[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
إن ما سبق ذكره هو وصف لما يحدث في الجهاز العصبي
بمحاوره الرئيسية (مراكز ما تحت المهاد - المحور العصبي الهرموني
- مراكز المخ العليا - مراكز التكوين الشبكي والجهاز العصبي اللاإرادي)،
يعد مرحلة من مراحل استجابة الجسم البشري بأسْره،
فمتى تنبه هذه المراكز تنبثق النبضات المختلفة (عصبية وهرمونية)
إلى جميع أعضاء الجسم بحيث يأخذ كل، بل وربما كل خلية سليمة
في الجسم البشري دورًا ووظيفة لمواجهة ما أصاب عضوًا
ما من مرض أو جرح عطل وظيفته وهدده.
الدور الهام الذي تلعبه الكليتان في حال المرض أو الإصابة:
أ- تقوم الكليتان بالاحتفاظ بالماء والصوديوم من أن يفقدا،
وذلك بتقليل الإدرار لأقل صورة ممكنة، وهذا تحت تأثير
هرمونين أساسيين؛ هما:
هرمون (مضاد الإدرار) للاحتفاظ بالماء،
و(الألدوستيرون) للاحتفاظ بالصوديوم.
ب- تساهم الغده الكظرية (جار كلوية) في إنتاج هرمون
الألدوستيرون بإفراز هرمون (الرنين) الذي يحول
هرمون الـ(انجيوتنسين1) الذي يفرزه الكبد إلى (إنجيوتنسين2)،
فيقوم (الإنجيوتنسين2 Angiotensin II) بتنشيط
قشرة الغدة الكظرية لإنتاج كميات كبيرة من الألدوستيرون.
ج - تساهم الكلى في إخراج كمية كبيرة من البوتاسيوم
الزائدة والمتصاعد أثناء عمليات الاستقلاب، وتهدم خلايا
الجسم أثناء المرض، وذلك عن طريق مبادلة
مع الصوديوم المترشح في القنوات الطرفية Distal tubules.
وبذلك تبذل الكلى مطلوبًا لتقليل فِقدان الجسم لما به من ماء
وصوديوم، ويكون دور الكلى في الاحتفاظ بالصوديوم أهم؛
إذ إن الصوديوم هو العنصر الأساسي لتحقيق توازن الماء
في الدم والسوائل خارج الخلية - ذلك السائل الهام الذي
يتخلل خلايا الجسم، ويشكل وسطًا تبادليًا هامًا بين سائر
أعضاء الجسم بحيث يؤدي انكماشه أو تغير تركيبه إلى فقدان الحياة.
الدور الذي يؤديه القلب والجهاز الدوري:
هذا الدور غني عن القول والشرح، فالدم هو:
1- الوسط الهام الذي ينقل الأكسجين والغذاء إلى العضو
المصاب وسائر الأعضاء النشيطة لخدمة العضو المصاب.
2- ينقل الرسائل الهرمونية بين أعضاء الجسم
وغدده التي تكون في حالة نشاط.
3- ينقل مواد التجلط المختلفة إلى العضو المصاب
لإيقاف النزيف الذي قد يحدث هناك.
4- ينقل كثيرًا من الأجسام المضادة وخلايا الجهاز المناعي
إلى حيث تجب مواجهة أي جسم غريب أو ميكروب ضار،
يغزو الجسم أثناء المرض أو الإصابة.
ولكي يتم ذلك بصورة سريعة يتم تنبيه القلب وتنشيطه
عصبيًّا وهرمونيًّا؛ ليتسارع نبضه ويقوى ضخه،
ويتضاعف معدل الضخ القلبي Cardiac out put
أثناء المرض أو الإصابة.
كما يتم انقباض أوعية الجهاز الدوري
(شرايين طرفية - وأوردة وشرايين) وذلك:
1- لرفع ضغط الدم الذي قد يهبط عند النزيف.
2- ولسحب الدم من الأعضاء الطرفية والخاملة
نسبيًّا وتوجيهه إلى الأعضاء الأكثر نشاطًا.
3- ولتعويض ما يفقد تعويضًا سريعًا ومؤقتًا،
حتى يتم التعويض بالوسائل، ثم بالخلايا الدموية بعد ذلك.
عمليات الاستقلاب التي تحدث عند المرض
والإصابة Metabolic Responses
تحدث هذه التفاعلات بصورة متسارعة ونشطة،
وتكون موجهة لمواجهة المرض أو الإصابة،
وينظم ذلك التنبيهات العصبية والهرمونية التي سبق
وصفها، وسنرى أنها تشمل جميع الأعضاء
بل خلايا الجسم السليمة.
