تعرف على اهم انجازلات صلاح الدين الأيوبي هو الملك الناصر أبو المظفّر، أحد أعظم القادة في التاريخ، عمل على تأسيس الدولة الأيوبيّة التي عملت على توحيد الشام ومصر واليمن وتهامة والحجاز تحت ظلّ الراية العباسيّة بعد أن أجهز على الدولة الفاطميّة، بالإضافة لهذا قام صلاح الدين الأيوبي بقيادة العديد من الحملات ضد الفرنجة والصليبيين، وقام بتحرير بيت المقدس ومساحات شاسعة من الصليبيين.[١]
يُعتبر صلاح الدين من أكثر الشخصيات احتراماً وتقديراً عبر التاريخ في جميع أنحاء العالم، وقد كتب المؤرّخون الأوروبيون كثيراً عن بسالة وشجاعة الملك الناصر، ووقفوا طويلاً أمام موقفه في حصار قلعة الكرك التي حظي بعدها صلاح الدّين باحترامٍ وتقديرٍ قلّ نظيره حتى من ألدّ خصومه كملك إنجلترا (قلب الأسد) ريتشارد الأول؛ حيث أصبح صلاح الدين بعدها رمزاً من رموز الشجاعة والفروسيّة.[٢]
نشأته
وُلد صلاح الدين في العراق وتحديداً في تكريت، وفي ليلة ميلاده غادر والده نجم الدين أيّوب قلعة تكريت التي كان والياً عليها، يعود الأيوبيون في نسبهم إلى (أيوب بن شاذي بن مروان) من مدينة دوين من أرمينيا، وهم أنكروا أصلهم هذا قائلين إنّهم عرب. نزل الأيوبيون عند الأكراد وتزوّجوا منهم، واختلفوا في أصول نسبهم؛ فمنهم من قال إنّهم يعودون إلى بني أميّة في النسب، وقال البعض الآخر أثبتوا بأنّ أصولهم تعود إلى بطون غطفان.[٣]
انتقل نجم الدين والد صلاح الدين إلى بعلبك التي أصبح والياً عليها، ومن ثمّ انتقل بعدها إلى دمشق؛ حيث قضى صلاح الدين طفولته فيها، وقضى فترة شبابه في بلاط الملك نور الدين زنكي، تلقّى صلاح الدين علومه في مدينة دمشق التي عشقها عشقاً جمّاً، وعرف عن براعته في العلوم وخاصةً الرياضيات، والهندسة الإقليديّة وعلوم الشريعة الإسلاميّة، وكان شغوفاً بالعلوم العسكريّة وعلوم الفقه خلال فترة دراسته، وكان لديه إلمامٌ بعلم الأنساب وتاريخ العرب والسير الذاتيّة والشعر، حتى إنّه حفظ ديوان أبي تمامٍ (الحماسة) عن ظهر قلب، وكان مولعاً بالخيول المطهمة؛ حيث اقتنى أنقى السلالات دما.[٤]
تاريخه
كانت حياة صلاح الدين غنيّةً بالأحداث والفتوحات المهمة رغم قصرها، إلّا أنّه ترك بصمةً تاريخيّة خلّدت اسمه عبر الأزمان، ومن أهم إنجازاته محاربة الصليبيين والتصدّي لامتدادهم في الشرق وفتح بيت المقدس، والعديد من البلدان التي رزحت تحت الحكم الصليبي في الشرق، وحدثت الكثير من المواجهات في حياته كان آخرها مواجهته للملك ريتشارد قلب الأسد ومعاهدة الرملة التي كانت خاتمة أعماله؛ حيث أصيب بعدها بوقتٍ قصير بالحمّى الصفراويّة، واشتدّ المرض عليه بعدها حتى أصابه الضعف والوهن، وبعد تسعة أيام من إصابته بالمرض أغشي عليه، وتم حقنه في اليوم العاشر بحقنتين شعر بعدهما ببعض الراحة والتحسن.[٥]
وفاته
لم يُطل الأمر حتى عاوده المرض واشتدّ على صلاح الدين بشكلٍ أعجز الأطباء عن مداواته، وبهذا توفّي صلاح الدين في الرابع من آذار عام ألفٍ ومئةٍ وثلاثٍ وتسعين، وقد أحزن خبر وفاته عموم العرب والدمشقيين خصوصاً، حتى إنّ الفرنجة أنفسهم أسفوا لوفاته، حتى قيل إنّه من شدة حزن الناس على رحيله خيّل إليهم بأنّه قد توحّد صوت البكاء من شدة الحزن على رحيله. [٦]
