موضوع: لقطات إحترت أمامها الإثنين نوفمبر 09, 2020 10:12 pm
كان طفلاً لم يتعدَّ السادسة من عمره، يمسك بقطة صغيرة، يشدُّ ذيلها محاولاً ثَنْيَه بقوة، صرخت القطة الصغيرة بعنف صرخة استغاثة، وأظهرت مخالبها من أسفل أطرافها في محاولة يائسة منها لإخافته والدفاع عن نفسها ولكن دون فائدة، حاولت الفكاك منه، ولكن أنى لها ذلك وهي مربوطة بحبل قصير، طرفُه الأول مثبَّت بإحكام حول رقبتها، وطرفُه الآخر ملفوف حول جذع شجرة؟! كان الناس يمرُّون بالقرب منه دون أن يتدخلوا، ويسمعون استغاثة القطة دون أن يلتفت منهم أحد، وكأن قسوة هذا الطفل على هذه القطة البائسة شيء عادي لا يلفت الانتباه!
استمر الطفل يجري تجارب مختلفة على القطة، فمرة يعلِّقها على غصن الشجرة ويتركها معلقة في الهواء من رقبتها، ومرة أخرى يحملها من ذيلها ويؤرجحها يَمنة ويَسرة، ومرة تليها يرفعها من أذنيها، حتى حضر طفل آخر يكبر الطفل الأول ويبدو أنه صديقه، فاقترح عليه أن يربطها بالعجل الخلفي لسيارة كانت متوقفة إلى جانب الرصيف، فقاما بتنفيذ الاقتراح مباشرة، وبعد دقائق، عاد صاحب السيارة وأدار محرِّكها، وانطلقت السيارة تجرُّ القطر وراءها، فمرة تضرب بالأرض، ومرة أخرى ترتفع في الهواء، وتترك وراءها آثار دماء على الأرض! الشيء اللافت للانتباه، أن الطفلين أخذا يضحكان بكل ما لديهما من قوة كلما ضربت القطة الأرض، وكأنها لعبة مسلية يشاهدانها في الحاسوب أو التلفاز!
على مسافة قصيرة من إحدى المدارس الأساسية، تجمَّع خمسة طلاب يبدو أنهم في بداية المراهقة، وشكلوا شريطًا بشريًّا على شكل نصف دائرة مغلقة من كلا الجهتين على حاجز الرصيف الحديدي، كانوا يحاصرون بينهم طالبًا يصغرهم بسنوات عدة، وقفوا جميعًا أمامه بتنمُّر، يرمقونه بنظرات حادة كنظرات صقر جائع، فقد كان كل منهم يُمْسِك بجزء من ملابس الصغير إمساكة تهديد ووعيد، ويجذبه نحوه بقوة تكاد تنزع ملابسه عنه أو تمزِّقها، كانوا يصرخون بشتائم بذيئة ويهدِّدون ويتوعدون، أما الصغير فكان ينتفض بينهم كطائر جريح، يبكي أحيانًا ويخبئ عينيه بيديه أحيانًا أخرى، ولا يفتأ يستجدي عطفهم بكلماته التي كان يُتأتئ وهو يتلفَّظ بها، والتي لم تَجِد في أنفسهم أيَّ صدى!
وبدأت جولة أخرى من القتال، عندما جذب واحد من أفراد العصابة المعتدية حقيبة ذلك الصغير عن ظهره، طوّحها في الهواء، وألقى بها بعيدًا عنهم، صرخ الصغير فيه بقوة: أعد لي حقيبتي أيها النذل، فأخذوا يضحكون بطريقة فظة قائلين: ما شاء الله، رجل وتشتم أيضًا! أوقعوه أرضًا وبدأت اللكمات والركلات تنهال عليه من كل حدب وصوب، وهو يستغيث ويصرخ، كان الطلاب الآخرون يَعْبرون الرصيف ويمُّرون من أمام المشهد دون أن يعيروه أدنى انتباه، وكأن شيئًا لا يجري، أو كأنهم صُمٌّ وعميان، سالت الدماء على وجه الصغير، وتمرَّغت ملابسه بالغبار الذي يلوِّث الرصيف، ولم يتوقفوا عن ضربه وإهانته إلا عندما لاحظوا أنه قد فقد الوعي وغدا جثَّة هامدة ملقاة على قارعة الطريق.. جمعوا حقائبهم على عجل وولَّوا هاربين لا يَلْوُون على شيء!