نظرًا لاحتياج الجسم لكميات عالية من الطاقة
في حال المرض والجراحة، تتوجه تفاعلات الاستقلاب
لتوفير تلك الطاقة اللازمة للانتفاع بها فيما يلي:
1- المحافظة على سلامة الخلايا المحيطة بمنطقة الإصابة
والخلايا التي أُصيبت بحالة مرضية أدَّت إلى انتفاخها بكميات
زائدة من الماء بسبب تعرُّض غشائها لخلل في نفاذية الأملاح،
فتحتاج لطاقة كبيرة لطرد الصوديوم ومعه الماء الزائد
خارج الخلية، نأنها والإبقاء على البوتاسيوم داخلها،
وهو ما يُعرف بعملية المضخة الملحية Sodium pump،
وهي عملية نشطة تحتاج لكميات عالية من الطاقة الكيميائية
المخزونة في جزيئات الأدينوسين الثلاثي A.T.P.
2- توفير الطاقة اللازمة لإتمام تفاعلات الهدم والبناء والالتئام،
والتي تشتمل على تكوين جزيئات وبروتينات جديدة،
وهذه لا تتم إلا في وجود كمية كبيرة من الطاقة.
3- نشاط الجهاز المناعي لمقاومة الميكروبات التي قامت بغزو
العضو المصاب، ومواجهة هذا الغزو تقتضي ازدياد نشاط الخلايا البلعية
وعمليات ابتلاع الميكروبات والأجسام الدقيقة Phagocytosis،
ثم عمليات تصنيع الأجسام المضادة.
4- توفير الطاقة اللازمة للنشاط الزائد الذي يحدث في
مختلف أعضاء الجسم التي تكون في حالة مواجهة للمرض؛
مثل: عضلة القلب، ونشاط الكلى للاحتفاظ بالماء والأملاح،
ونشاط الكبد لتكسير مختلف المواد ونشاط الأمعاء الزائد
لامتصاص البروتين والغذاء، ونشاط العضلات الزائد بسبب التوتر...،
وهكذا يحتاج الجسم كله لرفع درجة نشاطه،
وهذا بالتالي يحتاج لإنتاج طاقة أكبر.
ولتوفير هذه الطاقات يتضافر فعل الهرمونات المختلفة
التي تَمَّ إفرازها للاستجابة العصبية الهرمونية، وأهم تلك الهرمونات:
1- الكورتيزون.
2- الأدرينالين.
3- النورأدرينالين.
4- الجلوكاجون.
5- هرمون النمو.
فيقوم الكورتيزون بالعمل على توفير الجلوكوز
في الدم من مختلف مصادره الموجودة بالجسم،
وخاصة عن طريق تأثيره الهدام لبروتينات العضلات
لإفراز حمض اللاكتيك Lactic acid والألانين
والأحماض الأمينية ذات السلاسل المتشعبة؛ مثل:
اليوسين والأيزوليوسين، والفالين، كما يقوم بهدم الدهون
لإنتاج الجلسرين، كما ينشط زيادة إفراز الأدرينالين
- النورأدرينالين والجلوكاجون.
ويقوم هرمون الأدرينالين والجلوكاجون بهدم الجليكوجين المخزون
في الكبد والعضلات لتوفير جزيئات الجلوكوز،
وأيضًا هدم الدهون إلى أحماض دهنية وجليسرين (Lipolysis)،
وهكذا تتضافر الهرمونات السابق ذكرها لإحداث عملية هدم وتداعي واسعة،
تشمل مخزون الكربوهيدرات والدهون، والبروتينات لتوفير كميات كبيرة من:
1- الجلوكوز.
2- والأحماض الدهنية.
3- والجليسرين.
4- والأحماض الأمينية.
وأما الجلوكوز، فينتفع به مباشرة لإنتاج جزيئات من الطاقة العالية
الممثلة في صورة جزيئات ثلاثي فوسفات الأدوينوزين (A.D.P).
وأما الأحماض الدهنية والجليسرين والأحماض الأمينية،
فإما أنه يتم إنتاج جزيئات A.D.P منهم بإدخال جزيئاتهم
الأولية في دائرة تفاعلات دائرة كريبس، أو يتم تحويلها
إلى جلوكوز في الكبد فيما يعرف بعملية إنتاج جلوكوز
(تخليق الجلوكوز) (Gluconeogenesis)،
كما يتم الانتفاع بالأحماض الأمينية في بناء بروتينات
جديدة للجهاز المناعي (أجسام مضادة وخلايا دفاعية)،
ولتصنيع جزيئات النسيج الضام اللازم لعملية التئام العضو المصاب.