تعرف على تاريخ سقوط غرناطه وكيف سقطت كانَ سقوطُ غرناطةَ -المَعقِل الأخير للمسلمين- في الأندلس في الثاني من كانونَ الثاني/يناير من عام 1492م، بعد أن استسلمت، وسُلِّمت باتِّفاقية وقَّعها آخرُ الحُكّام المسلمين (أبو عبد الله الصغير) مع كُلٍّ من فرديناند، وإيزابيلا من الطائفة الكاثوليكيّة، وقد كان هذا السّقوطُ نتيجةً حتميّةً بعد حروب شنَّها الصليبيّون على دُويلات المسلمين في الأندلس طوال أربعة قرون، حيث عُرِفَت تلك الحروب الصليبيّة ب(حروب الاسترداد).
[١]تسليم غرناطة
حاصرَ النصارى مدينةَ غرناطةَ بكلِّ قُراها، ومزارعها؛ إذ كانت في ذلك الوقت ضعيفةً بشكل كبير، واستطاع ملك إسبانيا الاستيلاءَ على بُرجِ الملاحة الخاصّ بها، وزاد تحصينه، فضيَّق بذلك على الناس فيها، ويُذكَر أنّ بعض الوثائق أشارت إلى وجود اتِّفاقية صُلح بين ملك غرناطة، والصليبيّين، تعهَّدَ بمُوجبها ملك غرناطة بتسليمها للصليبيّين في حال تسليم بسطةَ، ووادي آش، وكذلك ألمرية، ومع ازدياد ضغط الصليبّيين على ملك غرناطة أعلن نيّته في الدفاع عن وطنه حتى آخر نفس له، إلّا أنّ ذلك لم يُجدِ نَفعاً؛ إذ سقطت غرناطة، وسُلِّمت للصليبيّين بموجب الاتِّفاق الذي ذُكِر سابقاً.
[٢]أسباب سقوط غرناطة
تعرَّضت الأندلسُ لفترات ضَعفٍ، وانحدار، وضياع، وتُعَدُّ هذه الحالة التي مرَّت بها بلاد المسلمين من أهمّ أسباب انهيار الأندلس مدينةً تِلو الأخرى، وقد اشتدّ وقع هذه الأسباب، وزادَ في غرناطة حتى انهارَت، وسُلِبت من أيدي المسلمين، ومن أهمّ هذه الأسباب ما يأتي:
[٣]
- الترَف وحبُّ الدنيا: حيث كان الانغماسُ في الشهوات، ومَلذّات الدنيا، والانحراف عن الأهداف من أهمّ الأسباب التي أدَّت إلى انهيار غرناطة، وتسليمها للنصارى من قِبَل المُسلمين.
- الامتناع عن الجهاد في سبيل الله: يُعَدُّ تَركَ المسلمين للجهاد من أهمّ الأسباب التي جعلتهم يعيشون في ذُلّ؛ إذ إنّهم لو اتَّبعوا شرع الله في الجهاد لعاشوا في عزّة، ومجد، ولما ضاعت بلاد المسلمين، وسقطت في أيدي النصارى.
- كثرة المعاصي والإسراف فيها: إنّ إسرافَ العبد في المعاصي لَأمرٌ يعود عليه بالسوء، وهذا ما حصلَ مع المسلمين في غرناطةَ؛ حيثُ أسرفوا، وكَثُرَت ذنوبُهم، ممّا أدّى إلى ضياع مُلكِهم، وعزّتِهم.
