معلمات عن حياة إيليا أبو ماضي الرابطة القلمية هي جمعيّة أدبيّة أسّسها عدد من الشعراء العرب الذي صُنِّفوا مع شعراء المهجر؛ فقد هاجروا إلى الأمريكيتين في نهايات القرن التاسع عشر، وقد تأسّست الرابطة القلميّة عام 1920م في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من شعراء الرابطة القلمية: جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، ميخائيل نعيمة وغيرهم من المؤسسين والأعضاء في هذه الرابطة، وقد اتبع هؤلاء الشعراء منهجًا موحَّدًا في الأدب، فهم بذلك أسسوا مدرسة شعرية خاصة بهم، تبنُّوا أفكارها وأغراضها الشعرية وكتبوا لها وبها، وقد تفكَّكت هذه الرابطة بموت مؤسسها جبران خليل جبران عام 1932م، وهذا المقال سيأخذ نبذة عن إيليا أبو ماضي أحد شعراء الرابطة القلمية.
[١]نبذة عن إيليا أبو ماضي
في نبذة عن إيليا أبو ماضي يمكن القول إنَّ إيليا أبو ماضي شاعر لُبنانيّ، وواحد من أشهر شعراء المهجر ومن مؤسسي الرابطة القلمية في نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، ولد إيليا أبو ماضي عام 1889م، ونشأ في بدايات حياته في عائلة بسيطة فقيرة، درس الابتدائية في قريته ثمَ دخل مدرسة المحيدثة، وقد سافر إلى مصر عندما اشتدَّ الفقر عليه عام 1902م، وفي مصر التقى برجل اسمه أنطون الجميل وهو الذي أسس مجلة الزهور في مصر مع رجل اسمه أمين تقي الدين، وفي هذه المجلة بدأ إيليا أبو ماضي ينشر قصائده الأولى، ثمَ طبع باكورة أعماله الشعرية الذي كان بعنوان "تذكار الماضي" عام 1911م.
[٢] ثمَّ انتقلتْ اهتمامات إيليا الشعرية إلى الشعر السياسي الوطني، فلاحقته بعض السلطات العربيّة، ممّا دفعه إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1912م، واستقرَّ في أيامه الأولى من المهجر في ولاية أوهايو ثمَّ انتقل إلى نيويورك ليشارك في تأسيس الرابطة القلمية مع شعراء المهجر في تلك الفترة وهم: جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، ثمَّ في عام 1929م أصدر إيليا أبو ماضي مجلة "السمير" التي كانت المصدر الرئيس لإنتاجات إيليا الأدبية، وهي إحدى مصادر الأدب المهجري بشكل عام، وقد استمرَّت هذه المجلة تصدر إنتاج أدباء المهجر في الشعر والنثر حتَّى نهاية حياته، وقد تزوَّج إيليا أبو ماضي من دوروتي دياب في الولايات المتحدة وأنجب منها ثلاثة أولاد وهم: "ريتشارد وإدوارد وروبرت"، وقد وافته المنية في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1957م.
[٢]مؤلفات إيليا أبو ماضي
كانت حياة الشاعر إيليا أبو ماضي مليئة بالعمل والتعب، فقد اهتم بتجربته الأدبية اهتمامًا كبيرًا، فكتب الشعر والنثر، وكان من أشهر دواوين إيليا أبو ماضي: ديوان "الخمائل" وديوان "تبر وتراب" وديوان "الجداول"، وفيما يأتي نبذة عن أبرز مؤلفات الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي الأدبية:
[٣]
- تذكار الماضي: ديوان شعري صغير نشره عام 1911م في مصر في مدينة الإسكندرية.
- الجداول: طبع في نيويورك عام 1927م، وقد قدَّمه الشاعر ميخائيل نعيمة، وتناول هذه الديوان قصائد إيليا الذاتية، وكان هذا الديوان يتألف من قصائد مكتوبة على بحور الشعر العربي القصيرة والمجزوءة.
- الخمائل: صدر للشاعر في نيويورك من عام 1940م، وهو أكثر دواوين الشاعر شهرة، وقد دعا إيليا أبو ماضي في هذا الديوان إلى ضرورة التفاؤلِ والتمتع بالحياة، وقد كتبه على مختلف بحور الشعر العربي.
