تعرف على حق العامل بالاسلام وفضل العمل جاءت الشريعة الإسلامية لتحث النّاس على العمل والإنتاج بعيداً عن الخمول والكسل، فالإنسان حينما استخلفه الله تعالى في هذه الأرض كان من مهامه الرّئيسية إصلاحها وإعمارها وفق منهج الله تعالى وشريعته التي ارتضاها للنّاس، ووفق منظومةِ القيم والأخلاق التي وضعت للنّاس المنهج الواضح في كيفية التعامل مع بعضهم البعض، وسنتحدث في هذا المقال عن فضل العمل في الإسلام، والآيات القرآنية التي حثت عليه.
نصوص شرعية في فضل العمل
قال الله سبحانه وتعالى في مُحكم التنزيل:
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة:105]، وفي آية الأخرى
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) [الملك:15]، فهاتان الآيتان تدلان على عناية الإسلام بالعمل والإنتاج وحث المسلمين عليه من أجل تحقيق أهدافٍ وغاياتٍ كثيرة في الدّنيا والآخرة.
فضل العمل في الإسلام
لا شك أنّ اهتمام الإسلام بالعمل مرده إلى فوائده الجمة، ولكونه سبباً في تحصيل الغايات وإدراك المقاصد، فبدونه لا يتصور الإنسان استمرار الحياة على هذه الأرض، فالعمل هو ضمان ديمومة الحياة والإنتاج، وضمان استمرار انتفاع الإنسان من ثمار عمله، ويمكن أنْ نتبين فضل العمل في الإسلام فيما يلي:
- أنَّ العمل يحقق الاستخلاف الشّرعي للإنسان في الأرض، فمن مُتطلبات تحقيق الاستخلاف الشرعي في الأرض أنْ يستمر الإنسان في العمل على وجه هذه الأرض بالقيام بجميع الأعمال التي تُرضي الله تعالى، ومنها: إقامة شرع الله في الأرض بتطبيق حدوده وتنفيذِ أوامره سبحانه، وكذلك القيام بجميع الأعمال التي ينتفع منها النّاس من إصلاح للأرض بزراعتها، وصناعة كل ما يحتاجه النّاس في حياتهم.
- العمل هو وسيلةٌ لنيل الحسنات ومغفرة الذّنوب.
- العمل هو علامةُ التّوكل الحقيقي للعبد على ربه جل وعلا، فالمسلم الذي يتوكل على الله حق التوكل يَسعى ويجد ويتعب من أجل تحصيل لقمة عيشه، ولا يَركن إلى الدِّعة والكسل لعلمه أنَّ السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة، وقد أنكر الفاروق رضي الله عنه على أولئك النفر الذين جاؤوه مرة من اليمن يمتدحون أنفسهم بقولهم نحن المتوكلون، فقال لهم: بل أنتم المتواكلون، إنّما المتوكل من يضع الحَب في الأرض ثمّ يتوكل على الله.
- العمل هو سبب الحياة الطيبة الهانئة للإنسان، وهو سببٌ لتحصيل أعظم الأجور عند الله، قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [النحل:97].
العمل
العمل هو الجهد الذي يقوم الإنسان ببذله أثناء أداء عمل معين، فينتج شيئاً يعود عليه بمصالح ذاتية أو مصالح عامة للناس، حيث تساعدهم على قضاء حوائج الناس، وأشار الاسلام إلى أهمية العمل العظيمة، وحث الإنسان على البحث عن العمل والسعي إليه، وذلك حتى يكسب رزقه الذي يساعده على توفير حياة كريمة له ولأهل بيته، كما أمر الله تعالى في كتابه الكريم بضرورة السعي في الأرض لطلب الرزق، حيث يقول:
(فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]
حب العمل في الإسلام
عظم الإسلام من شأن العمل، حيث يكون جزاء الإنسان على قدر عمله، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم:
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]، ومن الجدير ذكره أن الأنبياء الذين هم أشرف الخلق قد عملوا في مهن مختلفة غير النبوة، فعمل سيدنا آدم بالزراعة، وداود بالحدادة، كما عمل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في رعي الغنم والتجارة.
لا يحل للمسلم أن يترك العمل تحت نية التفرغ لعبادة الله وحده أو بحجة أنه يتوكل على الله في رزقه، حتى لو اضطر إلى العمل في أبسط الأعمال فهذا أفضل من سؤال الناس، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
(لأَنْ يأخُذَ أحدكمْ حبلَهُ ، ثم يغدو - أحسبُهُ قال - إلى الجبلِ ، فيحتطِبُ ، فيبيعُ ، فيأكُلُ ويتصدَّقُ ، خيرٌ لهُ من أن يسأَلَ الناسَ) [صحيح البخاري].
حبب الإسلام أتباعه بالعمل، فالمسلم الذي يتقن عمله له أجر عظيم عند الله تعالى، لذلك يسعى المسلم للقيام بكافة أعماله مخلصاً نيته لله تعالى متقناً لعمله، فيفكر في الأجر والثواب قبل المال الذي سيحصل عليه، كما أن الشخص الذي يعمل عمله بإتقان يحبه الناس ويحبون التعامل معه؛ لأنه صادق ودقيق في عمله، كما أن الإسلام رفع من قيمة جميع الأعمال مهما كانت، فكل شخص يقدم منفعة لمجتمعه هو إنسان صالح يستحق الاحترام والتقدير، لذلك أمر الإسلام باحترام جميع المهن.
حقوق العمال في الإسلام
- مناسبة الأجر للعامل: من أهم حقوق العامل أن يحصل على أجر مناسب لقدراته ومواهبه، فيقول الله تعالى: (ولا تبخسوا الناس أشيائهم...) [البقرة: 183]، أي لا تنقصوا من أموالهم.
- سرعة دفع الأجر للعامل: أشار الرسول إلى ضرورة إعطاء العامل أجره بعد الانتهاء من عمله يشكل مباشر.