موضوع: لحظات سكنت وجدي". الإثنين مايو 25, 2020 6:42 pm
إنها لحظات سكنت وجدي المثقل وسكونها من نوعٍ آخر , فقد حطمت كل معلمٍ للراحة والسكون ومسحت كل أثرٍ لذلك , ورحبت بالضد المعاكس ! لم أكن أعلم بأنّ الشوق قاتلٌ إلى هذا الحد .. ولوعلمتُ لما طرقت له باباً قط .. لو علمت .. ما أحببت أحداً في هذا الوجود .. رغم الحاجة الفطرية لهذا المعنى ! لو علمت .. لسافرتُ بعيداً حيث لا أحد من البشر والماديات إلاّ ” أنا ” ! لو علمت .. لأهديتُ قلبي الضعيف لأحد أولئك الجنود القساة ! ولجحدته يوم العبور من ذات المكان بعد خمسين عام ! .
. . رغم كل هذا لا أنكر بأن للشوق مذاقٌ مختلف , إنّ وجود هذا المعنى في حياتنا يدفعنا لنعرف تفاصيل جديدة لم نكن نعلمها , تفتح لنا آفاقاً واسعة المدى غيبنا أنفسنا عنها.. ” وبين السطور ماخفي من الكلام ! يحار القلم كيف يخرجه ! “ ثمّة شوق حين يتأجج لهيبه لا يخبو ! بل يزداد وتمتد شعلته المضيئة أكثر فأكثر ! . ذاك هو شوق الغريب لسماحة الانتماء بكافة أنواعه وبكل مافيه من معاني جزلة يحتاجها كلّ واحدٍ منّا . وثمّة إنسان مهما شعر بانتمائه زادت غربته فيظل يسافر هارباً منها , علّه ينتهي إلى مطاف ٍ أخير ! ولكنّ الحكاية تخبرنا بأن حنينه غير الحنين , وشوقه لا ينطفئ البتة , وبمجرد مثاليات مزعومة ما أنزل الله بها من سلطان قُدِمتْ له أو وصل إليها بعرقٍ من جبينه لم ينضب …! كلاّ ..! شوقه موصول بالسماء بعيداً عن جمع البشر الصاخب .. ومادة زائلة لامحالة ! يشدّ الحبل تارة ويرخيه تارة أخرى وما أشده من ألم يجتاحه , حينما يرتخي الحبل , ثمّ لايجد حيلةً تشدُّ من جسده وروحه , ويظل الهدف ينازعه فيعيش حالة عصيّة فيها مافيها من ألمٍ واضطراب , وتظل الذكريات تؤنسه برهة من الوقت , فيشتاق وينهض ليواصل رحلته من الغربة إلى الهدف ! وهكذا دواليك حتى ينتهي إلى محطة أخيرة , إما النجاح فيفرح , وإما الرسوب فيترح ! والله غفور رحيم