أقوال إيليا أبو ماضي
لا بدَّ بعد أخذ نبذة عن إيليا أبو ماضي وأبرز مؤلفاته أن يتمّ المرور على بعض ما قال هذا الشاعر، فالشعر مرآة صاحبه التي تعكس شخصية الشاعر ونفسيته، وهذه القاعدة تنطبق على كلِّ الشعراء والأدباء، فالأديب عندما يشرع بالكتابة يسكب روحه وقلبه وشخصيته على الورةق، وفيما يأتي أشهر أقوال الشاعر إيليا أبو ماضي:
[٤]
- "وعجيب أن يولد المرء حُرًّا، ثمَّ يأبى لنفسه الحرية.
- "إنّ التأمُّلَ في الحياة يزيدُ أوجاعَ الحياةِ".
- " رُبَّ أمرٍ كنتُ لما كان عندي أتّقيه، بتُّ لما غاب عني وتوارى أشتهيهِ".
- "كلُّ ذي رغبة دنتْ أم تسامت سيمضي يومًا إلى رغباته".
- "بعض الردى فيه نجاة الفتى، وربما كان الردى في النجاة".
شعر إيليا أبو ماضي
إيليا أبو ماضي شار الحب والجمال، الشاعر الذي أضاف للقصيدة العربية موسيقاها الخاصة، وجعل النص العربي آلة موسيقية تعزف فينبتُ العشب الأخضر على أطراف البيت الشعري، وكان شاعرًا متفائلًا ضاحكًا باسمًا، قصائده دواء لكلِّ عليل مُكتئب وحروفه شفاء لليائسين، ومن أشهر قصائد إيليا أبو ماضي:
- يقول الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدته "كن بلسمًا":[٥]
كن بلسمًا إنْ صارَ دهرُك أرقمَا
وحلاوةً إن صار غيرك علقمَا
إنَّ الحياة حبتْكَ كلَّ كنوزِها
لا تبخلنَّ على الحياة ببعض ما
أحسنْ وإن لم تجزَ حتَّى بالثَّنا
أيَّ الجزاءِ الغيثُ يبغي إنْ همى؟
مَنْ ذا يكافئُ زهرةً فواحةً؟
أو من يثيبُ البلبل المترنِّما؟
عُدّ الكرامَ المحسنين وقِسْهُمُ
بهما تجدْ هذينِ منهم أكرما
- ويقول إيليا أبو ماضي في قصيدته "فلْنَعِشْ":[٦]
لا تَسَلْ أين الهوى والكـوثرُ
سَكَتَ الشادي وبُحَّ الوترُ
فـــجــأةً، وانقلب العُرسُ إلى
مَأتمٍ، ماذا جرى، ما الخبرُ؟
ماجتِ الدنيا بمـن فيها، كما
ماج نهـرٌ ثائرٌ مُنكـدرٌ
كُلهم مُسـتَفسِـرٌ صَـاحـبَهُ
كلُّهم يُؤذيه من يَسـتَفـسِرُ
هَـمَسَ المـوتُ بهـم هــمستهُ
إن هـمسَ المـوت ريحٌ صَرصَرُ
فإذا الحيرةُ في أحداقهم
كيفـما مالوا وأنى نظـروا
- ويقول إيليا أبو ماضي أيضًا في قصيدته "قال السماء كئيبة وتجهما":[٧]
قالَ: السَّماءُ كئيبةٌ وتجهما
قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السَّما
قال: الصَّبا ولّى! فقلتُ له: ابتسمْ
لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما
قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارَتْ لنفسي في الغرام ِجهنّما
خانت عهودي بعدما ملَّكـتُها
قلبي، فكيف أطيق أن أتبسما؟
قلتُ: ابتسم واطرب فلو قارنتها
لقضيت عمرك كلَّهُ متألما
- ويقول في قصيدة "ذكرى":[٨]
ولقد ذكرتُكِ بعد يأسٍ قاتلٍ
في ضحوةٍ كثرتْ بها الأنواءُ
فوددتُ أنِّي غرسةٌ أو زهرةٌ
ووددتُ أنَّكِ عاصفٌ أو ماءُ
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]شعراء المهجر
يُطلق مصطلح شعراء المهجر على الشعراء العرب الذين هاجروا خارج الوطن العربي وكتبوا في البلاد التي هاجروا إليها، فسُمِّي ما كتبه هؤلاء في المهجر بأدب المهجر، ولعلَّ أبرز هؤلاء الشعراء هم الشعراء اللبنانيون الذين هاجروا إلى الأمريكيتين في نهايات القرن التاسع عشر، حيث أسس هؤلاء الشعراء الرابطة القلمية في منافيهم فعرفوا باسم أعضاء الرابطة القلمية، ومن أشهر هؤلاء الشعراء: جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة، أمين مشرق، عبد المسيح حداد، وهذا المقال سيسلِّط الضوء على الشاعر إيليا أبو ماضي وعلى قصائد إيليا أبو ماضي.