- مُوالاة أعداء المسلمين: حيث تُعَدّ العلاقاتُ التي أنشأها ملوك الطوائف مع الصليبيين، وانخداعهم بهم، وبمواثيقهم من أهمّ الأسباب التي جرَّت المسلمين نحو الانحدار، والسقوط.[٤]
- تنازُع ملوك الطوائف: إنّ التنازُع الذي ظهرَ بين ملوك الأندلس لهُو من الأسباب المُهمّة في ضياع الأندلس بشكل عامّ، وغرناطةَ بشكل خاصّ.[٤]
- انشغال العُلماء عن دورهم الجهاديّ، والإصلاحيّ: حيث ذهبَ الكثيرُ من العلماء إلى الانشغال، والاهتمام بالمسائل الخِلافيّة، بعيداً عن اهتمامهم بالدعوة، والإصلاح، والجهاد.[٤]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]غرناطة
غرناطة ، آخر معاقل المسلمين في أوروبا ، وتحديداً في الأندلس ، والتي بسقوطها سقط حكم العرب المسلمين فيها والذي دام ثمانية قرون، فتحت بلاد الأندلس على يد موسى بن نصير وطارق بن زياد في سنة 92 للهجرة ، وحكمتها قبائل الـ ( قوط ) ، حيث ازدهرت بها حضارة ، لتغدو بعدها منارةً للعلوم والدين في أعماق أوروبا ، اجتازت الدولة في الأندلس العديد من الأدوار ، لكل دورٍٍ منها مزاياه وخصائصه ، وهي كالتالي :
عصر الميلاد
عصر الميلاد( 92 للهجرة - 138 هجريا ) :- والذي يمتد منذ اليوم الأول لفتح بلاد الأندلس ، حتى سقوط الدولة الأموية حيث كانت الأندلس تابعة للدولة الأموية ، وتتابع في فترة الحكم الأموي ثلاثةً وعشرون والياً على حكم الأندلس ، استشهد العديد منهم جراء متابعة الفتوحات في أوروبا ، ومن سمات هذه الفترة :
- اشتعال الفتنة القبلية بين العرب والبربر من جهة ، وقبائل يمانية وقيسية من جهةٍ أخرى ، الأمر الذي أدى إلى سفك الكثير من الدماء بين الطرفين المتخاصمين ، وأدى أيضاً إلى ضياع عددٍ من المناطق التي تقع إلى الشمال من الأندلس ، وكانت هذه الفتنة من أهم وأكبر الأسباب الذي أدت إلى سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس .
- اعتناق الكثير من البربر لفكر الخوارج الذي شاع في تلك الفترة بعد فرارهم من مدن المشرق إلى مدن المغرب هروباً من الضربات القوية والتي شنتها عليهم الدولة الأموية .
- المحاولات المتكررة للتوغل في قلب أوروبا وفتح بلاد فرنسا ، ومن المعارك التي خاضها المسلمون في هذه المرحلة ، معركة ( بلاط الشهداء ) ، والتي تعد من أعظم المعارك التي قادها العرب المسلمون في هذه الحقبة .
العصر الأموي الأول
العصر الأموي الأول ( 138 للهجرة - 238 هجريا ) :- ابتدأ هذا العصر بدخول ( الداخل أو صقر قريش ) وهو عبد الرحمن الأموي ، إلى الأندلس وسيطرته عليها ، بعد تحقيقه الإنتصار يوم ( المسارة ) ، حيث تمكن بعدها من الإستيلاء على مقاليد الأمور فيها ، ومن سمات هذا العصر والذي امتد قرناً من الزمان ، وسمي بعصر الإزدهار للدولة :
- القضاء على الثورات التي اشتعلت رفضاً للإنقياد لحكومة قرطبة المركزية ، وأشعل هذه الثورات زعماء القبائل العربية ، فقام عبد الرحمن الأموي بالقضاء على تلك الثورات بكل قوةٍ وحزم .
- المحاولات المتكررة للدولة العباسية التي قامت على أنقاض سقوط الدولة الأموية من تقويض الحكم الأموي هناك ، ولكن جميع تلك المحاولات باءت بالفشل .
- ظهور عددٍ من الممالك وتبلورها إلى الشمال من الأندلس ، وكان هدفها إستعادة أملاكهم في الأندلس والتي سقطت بأيدي المسلمين ، ومن هذه الممالك مملكتي ليون وأراجون .
- قام عبد الرحمن الأموي بتوطيد دعائم الحكم والسيطرة على الأمور ومواجهة جميع الصعاب التي كانت تواجه بلاد الأندلس ، الأمر الذي أدى إلى إستقرار الدولة وازدهارها ، وقام أيضاً بإنشاء ثكنات ثابتة للجيش ، وإنشاء الأسطول الأندلسي .
