موضوع: إلى سِتُ النساء الإثنين نوفمبر 09, 2020 10:23 pm
و هي تبحثُ بالصندوق الذي تركه لها قبل رحيله، وجدت دفتراً صغيراً كان مكتوباً بخط يده و لكن يبدو أنه كتبه وهو مُنهك فقد كان خطه غير مُرتب و بعض قطرات من الدم متوزعة بين الصفحات بدأت القرأة و كانت أول جُملة *إلى سِتُ النساء* مائة و عشرون يوما و سبع ساعات مضت منذ فِراقنا، لقد أوصيتُ صديقي أن يعطيكِ الصندوق في هذا التوقيت بالتحديد.. في هذه الساعة التي إستلمت هذا الصندوق كان أول لقاء لنا قبل ثلاثة أعوام.. كنتِ ترتشفين القهوة من فنجان أحمر خجلا من قُبلاتكِ .. ستجدين ذاك الفِنجان في مكان آخر، كنتِ أيضاً ترتدين نظارة شمسية بُنية اللون و أسورة داعبت يدكِ اليمنى وساعة ليست من النوع الأصلي .. لكنكِ كنتِ تتبخترين بها . منذ الجملة التاسعة والثلاثون لكِ أحببتكِ . أتذكرين ماذا حدث في ذلك اليوم ؟! جاء إلى طاولتنا مجموعة من الشباب و الفتيات وطلبوا منا أن نعطيهم أشياء قد تُباع في مزاد وما ستجنيه هذه الأشياء سيعود إلى مركز للأيتام .. في تلك اللحظات أعطيتهم ساعة اليد خاصتي .. و عرضت عليكِ إعطائهم الأسورة و النظارة والساعة .. و بالفعل قدِمتها لهم دون تردد . بدأ المزاد و جاء رجُلٌ مجنون كما وصفته و إبتاع أغراضك بمبلغ كبير ... حينها قلتِ ياللأغنياء المتعجرفين . وبدأتِ بشتمهم ووصفهم بصفات عفوية قبيحة . كنتِ أجمل إمرأة ثورية تبحث عن المساواة و تكره عجرفة الأغنياء . أظن أن كان لمظهري البسيط دورٌ لسماحكِ لي بالتعرف عليكِ . أتذكرين حينما مشينا سويةً تحت قطرات المطر في اليوم التاسع عشر للقائنا .. نعم نعم حينما تمزق حذائكِ و ألقيتي به على قارعة الطريق و مشيتي حافية القدمين، حينها قُلتُ لكِ لا يجب أن تُلقي بشيء قد لامسك فهو مُقدس . ضحكتِ ضحكة سكران عليّ حينها .. ماذا عن يوم الإحتفال ،كان عقدٌ الفُل الذي يزين عنقكِ ملازماً لكِ طيلة اليوم .. شعرتِ بغيض حينما جاءت تلك العجوز وطلبته منكِ و قدمته لها دون تردد ولكن مازلت أتذكر كيف كانت عينيكِ حزينة . في الساعة السادسة سيأتي صديقي إليكِ ليحضركِ لمقابلتي فأنا لا أستطيع القدوم إليكِ ولكن أرجوكِ أن تُصغي إليه جيداً .. لا تخافِ هذا اللقاء الأخير بيننا. مرت الساعات و هي مُرتبكة ومُترددة، هل تذهب أم لا؟!. وما أن أتت الساعة السادسة حتى قُرع جرس منزلها و كان صديقة هو الطارق.. بكل هدوء خرجت و ذهبت معه، ولكن بطريقة غريبة فلقد غطى عينيها بقطعة من القماش الأسود و قال لها.. لدي رسالة من صديقي يقول لكِ فيها.. *في نفس هذا التاريخ في السنة الثانية للقائنا في الساعة السابعة مساءً أخبرتكِ أنني أعشقكِ، وفي نفس اليوم بعد عام من العشق قررتِ الرحيل* توقفت المركبة التي كانت تقلهما، و ساعدها بالنزول ومازالت لا ترى سوى الظلام.. أمسك يديها و ذهب بها إلى مكان اللقاء.. حينما أبعد قطعة القماش عن عينيها، تفاجأت فهي لم تجده بل وجدت قبراً أمامها، بجواره صندوق ... قال لها صديقه : ذاك الصندوق لكِ ، وهذا قبر صديقي. شعرتْ في تلك اللحظات تصلبٌ في جسدها، كانت تسير كمن أُسرت و رُبطت قدميها.. أخذت الصندوق الذي كان به.. أسورتها و ساعتها و حذائها و نظارتها و فنحان القهوة التي لاتزال ملامح شفتيها بأحمر الشفاه عليه.. وكانت هناك ورقة أخيرة كُتب عليها.. لستُ متعجرفاً، بل قاتلت حتى وصلت إلى هذا الثراء، نعم أنا ثري يا عزيزتي، خشيت إخباركِ فترحلِ، أنا من نظم كل شيء فقط لأجهز لكِ هدية كنت أريدها هدية زواجنا ولكن.... لا تحزني لأنك لم تودعينني.. *لقد قُلتُ لكِ قبل عشرة أيام بعد المائة أنني أموت وأريد رؤيتكِ ولكنكِ رفضتِ يا حبيبتي*