صلاح الدين الأيوبي
صلاح الدين الأيوبي، هو يوسف بن أيّوب بن شادي بن مروان بن يعقوب الدُّويني، وهو من أشهر القادة الإسلاميّين، وقد لُقِّب بالملك الناصر، وصلاح الدين تكريتيّ المولد، وأبوه هو نجم الدين، ويعود أَصله إلى دُوين، وهي بلدة بأطراف أذربيجان، حيث انتقلَت عائلته إلى تكريت بعد أن انضمّوا إلى قُوّات مجاهد الدين قائد حامية العراق، إذ حرصوا على خدمته، وفي تلك البلدة وُلِد صلاح الدين الأيّوبي، في عام 532 هـ، أي ما يوافق 1137م، علماً بأنّه قد تُوفِّي في عام 589هـ، أي ما يوافق 1193م.[١]
ويمكن القول بأنّ صلاح الدين الأيّوبي ليس من أَصْل عربيّ، بل هو كرديُّ الأَصْل، وكان والده نجم الدين حاكماً لقلعة تكريت، وعندما وُلِد صلاح الدين، اُجبِر والده على الخروج من تكريت، وعندها توجَّه إلى الموصل، إلّا أنّ والده تشاءم عند ولادته، وعندها نصحه أحد الرجال بعدم التشاؤم، وذلك لأنّ صلاح الدين قد يكون من أعظم الملوك، فيشتهر ويذيع صيته في أنحاء البلاد، وبدأت نشأة صلاح الدين في الموصل، كما عاش في بعلبك أيضاً، ونزل هو ووالده عند عماد الدين زنكي؛ حيث كان والده أحد ضبّاطه، فنشأ عنده نشأة مُميَّزة تربّى فيها على حبِّ الجهاد والفروسيّة، كما تدرَّب على السلاح، وتعلَّم القرآن الكريم، وحفظ الكثير من الأحاديث النبويّة الشريفة.[٢][١]
صفات صلاح الدين الأيّوبي
نشأ صلاح الدين نشأة قياديّة مُتميِّزة، وتعرَّض للعديد من التوجيهات العسكريّة والإسلاميّة، الأمر الذي أثَّر في شخصيّته وصقلَها، فقد أصبح فقيهاً وراوياً للحديث، كما كان يمتلك حماسة عالية في الشعر، إضافة إلى أنّه كان جديراً بالإمارة، وشجاعاً، ومقداماً، حيث إنّه كان كثير الغزوات، كما كان مجاهداً مثابراً، إذ كانت حياته كلّها جهاد، فهو ما إن يعود من غزو حتى يخرج إلى غزو آخر، كما عُرِف بالهمّة العالية، وبكرمه، وإحسانه، أمّا في مأكله، وملبسه، ومركبه، فقد كان بسيطاً جدّاً، ولم يكن يبحث عن ألقاب زائفة، كما لم تكن الدنيا ضمن همومه قطّ، وإنّما كان صاحب دين، وعقيدة، وكان يأخذ بالأسباب في جميع أموره.[١][٢]
وقد اتَّصفَ بعَدْله أيضاً؛ فلم يكن من أمر صلاح الدين الأيوبيّ أنّه حَكَم بناءً على التهمة أو الظن فقط، وإنّما كان يستدعي الشهود؛ ليسمع منهم عن أمر المُتَّهم؛ كي لا يظلمه، كما اتَّبع حُكْم الشريعة في حُكْمه وإمارته، حيث كان يجلس في كل اثنين وخميس من كلّ أسبوع، في مجلس عام؛ ليقيمَ العدل، وكان يحضرُ مجلسَه العديد من الفقهاء، والكثير من الناس، دون أيّ وجه تفرقة بينهم، ولعَدْله، وحكمته ساد العَدْل في البلاد، وقلَّ عدد المُفسِدين فيها، وأَمن الناس على أنفسهم، وأموالهم،[١] والجدير بالذكر أنّ صلاح الدين كان حريصاً على طلب العِلم، ولم يلهِه الجهاد في سبيل الله عن استمراريّة طَلَبه للعِلم، ومن الأمثلة على اهتمامه بطَلَب العِلم، أنّه كان يحثُّ الجنود على قراءة صحيح البخاري أثناء تجهيزهم لمعركة حطّين.[٣]
أعمال صلاح الدين
أولى الحملات العسكريّة