[١]الشاعر إيليا أبو ماضي
الشّاعر المهجري إيليا أبو ماضي هو شاعر عربيّ لبنانيّ، ولد عام 1889م، وهو واحد من أشهر شعراء المهجر في الذين هاجروا في بدايات القرن العشرين، وكان إيليا أبو ماضي واحدًا من مؤسسي الرابطة القلمية في بلاد المهجر، نشأ إيليا أبو ماضي في عائلة من البسطاء، فلم يتمكّن من إكمال دراسته بعد الابتدائية، ولمَّا اشتدَّ بأهله الفقر في لبنان سافر إيليا إلى مصر عام 1902م، وفي مصر التقى إيليا بأنطون الجميل مؤسس مجلة الزهور فكتب إيليا في المجلة، ونشر قصائده الأولى فيها، حتَّى تمكَّن من نشر أولى أعماله وهو ديوان تذكار الماضي الذي صدر عام 1911م وكان وقتها في الثانية والعشرين من عمره.
[٢]وبعد نشر أولى دواوينه اتجه أبو ماضي إلى الشعر السياسي الوطني، الذي تسبب بمطاردته من قبل بعض السلطات العربية فهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1912م وتنقل بين عدَّة ولايات أمريكية، ثمَّ شارك في تأسيس الرابطة القلمية مع جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة، وفي أمريكا أصدر إيليا أبو ماضي 1929م مجلة السمير التي أصبحت فيما بعد مصدرًا رئيسًا للأدب المهجري، وقد استمرَّت هذه المجلة في الصدور حتَّى توفي إيليا أبو ماضي عام 1957م.
[٢]قصائد إيليا أبو ماضي
في الحديث عن قصائد إيليا أبو ماضي، يمكن القول بداية إنَّ شعر الشاعر إيليا أبو ماضي امتاز بالحب والتفاؤل والحنين الدائم إلى الوطن وهذا لا شكَّ نابع من مشاعر الغربة التي عاشها بعيدًا عن لبنان موطنه الأم، وفيما يأتي أبرز قصائد إيليا أبو ماضي:
- يقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٣]
قالَ: السماءُ كئيبةٌ وتجهَّما
قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهُّم في السَّما!
قال: الصبا ولّى! فقلت له: ابتــسمْ
لن يرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما
قال: التي كانت سمائي في الهوى
صارَتْ لنفسي في الغرامِ جــهنّما
خانت عــــهودي بعدما ملَّكتُها
قلبي، فكيف أطيق أن أتبســما
قلـــت: ابتسم واطرب فلو قارنتها
لقضيت عــــمرك كلَّه متألما
قال: الــتجارة في صراع هائلٍ
مثل المسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسلولة محــتاجةٌ
لدم، وتنفثُ كلما لهثت دما!
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
وشفائها، فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما، و تبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم
أَأُسرُّ والأعداءُ حولي في الحمى؟
قلت: ابتسم، لم يطلبوك بذمهم
لو لم تكن منهم أجلّ وأعظما!
قال: المواسم قد بدت أعلامها
وتعرَّضت لي في الملابس والدمى
وعليّ للأحبابِ فرضٌ لازمٌ
لكن كفّي ليس تملكُ درهما
قلت: ابتسم، يكفيك أنك لم تزلْ
حيًّا، ولست من الأحبة معدما!
