تعرف على احكام ترك الزوج لزوجته واهم حقوقها من الواجب على الزّوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) سورة النساء، 19 ، وقال سبحانه وتعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة البقرة، 228 .
وقد قال النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - لعبد الله بن عمرو بن العاص: (صم وأفطر، ونم وقُم، وصم من الشّهر ثلاثة أيّام، فإنّ الحسنة بعشر أمثالها، فإنّ لنفسك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولضيفك عليك حقاً، فأعط كل ذي حقّ حقّه) رواه البخاري ومسلم .
ومن أشكال العشرة بالمعروف مبيت الزّوج في فراش الزّوجيّة، وأدائه لحقّ الزّوجة عليه، ولا يجوز له أن يترك ذلك إلا بمانع شرعيّ، وقد اختلف العلماء في المدّة التي يجب أن يطء الرّجل فيها زوجته، وقد سئل ابن تيمية عن ذلك فأجاب: يجب على الزّوج أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقّها عليه: أعظم من إطعامها. والوطء الواجب قيل: إنّه واجب في كلّ أربعة أشهر مرّةً، وقيل بقدر حاجتها وقدرته، وهذا أصحّ القولين، والله أعلم.
ومن المعروف أنّ الرّجل يختلف بطبيعته عن المرأة، ومن هنا ذكر الفقهاء وجوب تمكين المرأة زوجها منها في أيّ وقت شاء، حتّى ولو كانت مشغولةً، أو على أيّ هيئة، ما لم تنشغل بذلك عن فرض ما أو تسبّب ذلك في ضررها، وأمّا الرّجل فإنّه لا يترك فراش الزّوجية وقتاً طويلأً يتسبب بضرر المرأة فيه، حيث ذكر الفقهاء أنّ مقدار ما تستطيع المرأة أن تصبره عن زوجها أربعة شهور، وهذا في الحالات الاستثنائيّة، لأنّ حسن المعاشرة لا يتحقّق عند الاقتصار على الواجب، وبالتالي فإنّ الزّوج لا يقوم بواجب إعفاف زوجته كما ينبغي عليه، بل يعطيها الحدّ الأدنى، ومن هنا قرّروا وجوباً أنّ على الزّوج أن يطأ زوجته في ثلث السّنة مرّةً على الأقل. (1)
الزواج
إنّ الزّواج في اللغة هو: عقد التّزويج، ويكون بمعنى وطء الزّوجة، حيث قال أبو علي القالي: فرّقت العرب فرقاً لطيفاً يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا: نكح فلانةً أو بنت فلان أرادوا عقد التّزويج، وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته لم يريدوا إلا الجماع والوطء.
وأمّا معنى الزّواج في الشّرع فهو: تعاقد بين رجل وامرأة يقصد به استمتاع كلّ منهما بالآخر، وتكوين أسرة صالحة، ومجتمع سليم، ومن هنا يتضح أنّ عقد الزّواج لا يقصد به الاستمتاع فقط، بل له معنىً آخر وهو تكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم، ومن الممكن أن يغلب واحد من المقصدين على الآخر، وذلك حسب اعتبارات معيّنة، وحسب حال الشّخص. (3)
شروط عقد الزواج
إنّ من أهمّ شروط عقد الزّواج، ما يلي:
- التّراضي: حيث أنّ عقد الزّواج هو عقد اختياري، ولا يجوز أن يتمّ فيه إكراه طرف على الآخر، وذلك لأنّه متعلق بحياة كلا الطرفين، ومستقبلهما، وبالتالي لا يجوز أن يدخل أيّ من الأطراف فيه مكرهاً، فأمّا الرّجل فلا خلاف في ذلك، وأمّا المرأة فالأساس في ذلك هو قول النّبي صلّى الله عليه وسلّم: (الثّيب أحقّ بنفسها من وليّها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها) رواه الجماعة إلا البخاري عن ابن عباس .
- الوليّ: حيث أنّ ولاية المرأة في عقد الزّواج أمر مستنكر، وهو وسيلة للفساد باسم النّكاح، وبالتالي فإنّ الشّارع قد اشترط أن يباشر عقد النّكاح عن طريق ولي أمر المرأة، سواءً أكان أبوها، أم أخوها، أم الأقرب فالأقرب إليها، وولي المرأة يكون أقرب النّاس الأحياء إليها حسب الترتيب، وقد اشترط الشّارع وجود الولي، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (لا نكاح إلا بولي) ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (أيّما امرأة نكحت (أي تزوجت) بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحلّ من فرجهان فإن اشتجروا فالسّلطان وليّ من لا وليّ له) رواه الخمسة إلا النّسائي .