عاش صلاح الدين حياة عاديّة كسائر الشباب في ذلك الوقت، وكان يلهو لَهو الشباب ويحبُّ ركوب الخيل، إلّا أنّ حياته تبدَّلت عندما صار يخرج مع عمّه أسد الدين شيركوه، وهو قائد عسكريّ من قادة نور الدين زنكي، حيث خرج صلاح الدين مع أسد الدين في غزوه لمصر، وقاد ثلاث حملات عسكريّة؛ ليمنعَ سقوط مصر في أيدي المسيحيّين اللاتينيّين، وبعد حدوث عدّة معارك بين عموري الأوّل ملك بيت المقدس، وشاور وزير مصر في عَهد الخلافة الفاطميّة، ضدّ أسد الدين شيركوه، فانتصرَ عليهم أسد الدين، وعيَّن صلاح الدين الأيّوبي وزيراً في مصر للخليفة الفاطميّ، وكان ذلك في عام 1169م، حيث كان عمره 31 عاماً، وقد كانت هذه الحملات هي بداية صلاح الدين العسكريّة.[١][٤]
ومن أهمّ الأعمال التي أنجزها صلاح الدين الأيّوبي جهاد الصليبيّين، وفَتْح بيت المقدس، حيث كان صلاح الدين يهتمّ لأَمر القدس اهتماماً كبيراً، فقد كان من كلامه: (كيف يطيبُ لي الفرح والطعام ولذّة المنام وبيت المقدس بأيدي الصليبيّين)،[٢] وبدأ جهاده ضدّ الصليبيّين سنة 568 هـ، من الكرك، والشوبك، وخاض معارك كثيرة بين الإفرنج، ولم ينتصر عليهم، إلّا أنّه في تلك الأثناء قضى على المُتمرِّدين من الشيعة، وبعد أن تُوفِّي نور الدين زنكي، اتّجه صلاح الدين إلى دمشق، وبدأ إصلاحاته فيها، بعد أن تبدَّلت أحوالها منذ وفاة نور الدين زنكي، وأصبحت بلاد الشام وما حولها تُقدِّم له الولاء، والطاعة.[٣]
فتح بيت المقدس
فَتَح صلاح الدين بيت المقدس من خلال معركة حطّين، في 4 تموز/يوليو من عام 1187م، أي ما يوافق 14 ربيع الآخر سنة 583هـ، في شمال فلسطين، حيث هزمَت جيوش صلاح الدين ملك القدس، وكانت واقعة حطّين من الأيّام التي سَطَّر فيها المسلمون مجدَهم، إذ كان عدد الصليبيّين نحو 63 ألف جنديّ، أُسِر منهم 30 ألفاً، وقُتِل منهم 30 ألفاً، كما فرَّ منهم نحو 3 آلاف من الجرحى، وحصلَ المسلمون على الكثير من الغنائم.[٣][٥]
ألقى صلاح الدين القبض على حاكم الكرك أرناط، حيث كانت له أفعال مشينة ضدّ الإسلام والمسلمين؛ فقد قَتَل عدداً من الحُجّاج المسلمين، واستهزأَ بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وعندما قَبض صلاح الدين عليه، أحضرَه أمام الناس، وقال لهم إنّه آن الأوان كي ينتصرَ للرسول عليه الصلاة والسلام، وضَرَب عنقَه، إلّا أنّه قَبْل أن يضرب عنقَه دعاه إلى الإسلام، ولكنّه رَفَض، فقَتَله، وبعد ذلك رَحل إلى صلاح الدين إلى عكّا، وقاتل الصليبيّين فيها، فانتصرَ عليهم، وأخذَها منهم، ثم انتشر جيشه في الساحل؛ للسيطرة على القلاع، والحصون المنيعة، ومن ثمّ انتقلوا إلى صيدا وسيطروا عليها، ومن ثمّ سيطروا على بيروت.[٣]
وعندما وَصَل صلاح الدين إلى عسقلان، والأماكن الأخرى حول القدس، اجتمعَ مع جيوشه، واتّجه معهم نحو القدس الشريف، ووَصَلوا إلى القدس سنة 583هـ في الخامس من شهر رجب، ونَصَب المجانيق؛ استعداداً للقتال، وعندما شَعرَ الصليبيّون بالخطر المحيط بهم، طلبوا الأمان، وفي 27 رجب في 583هـ، تسلَّم صلاح الدين مفاتيح بيت المقدس، ومنه أكمل فَتْح بقيّة بلاد الشام حتى وقعت جميعها بين يديه، وانتهت حروب الصليبيّين بانتصار صلاح الدين الأيّوبي، وصُلْحه معهم.[٣]