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم و لئن جرعتَ العلقما
فلعلَّ غيرك إن رآك مرنّما
طرح الكآبة جانبًا وترنَّما
أتُراك تغنم بالتبرُّم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما؟
فاضحك فإنَّ الشهب تضحك والدجى
متلاطمٌ، ولذا نحب الأنجما
قال: البشاشة ليس تسعد كائنًا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت ابتسم ما دامَ بينك والردى
شبرٌ، فإنك بعدُ لنْ تتبسّما
- ويقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٤]
أَعِد حَديثَكَ عِندي أَيُّها الرَجُلُ
وَقُل كَما قالَتِ الأَنباءُ وَالرُسُلُ
قَد هاجَ ما نَقَلَ الراوُنَ بي طَرَبًا
ما أَجمَلَ الرُسلَ في عَيني وَما نَقَلوا
فَاِجمَع رِواياتِهِم وَاِملَأ بِها أُذُني
حَتّى تَراني كَأَنّي شارِبٌ ثَمِلُ
دَع زُخرُفَ القَولِ فيما أَنتَ ناقِلُهُ
إِنَّ المَليحَةَ لا يُزري بِها العَطَلُ
فَكُلُّ سَمعِ إِذا قُلتَ السُلافُ فَمٌ
وَكُلُّ قَولٍ إِلَيهِم يَنتَهي عَسَلُ
لا تَسقِني الراحَ إِلّا عِندَ ذِكرِهِمُ
أَو ذِكرِ قائِدِهِم أَو ذِكرِ ما فَعَلوا
هُمُ المَساميحُ يُحيِي الأَرضَ جودُهُمُ
إِذا تَنَكَّبَ عَنها العارِضُ الهَطِلُ
هُمُ المَصابيحُ تَستَهدي العُيونُ بِها
إِذا اِكفَهَرَّ الدُجى وَاِحتارَتِ المُقَلُ
هُمُ الغُزاةُ بَنو الصَيدِ الغُزاةِ بِهِم
وَبَطشِهِم بِالأَعادي يُضرَبُ المَثَلُ
قَومٌ يَبيتُ الضَعيفُ المُستَجيرُ بِهِم
مِن حَولِهِ الجُندُ وَالعَسّالَةُ الذُبُلُ
فَما يُلِمُّ بِمَن صافاهُمُ أَلَمٌ
وَلا يَدومُ لِمَن عاداهُمُ أَمَلُ
تَدري العُلوجُ إِذا هَزّوا صَوارِمَهُم
أَيُّ الدِماءِ بِها في الأَرضِ تَنهَمِلُ
وَلِلغَرَندَقِ رَأيٌ مِثلُ صارِمِهِ
يَزُلُّ عَن صَفحَتَيهِ الحادِثُ الجَلَلُ
المُقبِلُ الصَدرِ وَالأَبطالُ ناكِصَةٌ
تَحتَ العَجاجَةِ لا يَبدو لَها قُبُلُ
- ويقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٥]
أَيُّ شَيءٍ في العيدِ أُهدي إِلَيكِ
يا مَلاكي وَكُلُّ شَيءٍ لَدَيكِ
أَسِوارًا أَم دُمُلجًا مِن نُضارٍ
لا أُحِبُّ القُيودَ في مِعصَمَيكِ
أَم خُمورًا وَلَيسَ في الأَرضِ خَمرٌ
كَالَّتي تَسكُبينَ مِن لَحظَيكِ
أَم وُرودًا وَالوَردُ أَجمَلُهُ عِندي
الَّذي قَد نَشَقتُ مِن خَدَّيكِ
أَم عَقيقًا كَمُهجَتي يَتَلَظّى
وَالعَقيقُ الثَمينُ في شَفَتَيكِ
لَيسَ عِندي شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الرو
حِ، وَروحي مَرهونَةٌ في يَدَيكِ
- ويقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٦]
رَسمٌ تَعَلَّمَ مِنهُ ناظِري الوَلَعا
كَأَنَّ طَرفِيَ قَلبي فيهِ قَد وُضِعا
يَمثِلُ البيضَ حَولَ الصين قَد وَقَفوا
وَذَلِكَ الدُبُّ في مَنشوريا رَتَعا
مَشى بِهِ نَحوَها في نَفسِهِ أَمَلٌ
وَراحَ يَمشي إِلى ما بَعدَها جَشَعا
كَالنارِ تَأكُلُ أَكلًا ما يُصادِفُها
وَالسَيلُ يَجرُفُ ما يَلقاهُ مِندَفِعا
فَقامَ بِالصُفرِ داعٍ مِن حَليفَتِهِم
مَليكَةِ الهِندِ أَن هُبّوا فَقَد طَمِعا
قالَت: أُحَذِّرُكُم مَن قد يُخادِعُكُم
فَطالَما خُدِعَ الإِنسانُ فَاِنخَدَعا
مَحَضتُكُمُ نُصحَ الصَديقِ فيك عَسى
خَيرًا يُفيدُكُمُ فَالنُصحُ كَم نَفَعا
سارَت إِلَيهِم فَتاةٌ وَاِنثَنَت رَجُلًا
وَما رَأى أَحَدٌ هَذا وَلا سَمِعا
كادَت تَطيرُ سُرورًا بَِالنَجاحِ وَقَد
كادَت عَلى الهِندِ تَقضي قَبلَ ذا جَزَعا
نُبِّثتُ أَنَّ الوَغى في الصينِ دائِرَةٌ
فَما لَها صادَفتُ في النيلِ مُرتَبَعا
- ويقول الشاعر إيليا أبو ماضي:[٧]
أَنا لَستُ بِالحَسناءِ أَوَّلَ مولَعِ
هِيَ مَطمَعُ الدُنيا كَما هِيَ مَطمَعِي
فَاِقصُص عَلَيَّ إِذا عَرَفتَ حَديثَها
وَِاسكُن إِذا حَدَّثتَ عَنها وَاِخشَعِ
أَلَمَحتَها في صورَةٍ، أَشهِدتَها
في حالَةٍ، أَرَأَيتَها في مَوضِعِ؟
إِنّي لَذو نَفسٍ تَهيمُ وَإِنَّها
لَجَميلَةٌ فَوقَ الجَمالِ الأَبدَعِ
وَيَزيدُ في شَوقي إِلَيها أَنَّها
كَالصَوتِ لَم يُسفِر وَلَم يَتَقَنَّعِ
فَتَّشتُ جَيبَ الفَجرِ عَنها وَالدُجى
وَمَدَدتُ حَتّى لِلكَواكِبِ إِصبَعي
فَإِذا هُما مُتَحَيِّرانِ كِلاهُما
في عاشِقٍ مُتَحَيِّرٍ مُتَضَعضِعِ
وَإِذا النُجومُ لِعِلمِها أَو جَهلِها
مُتَرَجرِجاتٌ في الفَضاءِ الأَوسَعِ
رَقَصَت أَشِعَّتُها عَلى سَطحِ الدُجى
وَعَلى رَجاءٍ فِيَّ غَيرَ مُشَعشَعِ
وَالبَحرُ كَم ساءَلَتهُ فَتَضاحَكَت
أَمواجُهُ مِن صَوتِيَ المُتَقَطِّعِ
فَرَجَعتُ مُرتَعِشَ الخَواطِرِ وَالمُنى
كَحَمامَةٍ مَحمولَةٍ في زَعزَعِ
وَكَأَنَّ أَشباحَ الدُهورِ تَأَلَّبَت
في الشَطِّ تَضحَكُ كُلُّها مِن مَرجَعِ
وَلَكَم دَخَلتُ إِلى القُصورِ مُفَتِّشًا
عَنها وَعُجتُ بِدارِساتِ الأَربَعِ
إِن لاحَ طَيفٌ قُلتُ يا عَينُ اِنظُري
أَو رَنَّ صَوتٌ قُلتُ يا أُذنُ اِسمَعي
فَإِذا الَّذي في القَصرِ مِثلي حائِرٌ
وَإِذا الَّذي في القَفرِ مِثلي لا يَعي
قالوا: تَوَرَّع إِنَّها مَحجوبَةٌ
إِلّا عَنِ المُتَزَهِّدِ المُتَوَرِّعِ