كان صبيًّا لم يتعدَّ التاسعة من عمره، حافيَ القدمين، يركض من جهة إلى أخرى في الشارع ويتنقل من شجرة إلى أخرى، كأنه ساعي بريد موكل بمَهمَّة، وكان كلما مرَّ على شجرة استطاعت يده أن تصل إليها، تشبّث بأغصانها، وكسر ما استطاع منها، أما تلك التي استعصت على الكسر، فكان ينتزع أوراقها بقوة ويقذفها في الهواء ويتركها لتتناثر على الأرض.. وصل إلى شجرة غُرست حديثًا لا زالت غضَّة الساق، ثنى ساقها، ووضعه بين ساقيه كأنه يعتلي حمارًا، هزَّه مرات عدَّة، ثم ضغط عليه أكثر حتى أصبح موازيًا للأرض.. وضع قدميه على نهاية الساق حيث تنغرس الشجرة في الأرض، ألقى بكامل ثقله عليها، ولم يطمئنَّ باله ولم يتزحزح من مكانه حتى سمع صوت خشب ساقها ينهد تحت قدميه.. غادرها ملقاةً على الأرض، ميتة؛ ليكرِّر المَهمة مع شجرة أخرى.. كان الناس يمرُّون من المكان، دون أن يقولوا للصبيِّ: توقَّفْ، أو حتى يُلقوا التفاتةً لما يقوم به!
كان الطلبة يتظاهرون أمام باب الجامعة اعتراضًا على رفع الأقساط الدراسية في ظل الفقر المستشري وغلاء الأسعار والبطالة التي تجتاح البلد، كان رجال الشرطة مدججين بالسلاح كأنهم في ساحة حرب، يرتدون السُتر الواقية، وتتدلى على جانب كل منهم هراوة غليظة، بدأ أحد رجال الشرطة ينادي الطلبة بمكبِّرات الصوت ويأمرهم بالتفرق، وإلا فإنه سيحدث ما لا تحمد عقباه.. لم يستجب الطلبة للتهديدات، وتابعوا وقفتهم وهتافاتهم.. ما أثار حنق الشرطة أن أعداد الطلبة أخذت بالازدياد، فقرروا فض المظاهرة بالقوة، وفعلاً، تم إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، وأخذت الهراوات تضرب يَمنةً ويَسرة، ولا تفرِّق بين الرؤوس أو الأيدي أو الصدور.. ثم استعمل الرصاص المطّاطي.. أصيب كثير من الطلبة بجراح مختلفة، وسقطت فتيات غائبات عن الوعي، واعتقل أيضًا من الطلبة كثيرون، دون أن يغادر رئيس الجامعة مكتبه، أو يكلِّف نفسه عناء الحديث إلى الطلبة وسماع وجهة نظرهم، وقبل أن تنتهي المظاهرة بالكامل كان قد قُتل اثنان من الطلبة تم إرسال طلبات لذويهم لاستلام جثثهم ودفنها ليلاً، ومنعوا من إقامة جنازة ومظاهر عزاء.
إنها السلبية في تناول الأمور أنا لا ألوم على المخطئ لربما هو بحاجة للتوجيه والتقويم إنما لومي على من يشاهد ويصمت دون نصيحة ربما الخوف ربما الظن بأن كل إنسان حر بأفعاله أو بالأحرى ما يفعله بالآخرين فلا يجب علينا التدخل فأين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ أين الدين النصيحة؟ كم من جراءم لم تكن لتحدث لولا صمتنا وتغاضينا عن اسداء النصح او رفع الظلم عمن ظُلم ورد الظالم عن ظلمه للأسف هذا أصبح ديدن حياتنا نغض الطرف عن أمور يجب معالجتها لئلا تستشرى هناك مثل شعبي يقال عندنا يقول قال يا فرعون من فرعنك فقال لم أجد أحدا يردني هكذا نحن نصنع الفرعون ثم نشتكي ظلمه وجبروته سلمت يداكِ فرحتي طرح لامس واقعنا لا حرمتي أجره ودي وتقديري وتحيتي