موضوع: هل يصح نسبة قصيدة يا سيد السادات للإمام أبي حنيفة الأربعاء أغسطس 12, 2020 8:45 am
هل يصح نسبة قصيدة يا سيد السادات للإمام أبي حنيفة رقم الفتوى: 106704
شارك أحد الأعضاء في موقعي بهذا الموضوع المنسوب للإمام أبي حنيفة النعمان: قصيدة يا سيد السادات لأبي حنيفة النعمان كتب أبو حنيفة هذه القصيدة ليتقرب بها من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لينشدها بين يديه في أثناء زيارته ، و لم يطلع عليها أحد. فلما وصل إلى المدينة المنورة، سمع المؤذن ينشدها على المئذنة،! فعجب من ذلك و انتظر المؤذن. فسأله: لمن هذه القصيدة؟!. قال :لأبي حنيفة. قال: أتعرفه؟. قال: لا. قال: و عمن أخذتها؟!. قال: في رؤياي أنشدها بين يدي المصطفى صلى الله عليه و سلم، فحفظتها و ناجيته بها على المئذنة. فدمعت عينا أبي حنيفة.. يا سيد السادات جئتك قاصدا أرجو رضاك و أحتمي بحماكا و الله يا خير الخلائق إن لي قلبا مشوقا لا يروم سواكا و بحق جاهك إنني بك مغرم و الله يعلم أنني أهواكا أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ كلا و لا خلق الورى لولاكا أنت الذي من نورك البدر اكتسى و الشمس مشرقة بنور بهاكا أنت الذي لما رفعت إلى السما بك قد سمت و تزينت لسراكا أنت الذي ناداك ربك مرحبا ولقد دعاك لقربه وحبا كا أنت الذي فينا سالت شفاعة ناداك ربك لم تكن لسواكا أنت الذى لما توسل آدم من زلة بك فاز وهوأ باكا وبك الخليل دعا فعادت ناره بردا وقد خمدت بنور سناكا ودعاك أ يوب لضر مسه فأزيل عنه الضر حين دعاكا وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا بصفات حسنك مادحا لعلاكا وكذاك موسى لم يزل متوسلا بك في القيامة محتم بحماكا والأنبياء وكل خلق في الورى والرسل والأملاك تحت لواكا لك معجزات أعجزت كل الورى وفضائل جلت فليس تحا كي نطق الذراع بسِمه لك معلنا والضب قد لباك حين أتاكا والذئب جاءك والغزالة قدأتت بك تستجير وتحتمى بحماكا وكذا الوحوش أتت إليك وسلمت وشكى البعير إليك حين رآكا السؤال : هل هذه القصة حقيقة، وهل القصيدة فعلاً كتبها الإمام أبي حنيفة وكيف أرد على هذا العضو؟؟؟ وحزاكم الله خيرا
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لم ترد هذه القصيدة بسند صحيح إلى أبي حنيفة، ومحتواها ينافي اعتقاد أبي حنيفة في النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي فهي مكذوبة عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه القصيدة قد وردت في بعض الكتب التي لا تتوخى الصحة في النقل ككتاب المستطرف للأبشيهي، وهو كتاب مليء بالأساطير والخرافات التي لا يصدق مثلها عاقل.
ولا تخفى خيوط الأسطورة في القصة التي ابتدأ بها التقديم للقصيدة.
وعلى أية حال، فإن ما ورد في القصيدة هو من الغلو المنهي عنه في النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن فيها والعياذ بالله ما قد يجعل عقيدة معتقده في خطر شديد. هذا وفي البخاري عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، ولكن قولوا: عبد الله ورسوله. قال ابن القيم: فهو أعظم الخلق عند الله وأرفعهم منزلة، وذكره سبحانه بصفة العبودية في أشرف مقام مقام الدعوة والإسراء.
وأبو حنيفة -رحمه الله- هو أحد الأئمة الأربعة الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وشهد لهم عامة المسلمين بأنهم على هدى من ربهم.
ولا يتصور في حقه أنه يمدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عنه. وبالتالي فهذه القصيدة مكذوبة عليه، وراجع الفتوى رقم:70409، والفتوى رقم: 14616.
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وبعد : فقد انتشرت في الآونة الأخيرة في موجة النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أبياتا تنسب للإمام أبي حنيفة مطلعها:
يا سيد السادات جئتك قاصدا ... أرجو رضاك وأحتمي بحماكا والله يا خير الخلائق إنّ لي ........... قلبا مشوقا لا يروم سواكا وحق جاهك إنني بك مغرم ................ والله يعلم إنني أهواكا أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ ........ كلّا ولا خلق الورى لولاكا أنت الذي من نورك البدر اكتسى ......والشمس مشرقة بنور بهاكا أنت الذي لمّا رفعت إلى السما ....... بك قد سمت وتزينت لسراكا أنت الذي ناداك ربك مرحبا ............ ولقد دعاك لقربه وحباكا أنت الذي فينا سألت شفاعة ............ناداك ربك لم تكن لسواكا أنت الذي لمّا توسل آدم ................. من ذنبه بك فاز وهو أباك وبك الخليل دعا فعادت ناره ........... بردا وقد خمدت بنور سناكا ودعاك أيوب لضر مسّه ................ فأزيل عنه الضر حين دعاكا وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا ........... بصفات حسنك مادحا لعلاكا وكذاك موسى لم يزل متوسّلا ............. بك في القيامة مرتج لنداكا والأنبياء وكلّ خلق في الورى ........... والرسل والأملاك تحت لواكا لك معجرات أعجزت كل الورى ........ وفضائل جلّت فليس تحاكى ..................إلخ
أقول: هذه أبيات اشتهرت عن الإمام أبي حنيفة في مدح رسول الله و قد حوت كثيرا من المخالفات الشرعية و المنكرات البدعية كالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه لولاه ما خلق الله الخلائق وغيرها من المنكرات وهذه النسبة للإمام أبي حنيفة باطلة يردها أمور:
أولا: أن هذه الأبيات إنما هي لمحمد بن أحمد بن منصور الأبشيهي أبو الفتح (المتوفى: 852هـ) ذكرها في كتاب المستطرف في كل فن مستطرف (1/237) دار عالم الكتب نسبها لنفسه ولم يعزها لغيره.
