينافَهَل حُدِّثتَ في جُشَمَ بنِ بَكرٍ بِنَقصٍ في خُطوبِ الأَوَّليناوَرِثنا مَجدَ عَلقَمَةَ بنِ سَيفٍ أَبَاحَ لَنا حُصونَ المَجدِ ديناوتتوالى أبيات القصيدة، فيهدّد بني بكر، وينقص من شأنهم، ويصف حروب بني تغلب وشجاعتهم، ويصف دور نساءهم في الحروب وكيف أنّهن يتصفن بالشجاعة والإقدام، وتأخذه الحميّة ويرفع قدر قومه فوق جميع الناس، فيقول في معلقته:
[٧]وَقَد عَلِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ إِذا قُبَبٌ بِأَبطَحِها بُنينابِأَنا المُطعِمونَ إِذا قَدَرن وَأَنّا المُهلِكونَ إِذا اِبتُليناوَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدن وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شيناوَأَنّا التارِكونَ إِذا سَخِطن وَأَنّا الآخِذونَ إَذا رَضيناوَأَنّا العاصِمونَ إِذا أُطِعن وَأَنّا العازِمونَ إِذا عُصيناوَنَشرَبُ إِن وَرَدنا الماءَ صَفو وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطيناقصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند
روى أبو عبيدة معمر بن المثني التيمي في كتابه أيّام العرب قبل الإسلام، حادثة مقتل عمرو بن هند على يد عمرو بن كلثوم، فذكر أن عمرو بن هند في أحد الأيام كان بين جلسائه فسألهم: هل من أحد تأنف أمه أن تخدم أمي؟ فقالوا: لا أحد، إلا عمرو بن كلثوم، فأمه ليلى بنت المهلهل أخو كليب وعمها وائل بن ربيعة ملك العرب وزوحها كلثوم. فبقي في نفس عمرو بن هند شيء من ذلك، وأراد أن يأتي بأم عمرو بن كلثوم فبعث إليه يطلبه لزيارته وطلب منه إحضار أمه معه، فلبّى عمرو بن كلثوم الدعوة، وجاء مع فرسان من قبيلة تغلب وكانت أمه معه.
[٨]جهّز عمرو بن هند خيمة لاستقبالهم، وحضّر فيها الطعام وجعلها قسمين، جلس هو وعمرو بن كلثوم في مجلس وجعل أمّه وأم عمرو بن كلثوم في مجلس آخر بجانبهم، وأخبر أمه أن تبعد خدما عن المائدة إذا فرغت من الطعام وإن أرادت شيئًا أن تطلبه من ليلى أم عمرو بن كلثوم، ففعلت ذلك وطلبت طبقًا من ليلى ولكنها أبت أن تناولها فأصرّت عليها أم عمرو بن هند، فنادت ليلى: واذلاه يا تغلب، واذلاه. فسمع ابنها ذلك وثار الدم في وجهه ولم يكن هناك في الخيمة إلا سيف عمرو بن هند معلّقًا، فتناوله عمرو بن كلثوم وقطع رأس عمرو بن هند ونادى في فرسان تغلب فنهبوا ماله وعادوا إلى ديارهم.
[٨]من أشعار عمرو بن كلثوم
لم يكن عمرو بن كلثوم مقلًّا في قول الشعر، فقد كانت له عدد من المقطوعات والقصائد، والتي كانت من أجودها معلقة عمرو بن كلثوم المشهورة والتي حفظها أبناء قبيلته وتغنوا بها، ومن أشعار عمرو بن كلثوم:
جَلَبنا الخَيلَ مِن جَنبَي أَريكٍ
سَواهِمَ يَعتَزِمنَ عَلى الخَبارِ
نَزائِعَ لِلغُرابِ بِنا تُباري
خَوارِجَ كَالسَمَامِ مِنَ الغُبَارِ
صَبَحناهُنَّ يَومَ الأَتمِ شُعث
فِراسًا وَالقَبائِلَ مِن غِفارِ
أَلا أَبلِغِ النُعمانَ عَنّي رِسالَةً
فَمَجدُكَ حَولِيٌّ وَلُؤمُكَ قارِحُ
مَتى تَلقَني في تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
وَأَشياعِها تَرقى إِلَيكَ المَسالِحُ
مَعاذَ الإِلَهِ أَن تَنوحَ نِساؤُنا
عَلى هالِكٍ أَو أَن نَضِجَّ مِنَ القَتلِ
قِراعُ السُيوفِ بِالسُيوفِ أَحَلَّن
بِأَرضٍ بَراحٍ ذي أَراكٍ وَذي أَثلِ
فَما أَبقَتِ الأَيامُ مِنَ المالِ عِندَن
سِوى جِذمِ أَذوادٍ مُحَذَّفَةِ النَسلِ
ثَلاثَةُ أَثلاثٍ فَأَثمانُ خَيلِن
وَأَقواتُنا وَما نَسوقُ إِلى القَتلِ