- الشّاهدان: ويشهد شاهدان عدلان على العقد لتتمّ صحّته، وهذا رأي عامّة أهل العلم، وقد أفتى بذلك كلّ من ابن عباس، وعمر، وعلي رضي الله عنهم، ومن التابعين أفتى بذلك كلّ من ابن المسيّب، والشّعبي، والأوزاعي، ومن الأئمّة الأربعة أفتى بذلك كلّ من أحمد، وأبو حنيفة، والشّافعي.
- المهر أو الصّداق: وهذا شرط من شروط الشّارع حتى يكون عقد النّكاح صحيحاً، فيجب أن يقدّم الرّجل مهراً للمرأة، والحكمة المستقاة من ذلك أنّ المهر يكون عبارة عن هديّة للمرأة، وشكل من أشكال تطييب خاطرها، وهو ملك خاصّ لها، ومن الممكن لها أن تتنازل عن جزء منه أو كله لزوجها، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ? فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) سورة النساء، 4 ، ومعنى ذلك أنّ صداق المرأة أو مهرها يعدّ هديّةً لها، وهو أمر واجب لأنّه قد صرّح به في هذه الآية، وأكّدتها بعد ذلك السّنة النّبوية، وإذا تنازلت عنه أو عن جزء منها لزوجها فإنّ ذلك أمر جائز، ما دام الأمر قد تمّ بإذنها وتحت رغبتها.
- الإحصان: لأنّ من شروط الزّواج أن ينكح المسلم امرأةً مسلمةً عفيفةً، أو كتابيّةً عفيفةً، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (الزّاني لا ينكح إلا زانيةً أو مشركةً، والزّانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك، وحُرّم ذلك على المؤمنين)، وقد جاء النّكاح في هذه الآية بمعنى الزّواج.
- الكفاءة: أي وجود تكافؤ بين الزّوجين كشرط من شروط صحة زواجهما، ومن ذلك أمور اعتبرها الشّارع أساساً وقام باعتمادها، ومنها ما تركه، ومنها ما حسّنه وأرشد إليه.
- الصّيغة: قام بعض العلماء باشتراط صيغة في عقد الزّواج تدلّ على الإيجاب والقبول، وأمّا الإيجاب فيعني: طلب الزّوج من المرأة أو وكيلها الزّواج. وأمّا القبول فيعني: رضا الزّوجة بصفة تدلّ على ذلك أو العكس، كأن تقول المرأة أو وكيلها أرضى بك زوجاً، فيقول الرّجل وأنا قبلت. وقد اشترط علماء آخرون أن يكون العقد باللغة العربيّة ليكون عقداً صحيحاً. (2)
حقوق الزوجة
إنّ للزوجة حقوقاً على زوجها، منها: (4)
- أن ينفق عليها، ويطعمها، ويكسيها، ويسكنها بالمعروف، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلا في البيت)، والمقصود بذلك عدم تحويلها إلى بيت آخر يهجرها فيه.
- أن يستمتع بها، أي يطئها ولو مرّةً كلّ أربعة شهور، وذلك في حال كان عاجزاً على قدر اكتفائها منه، وذلك للآية التي ذكرت مفهوم وتعريف ومعنى الإيلاء في سورة البقرة: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سورة البقرة، 226 .
- أن يقسم لها بالعدل في حال كان متزوّجاً بغيرها من النّساء، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن كانَت لَهُ امرأَتانِ يميلُ لإحداهُما علَى الأُخرى جاءَ يومَ القيامةِ أحَدُ شقَّيهِ مائلٌ) المحلى لابن حزم .
- أن يأذن لها بتمريض محارمها في حال مرضوا، أو أن تشهد جنازتهم إذا ماتوا، فيما لا يضرّ بمصالح زوجها.
حقوق الزوج
إنّ من حقوق الزّوج على زوجته ما يأتي: (4)
- أن تطيعه في أيّ أمر معروف، ولا تطيعه في مصية الله عزّ وجلّ، لأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
- أن تصون عرضه، وتحفظ ماله، و أن تستأذنه عند الخروج من بيته، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) سورة النساء، 34 ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (خير النّساء إذا نظرت إليها أسرّتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك) عمدة التفسير .
- أن تسافر معه إن أراد ذلك، وهذا في حال لم تشترط هي في عقد الزّواج عدم سفرها.
- أن تسلم نفسها إليه في حال طلب أن يستمتع بها، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا دعا الرّجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) رواه البخاري .
- أن تستأذنه إذا أرادت أن تصوم في حال كان غير مسافر، وذلك لقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا يحلُّ لامرأةٍ أن تصوم وزوجُها شاهدٌ إلا بإذنِه، و لا تأذَنْ في بيتِه إلا بإذنِه (غيرُ رمضانَ) ) رواه الألباني .
أفندينا ♛ و فرح يعجبهم هذا الموضوع