موضوع: الأُخوَّة الجَريحة الإثنين أكتوبر 26, 2020 5:30 am
هناك... في ظلِّ تلك الشجرةِ السَّامقة.. زهراتٌ امتدَّت جُذورُها في أرضٍ نقيَّة طاهرة.. إنها أرضُ المحبَّة والصِّدق، وسُقيت بماءٍ عَذب فُرات، إنه ماءُ الإيمان والإحسان، وما زالت تَنمو وتَكبُر، وتَفوحُ بالطِّيب والعَبير.. ما دامَت مُستَظِلَّةً بشجَرة رضا الرَّحمن..
إنها زهراتُ الأُخوَّة.. الأُخوَّة الصَّادقة في الله.. الأُخوَّة التي تجمعُ القلوبَ، وتُؤنِسُ الأَرواح..
دافعَ من دافع، وثبتَ من ثبت، وفرَّ الشَّيطانُ خاسِرًا مَهزومًا من بعض هَؤلاءِ الثَّابتينَ الصَّامدين، وذهبَ كيدُه هَباء: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}، فحَمى هَؤلاءِ زهراتِهم، فازدادَت نَضارةً وأريجًا؛ بقُوَّة إيمانهم، وصِدق أُخوَّتهم... ولكنَّه لم يَيئَس، فتربَّع على عَرشِه وتَعاظَم أمامَ فَريقٍ آخرَ منهُم.. ضَعُفوا وتَخاذَلوا، فلعِبَ بهم وأضَلَّهُم ضَلالاً كبيرًا: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِْنْسَانِ خَذُولاً} فضيَّع هَؤلاءِ زهراتِهم، وسقَطَت منهُم على قارِعَة الطَّريق، تَدوسُها أقدام الذَّاهِبينَ والعائِدينَ.. وهي تَئِنُّ من عُمقِ الجِراح، وتُرسِل الآهاتِ تَتْرى على أيَّامِ عزٍّ لها ضاعَت، ومَضَت إلى غَير رَجعَة.
فيا أُخواني في الله... ويا أَخَواتي..الأخوَّةَ الأخوَّةَ.. الأخوَّةَ الأخوَّةَ.. حافِظُوا عليها، وتمسَّكوا بها، وحَذارِ حَذارِ أن تُضَيِّعوها..
إنها عُروَةٌ من أَوثَقِ عُرى الإيمان، وسَبَبٌ للفَوز بظِلِّ الله يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه، يومَ لا تُغْني نَفسٌ عن نَفسٍ شيئًا، ولا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنونَ إلَّا مَن أتى اللهَ بقَلبٍ سَليم، يومَ يكونُ الأخِلَّاءُ أعداءً مُتَدابِرينَ مُتَنافِرينَ، إلَّا المُتَّقينَ منهُم الذينَ تآخَوا في الله، وصَدقوا في الحبِّ فيه.