- انتشار الرفاهية والترف ، وانشغل الناس هناك بالتمدد العمراني ، حيث قاموا ببناء المتنزهات والقصور الفاخرة ، وبدأت في تلك الفترة سطوع ظاهرة الغناء والمجون واللهو .
- في أواخر هذا العهد بدأت ثورات المستعربين بالإشتعال .
العصر الأموي الثاني
العصر الأموي الثاني ( 238 للهجرة - 300 هجريا ) :- وأطلق على هذا العصر ( عصر التدهور الأول ) ، حيث اجتاحت جميع أرجاء الأندلس الثورات العنيفة ، ومن أهم سمات هذه الفترة :
- استقلال عدد من الدول وعلى الأخص في الشمال والجنوب عن الدولة المركزية في ( قرطبة ) .
- عادت الثورات القبلية بالظهور بعد أن قام الداخل بوضع حدٍ لها ، وكانت تلك النعرات قد اشتدت بين العرب والبربر ، حيث قام البربر بالإستيلاء على العديد من المناطق وخاصة في الجنوب .
- من جهةٍٍ أخرى ، اشتدت ثورة الطابور الخامس وهم المستعربين ، والمستعربين هم من أبناء الإسبان الذين امتزج دمهم بدم العرب ، واتخذ من أسلوب العرب ولغتهم طريقا لحياتهم ، ولكنهم لم يعتنقوا الإسلام .
العصر الأموي الثالث
العصر الأموي الثالث ( 300 للهجرة - 368 هجريا ) :- عصر إعلان الخلافة الإسلامية الأموية في البلاد ، حكمها رجلان هما عبد الرحمن الناصر ، وورث من بعده الحكم لإبنه ( الحكم المستنصر ) ، لتعاود الأندلس في فترة حكمهما إزدهارها من جديد ، وقاموا بتوحيد الأقاليم بعد تفتتها بفعل الثورات المتكررة ، وشهدت البلاد في هذه الفترة إنتشاراً لمجالس العلم ، وانتشار العمران ، وبناء قوة داخلية وخارجية للدولة ، حتى وصف بأنه ( عصر الأندلس اللامع ) .
عصر الحاجب المنصور
عصر الحاجب المنصور ( 368 للهجرة - 399 هجريا ) :- وهذا العصر من أشد عصور الأندلس إزدهاراً على الإطلاق ، وكانت سمة هذا العصر هو الجهاد ، الذي قاده المنصور والذي وصف بأنه أقوى وأعظم من حكم الأندلس ، حيث قام بشن 50 غزوة على معاقل النصارى في إسبانيا ، كانت الغلبة له فيها جميعها ، حيث قام بفتح برشلونة و شانت ياقب ، ولأول مرة منذ فتح الأندلس يتمكن حاكم لها من إحكام قبضته عليها كما فعل المنصور ، وباءت جميع المؤامرات التي حيكت ضده بالفشل ، وبعد وفاته تسلم إبنه مقاليد الحكم ليسير على نهج والده .
عصر سقوط الخلافة الأموية
عصر سقوط الخلافة الأموية ( 399 للهجرة - 422 هجريا ) :- وسمي بعصر الفوضى ، ضاعت به هيبة دولة الأندلس التي توالى على حكمها عددٌ من الولاة الضعاف ، وفي هذه الفترة ظهرت فكرة الإستعانه بالنصارى الإسبان في الشمال لقتال الملك ، حيث كانت السيطرة للبربر في هذه الفترة ، وقاموا بإقامة دولة أطلقوا عليها دولة ( بني حمود ) بعد استيلائهم على عددٍ من المدن في الأندلس وخاصةً في الجنوب . وبالإضافة لعودة العصبية القبلية بين البربر والعرب ، ظهر الصقالبة الذين استقلوا بحكم جزر الأندلس الشرقية.
عصر ملوك الطوائف
ملوك الطوائف ( 422 للهجرة - 483 هجريا ) :- عصر تمزق الأندلس أو العصر المشؤوم ، حيث تفتت الدولة إلى 22 دويلة ، ومن سمات هذا العصر :
- انتشار الفساد والإنحطاط الأخلاقي ليشمل الملوك والرعايا في الوقت ذاته ، ليضعف أركان الدولة ، ويجعلها هشةً أمام ما كان يحاك لها في الخفاء .
