موضوع: الزواج يحتاج إلى قلوب تفيض بالمودة والرحمة الأربعاء أكتوبر 28, 2020 5:01 am
يقولون إنّ الزواج سترة للبنت. ولكنه في الحقيقة سترة للرجل أكثر. والرجل بدون زواج ضائع، وحين يموت الزوج يستمر البيت قائماً؛ تظل الزوجة ويظل الأولاد من حولها ثمّ يتفرقون ولكنهم يروحون ويجيئون، ولكن إذا ماتت الزوجة فإنّ البيت ينهار، والزوج وحده لا يستطيع أن يدير بيتاً ولا يستطيع أن يعمّر سكناً. ينطفئ البيت ويتفرّق الأبناء. وهذا هو ما جاء ذكره بالقرآن الكريم تحديداً ونصاً: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) (الرّوم/ 21). إذن الزوجة هي السكن، والزوج يسكن لدى الزوجة. إذن الزوج هو ساكن وليس صاحب السكن حتى وإن كان يمتلكه. في الحقيقة هو اشتراه أو استأجره بماله ومسجل باسمه ولكنه مجرد جدران وسقف. السكن شيء أبعد وأعمق من هذا؛ السكن معنى؛ السكن هو سكينة النفس وطمأنينتها واستقرارها؛ السكن هو الحماية والأمن والسلام والراحة والظل والارتواء والشبع والسرور؛ السكن قيمة معنوية وليس قيمة مادية. وإذا ذهبت الزوجة ذهب السكن حتى وإن كان الزوج يعيش في قصر. وهو سكن ليس مجانياً؛ يجب أن يدفع الزوج؛ ولأنّ السكن قيمة معنوية فإنّ الزوج يجب أن يدفع فيه أشياء معنوية، وهو أن يتبادل المودة والرحمة مع الزوجة. فهذا السكن يقام على المودة والرحمة؛ فالمودة والرحمة هما الأساس والهيكل والمحتوى والهواء، وبغياب المودة والرحمة ينهار السكن؛ فلماذا جعلت الزوجة هي السكن؟ الإجابة تأتي من نفس الآية الكريمة (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا) تقول: (خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا) انتبه إلى كلمة أزواجاً ولم يقل نساء؛ أي لا يتحقق إلا من علاقة زواج. لا تحقق إلا إذا تحولت المرأة إلى زوجة. إذن الأصل في الحياة أن يكون هناك زواج. ونكمل الآية الكريمة: (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً). جاء السكن سابقاً على المودة والرحمة. إذ لابدّ للإنسان أن يسكن أوّلاً، أن يختار المرأة الصالحة . فإذا قام السكن جعلت المودة والرحمة. إذن لا يمكن أن تقوم المودة والرحمة إلا من خلال وفي إطار سكن، فإذا أردت أن تسكن فلابدّ أن تتزوج. وإذا تزوجت فلابدّ أن تنعم بالمودة والرحمة. وبالتالي تصبح الزوجة هي أصل المودة وهي أصل الرحمة؛ لأنّها التي وفرّت السكن. فلا دعامة لهذا السكن إلا بالمودة والرحمة. وتأمل الكلمة الربّانية الدقيقة (بَيْنَكُم) لم يقل عزّ وجلّ: جعل لكم وإنما بينكم. وهي تعني أنّها مسألة تبادلية، أي تبادلها الزوج والزوجة أي أنّ المودة والرحمة لا تتحققان إلا من الطرفين...إنما لابدّ من الاثنين معاً... ويتجه الرجل نحو المرأة طمعاً في السكن. ومن الذي يسكن؟ ليس الجسد، وإنما الروح، فروح الرجل تسكن إلى روح المرأة، ثمّ يطمع في المودة والرحمة؛ مودة المرأة ورحمتها، فتهبها له؛ أي أنّ المرأة تسبق الرجل في مودتها ورحمتها أي هي الأساس وهي الأصل. فإذا تلقى مودتها ورحمتها بادلها المودة والرحمة. ويظل الزواج باقياً ومستمراً ما استمرت المودة والرحمة. ولحظة الطلاق هي لحظة الجفاف الكامل للمودة والرحمة وانتزاعها من القلوب. وهناك قلوب كالحجر أو أشد قسوة، وهي قلوب لا تصلح أن تكون مستقراً لأي مودة ورحمة، وبالتالي فهي لا تصلح للزواج. وإذا تزوجت فهو زواج تعيس ولابدّ أن ينتهي إلى الطلاق.