موضوع: أصحاب الأهواء هم أهل الخلاف والشقاق الأربعاء أغسطس 12, 2020 8:41 am
أصحاب الأهواء هم أهل الخلاف والشقاق 126818
السؤال لماذا الإسلام مُقسّم إلى العديد من الفرق ، كالشيعة و السنة و السلفية ؟
نص الجواب
الحمد لله أولا : مما ينبغي أن يعلم أن الإسلام دين التوحيد ؛ قد جاء بتوحيد الله ، الذي هو أصل الأصول في هذا الدين ، وأمر باجتماع الناس كلهم على ذلك ، ونبذ دواعي النزاع والشقاق ، ونهى أشد النهي عن التفرق والاختلاف ، قال الله تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) آل عمران/103 ثم قال تعالى بعدها : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران/105 وقال سبحانه : ( وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال/46 وقال تعالى : ( وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) الروم/31، 32 . وقرأ حمزة والكسائي: ( فارقوا دينهم ) "حجة القراءات" (278) – "تفسير القرطبي" (14/ 32)
والنصوص في الباب كثيرة لا تحصى ، والمقصود التنبيه على أن الإسلام لم يأت بالفرقة ، وإنما جاء بضدها من الألفة والاجتماع ، ولكن على الحق ، وهذا هو مفترق الطريق .
فالاجتماع مشروط بكونه على الحق ، ورد الخلاف مشروط بكونه إلى الحق ، فلما اختلفت أهواء الناس وتعددت مشاربهم ، تشتتت مفاهيمهم حول دعوة الإسلام ، ومن طلب الحق بدلائله يجدها لا تزال دعوة غضة طرية ، لا تشوبها شائبة ، ولا يعيبها عيب .
لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حال الأمة من بعده بقوله : ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ) رواه أبو داود (4607) وابن ماجة (44) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة وعند ابن ماجة : ( قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ ) فأمر بالتمسك بالسنة دينا ، وأقر الاختلاف في الأمة قدرا ، ورده إلى السنة شرعا ، ووصف محدثات الأمور بأنها ضلالة ، وهو ما يتوافق مع ما تقدم من النصوص .
فالإسلام لا ينقسم إلى فرق يخالف بعضها بعضا ، ويعادي بعضها بعضا ، ولكن الناس هم الذين يختلفون بقدر بعدهم عن الدين ، وتركهم سنة نبيهم ، واتباعهم لأهوائهم .
روى ابن ماجة (3992) وابن أبي عاصم في السنة (53) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة وسبعون في النار ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة ، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، فواحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار ) قيل : يا رسول الله ، من هم ؟ قال : ( هم الجماعة ) . صححه الألباني في الصحيحة (1492) وفي رواية : ( ما أنا عليه وأصحابي ) رواه الترمذي (2641) وحسنه .
ثانيا : أهل السنة ، أو السلفية ، وهما إطلاقان مترادفان ، هم المستمسكون باتباع كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والمتابعون لهدي السلف الصالح ، في أقوالهم ، وأفعالهم ، وأحوالهم ؛ وهذا من أصول الخلاف بينهم وبين غيرهم من الطوائف ، أعني : أن يصدرون في كل شيء عن نص الكتاب والسنة ، أولا ، لا سيما في مسائل الاعتقاد ، ويراعون طريق السلف الصالح في ذلك كله ، ويقدمون ذلك كله على نتائج أفكار العقول ، وما تقوله الفلسفات البشرية ، فيما ليس من طاقة البشر من أمور الغيب . وينظر : إجابة السؤال رقم (6280) ، (10121) . والله أعلم .