- اشتعال حروب مدمرة بين ملوك الطوائف ، كلٌ كان يسعى إلى توسيع رقعة نفوذه على حساب الآخر ، حتى وصل بهم الأمر للإستعانة بالأعداء لتحقيق النصر والغلبة على الآخرين من دويلات أخرى .
- استغل الإسبان هذا الأمر ، فقاموا بتوحيد صفوفهم تحت راية قائدٍ عرف ببأسه وقوته هو ( الفونسو السادس ) ، ليحقق نصراُ قويا على المسلمين في الأندلس ، وقام بالإستيلاء على مدينة ( طليطلة ) .
عصر المرابطين
عصر المرابطين ( 483 للهجرة - 539 هجريا ) :- ويتميز هذا العصر باسترداد الدولة في الأندلس بعضاً من قوتها وهيبتها ، بعد استجاد ملوك الطوائف بالدولة ( المرابطية ) ، والتي كانت تحكم الشمال الإفريقي ، وكان حاكمها ( يوسف بن تاشفين ) ، والذي قاد جيوشه متوجها الى الأندلس ليحقق انتصارا على الإسبان ، وبعدها قام بالقضاء على ملوك الطوائف فيها ، ولخشونة طباعهم المستمدة من طريقة عيشهم في الصحراء ، الأمر الذي تعارض مع الرفاهية التي اعتادها أهل الأندلس ، مما جعل الناس هناك يتذمرون من طريقتهم وحكمهم ، وسقط حكم المرابطين في الأندلس بعد الحرب التي شنها عليهم ( ابن تومرت ) .
عصر الموحدين
عصر الموحدين ( 539 للهجرة - 630 هجريا ) : وهم أتباع محمد بن تومرت ، حيث قاموا بالإستيلاء على بلاد الأندلس والمغرب بعد إسقاطهم للمرابطين ، ولكنهم ساروا على نهج المرابطين في محاربة الإسبان ، ومن أهم الإنتصارات التي حققوها كانت في معركة ( الآرك ) ، لكن الأمر لم يدم على حاله حيث حقق الصليبيين نصرا ساحقا عليهم في معركة ( العقاب ) ، الأمر الذي أدى إلى سقوط الموحدين ، بالإضافة إلى ثورات الأندلسسين أنفسهم على هذا الحكم .
عصر ملوك بني الأحمر
ملوك بني الأحمر ( غرناطة ) (630 للهجرة - 896 هجريا ) :- بعد تضعضع بلاد الأندلس وسقوطها ، استقلت الولايات عن بعضها البعض ، الأمر الذي سهل المهمة على الإسبان في الإستيلاء على تلك الدويلات المتهالكة خلال فترةٍ وجيزة ، الأمر الذي أدى إلى نزوح العرب والمسلمين إلى آخر معاقلهم في الأندلس وهي ( غرناطة ) ، والتي قام بتأسيسها إبن الأحمر ( محمد بن يوسف النصري ) ، وتوارث أبناءه الحكم فيها حتى سقوطها ، وكانت غرناطة هي الوحيدة التي بقيت صامدةً في وجه الغزاة ، وكان نزوح العرب المسلمين اليها سبباً في قوة صمودها .
وأيضاً كانت لمساعدات أمراء المغرب ( بني مرين ) سبباً في صمود المدينة لمدهم غرناطة بالجنود والسلاح لمواجهة جميع التحديات التي تتعرض لها ، ووصلت لذروة قوتها ومجدها في عهد ( محمد الخامس )، ما لبثت بأن دبت الفتنة في مملكة غرناطة ، في الوقت الذي قويت فيه شوكة الأسبان وتوحدهم تحت راية ( فريناند وايزابيلا ) ، ووصل الصراع الداخلي في غرناطة بين الأمراء هناك ذروته وعلى الأخص بين علي أبو الحسن وولده أبي عبد الله . قام الإسبان بشن حرب متواصلة على مملكة غرناطة ، تخللتها فترات حصار طويلة ضعضعت أركان الدولة ، الأمر الذي أدى إلى سقوطها واستسلام أهلها .