و مما يؤيد هذا أن له قصائد مماثلة في مدح النبي صلى الله عليه و سلم ففي كتاب معجم أعلام شعراء المدح النبوي ص(56)" الأبشيهي صاحب كتاب «المستطرف» المتوفى عام 852 هـ/ 1448 م. له مجموعة قصائد نبوية منها قصيدة مطلعها [من الكامل]: كرم الشفعاء](ثم ذكر أبياتا منها «هذا الذي نطق الحصى بيمينه ال ... ميمون تسبيحا فصدّق وانقل هذا الذي عقد اللواء بمجده ال ......... سامي وآدم تحته في محفل هذا الذي سمع النّدا من ربّه ........... يوم القيامة قد قبلت فأقبل هذا الذي يس من أسمائه ............. وكذاك طه بالنداء من العلي يا أكرم الشفعاء يا خير الورى...... ... يا منتهى الآمال يا نعم الولي حاشا نزيلكم يضام وشأنكم .......... حفظ الذّمام وعقدكم لم يحلل»
ثانيا: لم تصح هذه الأبيات للإمام أبي حنيفة بسند ثابت صحيح وقد اعترف بهذا حتى من هو مخالف لأهل السنة من الأحناف فقد نقل د. عبدالحكيم الأنيس أنه سأل د عبد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - فقال: "لا تصح. وهو غير مُسْتَبْعَدٍ عليه نظمُ الشعر، ولكنه لم يُعْرَفْ عنه أنّه قاله". انظر مقاله -الإمام أبو حنيفة والشعر -في النت.
ثالثا: قلت ومما يؤيد عدم صحة نسبة هذه الأبيات أنها تتضمن أمورا لايقول بها الإمام و لايدين بها من ذلك ما جاء في النظم:
أنت الذي لمّا توسل آدم ... من ذنبه بك فاز وهو أباك
"فقد جاء في "الدر المختار" "2/630" -وهو من أشهر كتب الحنفية - ما نصه: عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، والدعاء المأذون فيه، المأمور به ما استفيد من قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .
ونحوه في "الفتاوى الهندية" "5/280". وقال القُدوري1 في كتابه الكبير في الفقه المسمى "بشرح الكرخي" في "باب الكراهة": قال بشر بن الوليد حدثنا أبو يوسف قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: بمعاقد العز من عرشك، أو بحق خلقك، وهو قول أبي يوسف، قال أبو يوسف: معقد العز من عرشه هو الله، فلا أكره هذا، وأكره أن يقول: بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام والمشعر الحرام، قال القُدوري: المسألة بخلقه2 لا تجوز لأنه لا حق للخلق على الخالق، فلا تجوز وفاقاً. نقله شيخ الإسلام في "القاعدة الجليلة" وقال الزبيدي في "شرح الإحياء - 2/285": "كره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام، ونحو ذلك، إذ ليس لأحد على الله حق، وكذلك كره أبو حنيفة ومحمد أن يقول الداعي: اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك "انظر التوسل للألباني ص(47). وجهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية(2/ 1123).
أسأل الله أن ينفع بهذه الكلمات من يقرؤها إنه ولي ذلك والقادر عليه وسبحانك اللهم و بحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
استدراك: نزيد بعض الأمور بيانا من ذلك: قولي في العنوان أبياتا شركية لما في مقدمتها من الاستعاذة و الاستغاثة بغير الله ففي النظم قوله :يا سيد السادات جئتك قاصدا ... أرجو رضاك وأحتمي بحماكا...و كذلك قوله:والله يا خير الخلائق إنّ لي ... قلبا مشوقا لا يروم سواكا ...ففيه إخلاص المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره إلا أن نقول أن الكلام فيه تجوز و أن ذلك بالنسبة للمخلوقات لكن سد الذرائع في هذا الباب واجب وقد قال النبي المصطفى صلى الله عليه و سلم: لمن قال ما شاء الله و شئت" أجعلتني لله ندا"!!!!
وأما التنبيه الثاني أني غفلت عن سياق كلام الأبهيشي قبل ذكره للأبيات ففيه صريح النسبة له فقد قال:"ولما حججت وزرته صلى الله عليه وسلم، تطفلت على جنابه المعظم وامتدحته بأبيات مطولة، وأنشدتها بين يديه بالحجرة الشريفة تجاه الصندوق الشريف وأنا مكشوف الرأس، وأبكي من جملتها" ثم ذكر الأبيات ..هذا ما انتهى إليه حد علمي ومن عنده إضافة فيها إفادة حول النسة فليفدنا وبارك الله فيكم.